حذر رئيس مجلس إدارة بنك "جيه بي مورغان تشيس" ورئيسه التنفيذي جيمي ديمون، المستثمرين ونصحهم بالاستعداد لـ"إعصار" اقتصادي في الولايات المتحدة حيث يكافح أكبر اقتصاد في العالم مجموعة غير مسبوقة من التحديات، بما في ذلك تشديد السياسة النقدية إثر الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وقال ديمون خلال مؤتمر مصرفي برعاية "أليانس بيرنستين هولدينغ"، إن "الإعصار انطلق وفي طريقه إلينا... ولا نعرف ما إذا كانت عاصفة صغيرة أم إعصار هائل (مثل ساندي)، لكن من الأفضل أن نستعد حالياً"، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ".
تصريحات ديمون، جاءت بعدما قال في اجتماع المستثمرين الخاص بأكبر بنك في الولايات المتحدة الشهر الماضي: "سحب عاصفة" تلوح في الأفق على الاقتصاد الأميركي، غير أنه راجع توقعاته، مؤخراً، في ضوء التحديات التي يواجهها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الذي يحاول فيه كبح جماح التضخم. وحث الفيدرالي على اتخاذ إجراءات قوية لتجنب إيقاع الاقتصاد الأميركي في براثن الركود.
كما تأتي تصريحات ديمون بعد يوم من لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لبحث التضخم، الذي يحوم حول أعلى مستوى له في 40 عاماً.
اتخاذ إجراءات حاسمة
ويتعرض مجلس الاحتياطي لضغوط لاتخاذ إجراءات حاسمة للحد من معدل تضخم يزيد ثلاثة أضعاف عن هدفه البالغ 2 في المئة وأدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشدة على الأميركيين.
وتابع رئيس مجلس إدارة بنك "جيه بي مورغان" ورئيسه التنفيذي: "على الفيدرالي أن يلبي ذلك الآن برفع الفائدة والتشديد الكمي. أرى أنه لا بد لهم من اللجوء إلى التشديد الكمي. فلا خيار أمامهم لأن هناك قدراً كبيراً جداً من السيولة في النظام المالي". وأضاف: "في الوقت الحالي، الأمور تسير على ما يرام، ويعتقد الجميع أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يمكنه التعامل معها".
خفض الاقتصاديون في "جيه بي مورغان"، الشهر الماضي توقعاتهم للنمو للنصف الثاني من عام 2022 إلى 2.4 في المئة من 3 في المئة، وللنصف الأول من عام 2023 إلى 1.5 في المئة من 2.1 في المئة وللنصف الثاني من عام 2023 إلى 1 في المئة من 1.4 في المئة.
وقال ديمون، إن "جيه بي مورغان" يستعد لهذا الاضطراب من خلال اتباع سياسة متحفظة في ميزانيتها العمومية. مضيفاً: "أريد نوعاً ما التخلص من الودائع غير التشغيلية مرة أخرى، وهو ما يمكننا القيام به من حيث الحجم، لحماية أنفسنا حتى نتمكن من خدمة العملاء في الأوقات الصعبة"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر ديمون أن انخفاض أسعار الأسهم وارتفاع معدلات الرهن العقاري وارتفاع الدولار مقارنة بالشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إلا أن قوة المستهلك، والأجور المتزايدة، ووفرة الوظائف باعتبارها علامات مضيئة في الاقتصاد.
نقطة محورية
وأصبحت معركة التضخم النقطة المحورية في جدول أعمال بايدن لشهر يونيو (حزيران) وسط تراجع شعبيته وقبل انتخابات الكونغرس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وهزت حالة عدم اليقين بشأن سياسة البنك المركزي الأميركي والحرب في أوكرانيا واضطرابات سلاسل التوريد لفترات طويلة بسبب جائحة "كورونا"، فضلاً عن ارتفاع عوائد الخزانة، أسواق الأسهم العالمية، حيث انخفض المؤشر "ستاندرد أند بورز 500" في بورصة "وول ستريت" بنسبة 13.3 في المئة منذ بداية العام.
وجهة نظر معاكسة
وفي وجهة نظر معاكسة لديمون، أصدر بنك "جيه بي مورغان" مذكرة تتوقع انتعاشاً تدريجياً للأسهم الأميركية في عام 2022، مرجحاً أن ينهي مؤشر "أس أند بي" العام دون تغيير، حيث يشير البنك إلى أن المستثمرين قاموا بالفعل بتسعير السياسة النقدية الأكثر تشدداً للفيدرالي.
وأضاف أكبر بنك أميركي أنه لا يتوقع حدوث ركود اقتصادي عالمي مع إعادة فتح اقتصادات العالم بعد الجائحة وتحفيز الحكومة الصينية للاقتصاد.
تهديدات التضخم
يأتي ذلك فيما حذرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين من استمرار التضخم، قائلة، إنها كانت مخطئة في الماضي بشأن التكهن بالمسار الذي سيتخذه التضخم، لكنها قالت، إن ترويض ارتفاع الأسعار يأتي على رأس أولويات بايدن، وإنه يدعم إجراءات مجلس الاحتياطي الاتحادي لتحقيق ذلك.
وذكرت يلين في مقابلة مع شبكة "سي.أن.أن"، عما إذا كانت قد أخطأت بالتقليل من شأن التهديد الذي يشكله التضخم في البيانات العامة خلال العام الماضي، قالت يلين "أعتقد أنني كنت مخطئة في ذلك الوقت بشأن المسار الذي سيتخذه التضخم".
تشديد السياسة النقدية
وفي تقرير حديث، توقع "بنك أوف أميركا" أن يوقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية المشددة في سبتمبر (أيلول) المقبل، إذا حدث تراجع للتضخم أو هدوء التدهور الاقتصادي.
وقال البنك، إن التوقف المؤقت في سبتمبر سيترك سعر الفائدة في نطاق 1.75 في المئة إلى 2 في المئة، مضيفاً أن هناك تغييراً ملحوظاً في تصريحات بعض مسؤولي الفيدرالي الذين يقترحون خفض وتيرة رفع الفائدة أو التوقف في وقت لاحق من هذه السنة.
ورفعت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وهي لجنة من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي المسؤولين عن السياسة النقدية، أسعار الفائدة الأميركية بمقدار 0.5 في المئة الشهر الماضي لمحاولة كبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 40 عاماً، فيما لفت المسؤولون إلى أنهم سيرفعون الفائدة بنفس القدر مرة أخرى في اجتماعاتهم في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز).
كان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قد بدأوا في تقليص ميزانيتهم العمومية الهائلة بوتيرة شهرية قدرها 47.5 مليار دولار لتصل إلى 95 مليار دولار في سبتمبر، في عملية تُعرف أيضاً بالتشديد الكمي.
وبدأ الاقتصاد الأميركي بالفعل في التباطؤ استجابة للتحفيز النقدي الأقل، بحسبما ورد في تقرير البنك الاحتياطي الفيدرالي "بيج بوك" حول الظروف الاقتصادية الإقليمية.