Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات الأميركية: فرصة أم كابوس للنظام الإيراني؟

من شأن أداء طهران التأثير في هذا الاستحقاق مثلما حدث عام 1980 عندما عملت طهران لمصلحة الجمهوريين

الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر خلال زيارة له إلى ايران قبل انتصار الثورة الإيرانية ( اندبندنت فارسية) 

ملخص

في مثل هذه الانتخابات المهمة التي ستجري قريباً يبدو أن النظام الإيراني بصدد الاستفادة من تكرار فرصة حدثت قبل 44 عاماً بالتزامن مع الاستحقاق الانتخابي في أميركا.

الولايات المتحدة الأميركية مقبلة على أحد أهم الانتخابات المصيرية في البلاد، فعودة الرجل الجمهوري دونالد ترمب من شأنها أن تحدث تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية والمحلية في الولايات المتحدة الأميركية كما هي الحال بالنسبة إلى وصول أول امرأة ديمقراطية إلى المنصب الرئاسي على رأس أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم.

في كلا الحالتين وعندما يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستوري في الـ20 من يناير (كانون الثاني) 2025 سنرى أميركا مختلفة، وهذا الاختلاف يؤثر في مصير وموقع عدد من البلدان.

في مثل هذه الانتخابات المهمة التي ستجري قريباً يبدو أن النظام الإيراني بصدد الاستفادة من تكرار فرصة حدثت قبل 44 عاماً بالتزامن مع الاستحقاق الانتخابي في أميركا.

في مثل هذه الأوقات عام 1980 عندما كان التنافس محتدماً بين الديمقراطي جيمي كارتر والجمهوري رونالد ريغان، كانت إيران قد أقدمت على خطف 52 دبلوماسياً أميركياً كرهائن في طهران.

وكان موضوع إطلاق سراح الدبلوماسيين الأميركيين الذين احتجزتهم إيران قبل عام من عقد الانتخابات من شأنه التأثير على نتيجة الانتخابات لمصلحة أحد المرشحين.

في تلك الأيام كان الغضب من اعتقال الدبلوماسيين الأميركيين يأخذ منحى تصاعدياً في جميع أرجاء الولايات المتحدة الأميركية، وكانت العملية الفاشلة لجيمي كارتر لاستعادتهم بالقوة قد فشلت، كما لم تؤد المفاوضات إلى نتيجة.

النظام الإيراني كان مطلعاً على هذا التأثير، وقد استثمر موقفه للتأثير على الانتخابات الأميركية.

لم يقدم النظام الإيراني على إطلاق سراح الرهائن قبل الانتخابات، وكان الدبلوماسيون الـ52 الذين احتجزتهم إيران 444 يوماً قد أطلق سراحهم قبل يوم من أداء ريغان اليمين رئيساً للبلاد في الـ21 من يناير عام 1981 لكي ينال ريغان شرف هذا الحدث الكبير.

بالعودة إلى تلك الفترة التي شهدناها عام 1980، فهل ينوي النظام الإيراني الذي يمر بأكثر الأوقات حساسية والظروف المرتبطة ببقائه أو استمراره، التأثير في الانتخابات الأميركية لمصلحته؟

خلال أزمة الرهائن ذهبت إيران وأميركا حد الحرب. وقال كارتر وقتها في مقابلة مع قناة "سي أن بي سي" إن سبب عدم انتخابه هو تجنبه شن هجوم عسكري على إيران. قال حينها "كان بإمكاني محو إيران من خريطة العالم بقوة السلاح لكن هذه العملية تؤدي إلى قتل مزيد من الأبرياء".

لكن الوثائق التي نشرت عام 2023 تشير إلى أن المفاوضات بين النظام الإيراني وأميركا بوساطة ألمانية لم تؤد إلى نتيجة، وكان النظام الإيراني يرى في فوز الجمهوريين وهزيمة الديمقراطيين مصلحة له.

وكتبت وقتها صحيفة "إشبيغل" أن مساعد الخارجية الأميركية وارن كريستوفر، وهانز ديتريش غينشر من الحزب الليبرالي في ألمانيا الغربية، خاضا مفاوضات مع ممثل إيران صادق طباطبايي.

وذكرت أن كريستوفر وارن منح إيران ضماناً بعدم الهجوم على طهران في حال قبلت إطلاق سراح الرهائن، كما تعهد بإعادة نحو 6 مليارات دولار ومخزون من الذهب في حال الإفراج عنهم، كما اتفق الجانبان على التعاون للتصرف في ممتلكات وأموال شاه إيران السابق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد أشار كارتر إلى هذا الموضوع في مذكراته وقد أكد أن الخميني كان على اطلاع بصورة مباشرة بهذه المفاوضات.

لكن في وقت كان الجانبان يقتربان فيه من الاتفاق، أقدم النظام الإيراني على مغادرة المفاوضات في أكتوبر (تشرين الأول) ذلك العام في أداء مفاجئ.

وقد أجرى الكونغرس تحقيقاً في شأن تدخل الجمهوريين لفوز دونالد ريغان في الانتخابات، لكن صحيفة "نيويورك تايمز" أعلنت قبل عام نقلاً عن جون كانلي حاكم ولاية تكساس عام 1980، وهو من السياسيين المتنفذين في الولايات المتحدة الأميركية، أنه نقل رسالة إلى طهران في شأن المساعدة في هزيمة كارتر فقلت لهم "لا تطلقوا سراح الرهائن الأميركيين قبل الانتخابات، بعد فوزه سيقدم ريغان لكم عرضاً أفضل".

