معلوم أن صناعة الجعة تستخدم كثيراً من المياه ("أتش 2 أو" H2O)، إذ تشكل ما يزيد على 90 في المئة من هذا المشروب. لذا، في عالم يتهدده شح المياه بشكل متزايد نتيجة أزمة المناخ، ارتأت سنغافورة أن تجرب شيئاً مختلفاً بغية التصدي لهذه المشكلة. وتعتمد المحاولة برمتها على مياه الصرف الصحي.
تقدم هيئة المياه في سنغافورة مشروب جعة مصنوعاً في معظمه من مياه الصرف الصحي. قبل استخدامها في إنتاج الجعة الاستوائية الشقراء، تمر مياه الصرف الصحي بعملية معالجة بغية تصفيتها وإزالة الملوثات والشوائب منها، والحصول تالياً على مياه "فائقة النظافة" صالحة للاستهلاك.
لذا عوض استخدام مخزونات المياه البالغة الأهمية، تلبي المياه المعاد تدويرها ما تحتاج إليه الجعة من ماء، الذي يشكل 95 في المئة منها.
سبق أن قطعت سنغافورة شوطاً في معالجة مياه الصرف الصحي وأنتجت "نيووتر" NEWater [المياه الجديدة]، التي يصار إلى ضخها مجدداً في شبكة الأنابيب وتستخدم بشكل أساس في القطاع الصناعي وأجهزة تكييف الهواء.
تذكر الهيئة الوطنية للمياه المسؤولة عن معالجة مياه الصرف الصحي أنها تلجأ إلى هذا الحل كي تحمي إمدادات المياه من الطقس الجاف.
خلال فترات الجفاف، تضاف مياه الصرف الصحي المعاد تدويرها إلى الخزانات، حيث تعالج المياه وتستخدم كمياه صنبور لتلبية الحاجات اليومية.
وتشكل "نيوبرو" NEWBrew [التخمير الجديد] جعة مصنوعة يدوياً لها "مذاق شبيه بالعسل المحمص"، وفق وصفها، وتشكل طريقة أخرى لري ظمأ سنغافورة وفي الوقت نفسه حماية مواردها المائية.
في الواقع، تتعاظم أهمية هذه المشاريع في خضم أزمة المناخ التي تفاقم خطر موجات الجفاف. وقد حذر التقرير الأحدث الصادر من "اللجنة الدولية لتغير المناخ" منطقة جنوب شرقي آسيا من هذه المخاطر.
وتشكل ندرة المياه تهديداً عالمياً مع ارتفاع درجات الحرارة. الشهر الماضي، حذرت "الأمم المتحدة" من أن ولداً من بين كل أربعة أولاد قد يعيش في ظروف من شح المياه بحلول 2040 بسبب الآثار المترتبة على أزمة المناخ.
وبالعودة إلى الجعة المصنوعة من مياه الصرف الصحي المعالجة، وبغض النظر عن أهدافها البيئية، يبدو أن من يحتسونها يحبون طعمها.
قال أحد هؤلاء في تصريح إلى "بي بي سي" (هيئة الإذاعة البريطانية) إن احتساء هذ الجعة "ممتع قطعاً ولا يترك أي إحساس مزعج. إذا أردت، ربما يمكنني أن أشرب كثيراً منها".
*نشر المقال في "اندبندنت" بتاريخ 27 مايو 2022
© The Independent