لا تزال حادثة العثور على جثتي شابين في أحد أجزاء طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية تثير الجدل والاستياء، لا سيما مع تداول فيديو لهما وهما يتحدثان عن الرحلة باتجاه مدينة برشلونة الإسبانية، وفي حين لم يتم الكشف عن ملابسات القضية إلا أن الرأي العام يترقب نتائج التحقيقات ورد فعل السلطات.
ونزل خبر وفاة شابين داخل طائرة، كالصاعقة على المسؤولين باختلاف مستوياتهم ومجالاتهم في الجزائر، وفتحت أبواب التساؤل والتخوف من حقيقة التغطية الأمنية في المطارات.
وخلفت الحادثة تساؤلات عدة حول كيفية وصول الشابين الى أرضية المطار والصعود إلى داخل الطائرة في ظل الإجراءات الأمنية، لا سيما وأن هذه الحادثة تكررت بعد العثور في شهر مارس (آذار) الماضي على مراهق تمكن من السفر من مدينة قسنطينة إلى باريس متخفياً داخل مخزن أمتعة الطائرة. كما يتحدث البعض عن استغلال غير إنساني من أطراف تشجع على الهجرة غير الشرعية من خلال تلقيها أموالاً مقابل تهريب الشابين.
وأكدت المديرية العامة للأمن الجزائري في بيان العثور على جثتي شابين (20 و23 سنة)، موضحة أن الطائرة كانت متوقفة على أرضية مطار هواري بومدين الدولي، في الجزائر العاصمة، وبينت أن التحقيق مفتوح تحت إشراف وكيل الجمهورية لتحديد ظروف الحادث.
ونشرت وسائل إعلام محلية صوراً لطائرة من طراز "إيرباص 330" محاطة بمركبات للشرطة والحماية المدنية، قالت إنها لعملية انتشال جثتي شابين حاولا الهجرة بطريقة غير نظامية على متن الطائرة غير أنهما توفيا اختناقاً بسبب نقص الأوكسجين.
معلومات جديدة
وفي السياق، تحصلت "اندبندنت عربية" على معلومات جديدة بخصوص الحادثة، حيث أوضح مصدر على علاقة بالقضية، رفض الكشف عن هويته، أن اكتشاف جثتي الشابين المنحدرين من منطقة "حمادي" التابعة لمحافظة بومرداس القريبة من العاصمة الجزائر، جاء بعد تقدم عائلاتهما من مصالح الأمن في مطار "هواري بومدين" الدولي، ليلة الجمعة، وقدموا فيديو للشابين يتبادلان الحديث وهما في الجزء المخصص لتخزين الأمتعة بالطائرة، ويطلبان الدعاء بالوصول سالمين معافين إلى برشلونة الإسبانية على الرحلة المقررة منتصف النهار، وفق ما جاء في الفيديو.
وأضاف المصدر أن مصالح مطار "هواري بومدين" قامت على الفور بالتحقيق والتحري بين الطائرات، حيث تمكن أحد الضباط الأمنيين ومن خلال تفاصيل الفيديو، تمييز الطائرة المعنية بين الثالثة والرابعة من فجر يوم السبت الماضي، ليتم العثور على جثتي الشابين اللذين استطاعا التسلل الأربعاء بطريقة ما زالت التحريات لم تكشف عنها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن الطائرة قامت برحلة إلى فرنسا وعادت في نفس اليوم، لتقوم برحلة أخرى نحو برشلونة الإسبانية في اليوم التالي وعادت في اليوم نفسه، ثم رحلة إلى دبي حيث قضت ليلة في الإمارات لتعود في اليوم التالي، وقال إنه طيلة مدة الرحلات لم يتم اكتشاف الجثتين. مضيفاً أنه من المرجح أن تكون وفاة الشابين حصلت أثناء الرحلة الأولى إلى فرنسا.
تواطؤ
في الشأن نفسه، رفض رئيس الاتحاد العام للجزائريين بالمهجر، سعيد بن رقية، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إرجاع الحادثة إلى الضعف الأمني وإنما "إلى تواطؤ داخل المطار، لأنه من غير المعقول أن يصل الشابان إلى الطائرة ويتمكنا من الاختفاء في أحد أجزائها، على الرغم من وجود عدة حواجز أمنية، وعليه فإن الأمر مفتعل ويستدعي فتح تحقيق لخطورته"، مشدداً على أن الهجرة غير الشرعية في الجزائر لم تعد مرتبطة بمشكلات اجتماعية أو سياسية كما يجري تداوله، بل بفكر خاطئ من أجل دفع الشباب للمغامرة نحو المجهول.
ويتابع بن رقية، "أن الشابين على الأرجح دفعا 100 مليون سنيتم أي ما يعادل 7000 دولار، وهو تقريباً نفس المبلغ الذي يدفعه كل من يسعى للهجرة عبر القوارب بطريقة غير شرعية، وعليه فمن غير المنطقي أن من يملك رأس مال بأكثر من 7000 دولار أن يصنف في خانة المعاناة".
سلسلة من الإقالات
وجاءت حادثة مطار هواري بومدين، بعد سلسلة من الإقالات والفضائح التي طاولت قطاع النقل، بدأت بإنهاء مهام الرجل الأول في القطاع، عيسى بكاي، في مارس الماضي من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، "لارتكابه خطأ فادحاً في ممارسة مهامه"، وفق ما جاء في بيان الرئاسة، وتم تكليف وزير الأشغال العمومية كمال ناصري بتسيير الوزارة بالنيابة.
وفي 31 مايو (أيار) الماضي تمت إقالة المدير العام لمطار الجزائر، طاهر علاش، وتعيين عمر حليس مديراً عاماً خلفاً له، وبعدها بأيام في 2 يونيو (حزيران) الجاري، أنهى وزير النقل عبدالله منجي، مهام الرئيس المدير العام لشركة النقل البحري للمسافرين، كمال إيسعد بأمر من تبون، حيث جاء في بيان الرئاسة، أن إنهاء المهام طاول أيضاً مسؤول محطة التوقف للشركة نفسها بالجزائر العاصمة، كمال إيداليا، وذلك بسبب سلوكهما المسيء لصورة الجزائر، والمضر بمصالح المواطنين.
ترقب
وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها عملية اختراق في مطارات الجزائر، فقد سبق أن سجل مطار قسنطينة، شرق البلاد، في مارس الماضي، اختباء شاب في الجزء السفلي لطائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية، ونجح في الوصول إلى مطار "شارل ديغول" بفرنسا في حادثة أحدثت حالة طوارئ على مختلف المستويات.
وفي خضم الأحداث والطوارئ الحاصلة، تتجه أنضار الجزائريين إلى الرئيس تبون وتترقب عقوبات وإقالات وقرارات تضع حداً لكل التأويلات وتعيد الاعتبار لمؤسسة المطار، وقد تكشف عن "خيانات" تستهدف الطعن في المؤسسة الأمنية بهدف التشويش على صورة البلاد.