شهدت عطلة الأسبوع في تونس أحداثاً ساخنة، فقد انطلق الحوار الوطني، السبت، الرابع من يونيو (حزيران)، وأعلن القضاة إضراباً، ووقعت صدامات بين الشرطة ونحو مئة متظاهر احتجوا في تونس العاصمة على الاستفتاء الذي يعتزم الرئيس قيس سعيد تنظيمه في يوليو (تموز) المقبل بعد عام من إجراءاته التي تعتبرها المعارضة "انقلاباً".
ومنعت الشرطة متظاهرين من الاقتراب من مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي غيّر سعيد طريقة اختيار أعضائها، وعيّن رئيسها بنفسه، وهو إجراء يعتبرون أن هدفه بسط سيطرته على المؤسسة.
ورفع بعض المشاركين في الاحتجاج الذي نظمته خمسة أحزاب صغيرة لافتات كُتب عليها "هيئة الرئيس = هيئة التزوير".
الجلسة الأولى من الحوار الوطني
وعُقدت الجولة الأولى لجلسات الحوار الوطني في تونس، السبت، وقد اتفق المشاركون على وضع مقترحات حلول للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتصوّرات لدستور جديد للبلاد.
وقال الرئيس المنسق لـ"الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة" صادق بلعيد، في تصريح للصحافة، إنه طُلب من المشاركين في الجلسة الأولى من الحوار الوطني تقديم مقترحاتهم وتصوّراتهم بخصوص الاقتصاد الوطني للسنوات الـ40 المقبلة.
وأضاف أنه سيتم، بعد ورود مقترحات المشاركين في الجلسة، دمج مختلف النقاط والتصورات المقترحة في مسودة واحدة في شكل رؤوس أقلام، لتكون منطلقاً للجلسة الثانية المرتقب عقدها يوم السبت المقبل.
القضاة يضربون أسبوعاً
واحتجاجاً على قرار الرئيس سعيد بعزل عشرات القضاة، قرر القضاة في تونس تعليق العمل بالمحاكم لمدة أسبوع والدخول في اعتصام.
وعزل سعيد الأسبوع الماضي 57 قاضياً اتهمهم بالفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب، في أحدث تحرك للرئيس لإحكام قبضته على السلطة في البلاد.
وكشف القاضي حمادي الرحماني عن أن القضاة صوّتوا بالإجماع، في اجتماع عقد السبت، على تعليق العمل في جميع المحاكم والبدء في اعتصام.
وقال أنس الحمايدي رئيس جمعية القضاة إن الإضراب سيبدأ يوم الاثنين في جميع المؤسسات القضائية، ويمكن تمديده.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن بين القضاة الذين تم فصلهم يوسف بوزاخر، الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى الذي استبدل سعيد أعضاءه هذا العام بمجلس مؤقت.
وكان المجلس بمثابة ضامن لاستقلال القضاء منذ ثورة 2011 في تونس التي جلبت الديمقراطية، لكنه واجه انتقادات بأن مسؤوليه على علاقة وطيدة بأحزاب سياسية.
وفي جلسة حضرها مئات القضاة، قال بعض القضاة الذين عزلهم سعيد إن عملية التطهير جاءت بعدما رفضوا تدخلات من وزيرة العدل وفي بعض الحالات من المحيطين بالرئيس.
وقال الحمايدي، "هذا الظلم لن يمر في صمت. هذه الأصوات الحرة لن يتم إسكاتها أبداً (ما جرى) لم يكن هجوماً على القضاة فحسب، بل على دولة القانون وعلى الحريات".
ودعا راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب المنحل في بيان "القوى الوطنية والأحزاب والمجتمع المدني للوقوف إلى جانب القضاة في مقاومة الديكتاتورية حفاظاً على استقلال القضاء".
وأثار عزل القضاة غضباً دولياً، وقالت واشنطن إن هذه الخطوة تقوض المؤسسات الديمقراطية في تونس.
موقف سعيد
ويقول سعيد إنه يتخذ إجراءات لصالح البلاد في مواجهة التعطيل السياسي والاقتصادي، وقد احتكر منذ 25 يوليو 2021 كل السلطتين التنفيذية والتشريعية وبات يقود البلاد بمراسيم وأوامر رئاسية، ما يثير مخاوف من النزوع الاستبدادي في مهد "الربيع العربي".
وأعلن الرئيس التونسي عن خريطة طريق من المفترض أن تُخرج البلاد من الأزمة، تنص على إجراء استفتاء على دستور جديد في 25 يوليو وانتخابات تشريعية في 17 ديسمبر (كانون الأول).
وكان الرئيس سعيد قد منح نفسه في 22 أبريل (نيسان) الماضي سلطة تعيين ثلاثة من أعضاء هيئة الانتخابات السبعة من بينهم رئيسها، ثم عيّن في 9 مايو (أيار) عضو الهيئة فاروق بوعسكر رئيساً لها محل نبيل بافون الذي انتقد قرارات يوليو 2021.
وتتهم المعارضة رئيس الجمهورية بالانحراف بالبلاد نحو الاستبداد والرغبة في تشكيل هيئة انتخابية طيّعة قبل الاستفتاء والانتخابات التشريعية.
لكن كثيراً من التونسيين يدعمون تدابيره بشأن مؤسسات يرون أنها لم تفعل شيئًا يذكر لتحسين حياتهم في العقد الذي أعقب انتفاضة 2011 التي أطاحت الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وإضافةً إلى الأزمة السياسية، تعاني تونس صعوبات اقتصادية خطيرة أبرزها التضخم المتسارع، والبطالة المرتفعة. وتحاول البلاد المثقلة بالديون الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة لا تقل عن أربعة مليارات دولار.