وكان المسؤولون الإيرانيون قد استأنفوا المفاوضات مع الأميركيين بالفعل عام 1981 في الجزائر، وفي نهاية المطاف حررت واشنطن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة.

في هذه المرة يبدو أن النظام الإيراني ينوي مرة أخرى خوض تجربة لا تخدم مصالح الشعب بل النظام نفسه وذلك من خلال التأثير في الانتخابات الأميركية.

ونحن نقترب من الساعات الأخيرة للانتخابات الأميركية التي يتابع الشعبان الإيراني والإسرائيلي بقلق نتائجها خشية وقوع حرب كبيرة.

وكانت إسرائيل قد ردت على الهجوم الصاروخي الإيراني في الـ26 من أكتوبر بهجوم استهدف المراكز العسكرية والأنظمة الدفاعية في منشآت الطاقة الإيرانية، وقد أكد النظام الإيراني مقتل أربعة عسكريين ومدني واحد في الهجوم.

وفي الوقت الحالي تهدد إيران بهجوم أوسع من السابق على إسرائيل، وقد كرر التهديدات مرشد النظام علي خامنئي وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني.

في حين يبدو أن الجانبين يستعدان لمثل هذا الهجوم، ذكر موقع "أكسيوس" القريب من الديمقراطيين نقلاً عن مسؤول أميركي، أن إدارة جو بايدن وجهت تحذيراً لإيران من شن هجوم آخر على إسرائيل وقد أكد لها أنها هذه المرة لا يمكنها احتواء إسرائيل، مما يعني أن الهجوم المقبل قد يكون ضد المنشآت النووية الإيرانية وستدخل الحرب مرحلة أخرى، وقد تدخل الولايات المتحدة الأميركية الحرب لدعم إسرائيل في حربها المباشرة ضد طهران.

ومع الحديث عن قرب الهجوم الإيراني على إسرائيل، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأميركية أمس الأحد إرسال 12 من مقاتلات "بي 52" الإستراتيجية إلى القاعدة الأميركية في قطر.

البدء بالحرب قد يفتح الباب أمام أميركا لخوض مواجهة في الشرق الأوسط، وقد تؤثر في آراء الديمقراطيين وإلحاق الضرر بكامالا هاريس.

الجيل الشاب في الولايات المتحدة الأميركية يضم غالبية يعبرون عن دعمهم للحزب الديمقراطي ولديهم ميول يسارية، وقد نظموا عدداً من التظاهرات ضد استمرار الحرب في غزة ومقتل الفلسطينيين.

وتشكل معارضتهم للحرب ودعم بايدن وهاريس لما يجري في غزة ضعفاً لمعسكر هاريس الانتخابي، وقد تجلى هذا الجدل في عدد من التجمعات الانتخابية إذ طرح الحاضرون أسئلة جريئة تحدوا فيها كامالا هاريس.

ويشكل عدم الوضوح الذي تلجأ إليه إدارة بايدن والهرب من الرد على أسئلة الداعمين للحزب من جيل الشباب، تحديات أساسية في ما يتعلق بتطورات الشرق الأوسط وبخاصة أن هذه التطورات انتقلت إلى لبنان.

وفي هذه الأثناء يؤكد دونالد ترمب أنه بفوزه في الانتخابات سيعمل على إنهاء حربي غزة وأوكرانيا وتحرير الرهائن الإسرائيليين.

وسبق أن هاجم ترمب النظام الإيراني في الحملات الانتخابية السابقة خلافاً للحملة الحالية، وقد أكد في مقابلة أنه لا ينوي تغيير النظام الإيراني وأن الشعب الإيراني هو المسؤول عن تغيير حكومته.

هذه الرسائل قد تحث النظام الإيراني على الرغبة بفوز ترمب للعمل على وضع خياري الحرب والسلام على الطاولة من أجل استغلالها خدمة لمصالحه.

ولكن هذا القمار قد يؤدي إلى كارثة للنظام الإيراني بسبب عدم امتلاك أوراق كبيرة.

ما تبقى من خيارات خلال الساعات القليلة المقبلة هو وقف إطلاق النار في غزة الذي من شأنه التمهيد لإطلاق سراح الرهائن، هذا من شأنه التمهيد لفوز كامالا هاريس ويسبب حرجاً لمعسكر الجمهوريين الذين يبحثون عن فرصة لإعادة النظر في الإستراتيجيات المتعلقة بالشرق الأوسط.

وقد أكد الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان هذه الرغبة في الاجتماع السابق للحكومة إذ قال "إنهم يعلمون أنه إذا ما ارتكبوا أي خطأ ضد النظام الإيراني سيتلقون صفعة على الفم، وإذا ما أعادوا النظر وقبلوا بوقف إطلاق النار ووقف قتل الأبرياء في المنطقة سنعيد النظر في طبيعة ردنا وحدّته".

النظام الإيراني يفكر بتأجيل الهجوم على إسرائيل وتحمل النتائج إلى فترة بعد وصول ترمب إلى السلطة، إلا إذا أقدم بايدن على وقف الحرب قبل الانتخابات الحالية.

في هذه الانتخابات التي تشير فيها الاستطلاعات إلى فوز ترمب، قد يؤدي التحرك الإيراني إلى التأثير في الانتخابات في هذا البلد لكن لا ضمان لتحقيق نتيجة تنتهي لمصلحة النظام الإيراني.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من آراء