حذر البنك الدولي من أن الاقتصاد العالمي معرض لخطر الوقوع في فخ "التضخم المصحوب بالركود" على غرار السبعينيات. وقد خفض توقعاته للنمو ودق ناقوس الخطر بشأن تزايد حالات التخلف عن سداد الديون السيادية.
وفي توقعاته الاقتصادية الأولى منذ الحرب في أوكرانيا، قال البنك الدولي، إن هجوم روسيا على أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة والتباطؤ في الصين عوامل من شأنها أن "تضر" بالنمو الاقتصادي في السنوات المقبلة.
وخفض البنك، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، من توقعاته للنمو العالمي بنسبة 4.1 في المئة في يناير (كانون الثاني) إلى 2.9 في المئة هذا العام، انخفاضاً من نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.7 في المئة في عام 2021، عندما انتعش الاقتصاد العالمي من عمليات إغلاق "كوفيد-19".
وقال ديفيد مالباس، رئيس البنك الدولي، "بالنسبة إلى عديد من البلدان، سيكون من الصعب تجنب الركود"، مضيفاً أنه على أساس نصيب الفرد، يمكن أن تقع عديد من البلدان في منطقة النمو الصفري إذا ما ظهرت مخاطر هبوط".
وقال البنك، "خطر التضخم المصحوب بركود كبير اليوم" بين عامي 2021 و2024، من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي بمقدار 2.7 نقطة مئوية، أي أكثر من ضعف التباطؤ بين عامي 1976 و1979.
وأضاف، "من المرجح أن يستمر النمو الضعيف طوال العقد بسبب ضعف الاستثمار في معظم أنحاء العالم. ومع ارتفاع التضخم الآن إلى أعلى مستوياته منذ عقود في عديد من البلدان، من المتوقع أن ينمو العرض ببطء، وهناك خطر أن يظل التضخم أعلى لفترة أطول مما هو متوقع".
وعانت التسع عشرة دولة في منطقة اليورو من أكبر انخفاض في النمو منذ توقعات يناير، إذ انخفضت التوقعات بنسبة 1.9 نقطة مئوية لتوسيع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5 في المئة هذا العام. وبحسب توقعات البنك، سينخفض النمو الاقتصادي الأميركي إلى 2.5 في المئة هذا العام بعد نمو 5.7 في المئة في عام 2021.
"الأميركي" يقلص ميزانيته و"الأوروبي" ينهي التيسير الكمي
وقال مالباس، إنه يجب معالجة الأزمة التضخمية من خلال زيادة إنتاج السلع التي تضررت من عمليات الإغلاق الصينية الجديدة والاضطرابات التجارية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا "بشكل كبير". ودعا البنوك المركزية إلى إلغاء التسهيلات التي حددت أكثر من عقد من السياسة النقدية منذ الأزمة المالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "يجب أن يكون هناك تخفيض في حيازات السندات لدى البنوك المركزية الكبرى، وهو ما سيوفر بعد ذلك رأس المال للشركات الصغيرة والبلدان النامية من خلال النظام المصرفي".
وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تقليص ميزانيته العمومية هذا العام، ومن المرجح أن يؤكد البنك المركزي الأوروبي نهاية حقبة التيسير الكمي الشامل هذا الشهر. وأعلن بنك إنجلترا أنه سيبدأ مبيعات السندات النشطة إذا ما سمحت ظروف السوق في وقت لاحق من هذا العام.
وقال البنك الدولي، الذي يركز على الدول النامية، إن أفقر البلدان تواجه بالفعل وطأة الانكماش العالمي، الذي يهدد بالتسبب في نقص مزمن في الغذاء ومجاعة في مناطق مثل أفريقيا جنوب الصحراء التي تعتمد على واردات الحبوب من أوكرانيا. ودعا البنك الدول الغنية إلى تقديم إعفاء كاسح من ديون الدول منخفضة الدخل، وهي العملية التي توقفت العام الماضي في أعقاب الخلافات بين الدائنين الأغنياء بما في ذلك الصين والهند.
تخفيف عبء الديون عن الدول الفقيرة
وقال مالباس، إن هناك حاجة لإحياء صيغة المحادثات الدولية لتخفيف عبء الديون التي يمكن أن تجمع الدائنين الكبار في العالم "حتى يتسنى للبلدان [التي تعاني أزمة ديون] أن يكون لها بعض الضوء في نهاية النفق".
وقال البنك، "مع انتشار أزمة الديون إلى البلدان المتوسطة الدخل، يتزايد الخطر على الاقتصاد العالمي... يجب أن يكون تخفيف الديون سريعاً وشاملاً وكبيراً من أجل تقليل عبء الديون والمخاطر على النمو في المستقبل".
وكانت حقبة الثمانينيات قد اتسمت بموجة من التخلف عن سداد الديون السيادية في الاقتصادات ذات الدخل المنخفض التي عانت الزيادة السريعة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وقال البنك إن هذه الحادثة التاريخية تخاطر بتكرار نفسها، مع إعلان التخلف عن السداد بالفعل في الاقتصادات المنكوبة مثل سريلانكا في مايو (أيار) الماضي.
مقارنة مع الركود التضخمي في السبعينيات، لاحظ البنك الدولي الاختلافات الرئيسة في أزمة أسعار الطاقة اليوم. وقال التقرير إن الزيادات الحالية في أسعار النفط لا تزال أقل من الحجم الذي شوهد قبل 50 عاماً، ويمكن للاقتصاد العالمي أن يتباهى ببنوك مركزية مستقلة قوية مع تفويضات قوية لاستهداف التضخم.