قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير سري للدول الأعضاء، إن مفتشي الوكالة بدأوا، الخميس، عملية إزالة الكاميرات ومعدات المراقبة الأخرى التابعة لها، وفقاً لما قررته إيران في وقت سابق، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
وذكر التقرير أنه "في التاسع من يونيو 2022، أزال مفتشو الوكالة كاميرات المراقبة التابعة لها من مركز طهران للأبحاث، ومن ورشتي عمل لصنع أجزاء أجهزة الطرد المركزي في أصفهان"، مضيفاً أن الكاميرات والبيانات التي تم جمعها منها تم تخزينها بمعرفة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تلك المواقع.
ونددت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الخميس، بالخطوات التي اتخذتها إيران لإزالة جميع معدات المراقبة التابعة لوكالة الطاقة الذرية، قائلة، إن هذه الخطوة تلقي بظلال من الشك على رغبة طهران في إحياء الاتفاق.
وقالت الدول الثلاث في بيان، "هذه الإجراءات لا تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع وتعقيد جهودنا للعودة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)... كما تلقي بمزيد من الشك على التزام إيران بنجاح الجهود" لإحياء الاتفاق.
ودعت إيران إلى "إنهاء التصعيد النووي" و"القبول الآن بشكل عاجل بالتسوية المطروحة على الطاولة" منذ مارس (آذار) لإحياء اتفاق 2015 الذي يُفترض أن يمنع إيران من صنع قنبلة ذرية.
وفي وقت سابق الخميس، نددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقرار إيران "إغلاق 27 كاميرا" لمراقبة أنشطتها النووية، محذرة من "ضربة قاضية" للمحادثات حول هذا الملف الشائك في حال استمر التعطيل.
وقال المدير العام للوكالة رفائيل غروسي خلال مؤتمر صحافي في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، إن هذا الإجراء "يشكل بطبيعة الحال تحدياً كبيراً لقدرتنا على مواصلة العمل هناك".
وكانت إيران قد أعلنت، الأربعاء، وقف العمل بكاميرتَين على الأقل تابعتين للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة نشاطاتها النووية، بعد تبني مجلس محافظي الوكالة قراراً ينتقدها على عدم تعاونها.
"إجراء سياسي"
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، إن "إيران تستهجن المصادقة على مشروع القرار المقترح من قبل أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في اجتماع (...) لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وتعتبر ذلك، "إجراء سياسياً خاطئاً وغير بناء".
وهذه الانتقادات الأولى لإيران منذ يونيو (حزيران) 2020، وافق عليها الأربعاء 30 من أعضاء مجلس حكام الوكالة، ولم تصوت ضدها سوى روسيا والصين، مع امتناع 3 بلدان هي: الهند، وباكستان، وليبيا.
وجاء القرار بعدما عبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقراً لها، عن قلقها بشأن آثار يورانيوم مخصب عثر عليها سابقاً في ثلاثة مواقع لم تعلن طهران وجود أنشطة نووية فيها.
"استفزازات" طهران
وأعربت واشنطن عن قلقها من "استفزازات" طهران، وحذرت على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن من "أزمة نووية متفاقمة" و"زيادة العزلة الاقتصادية والسياسية لإيران".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت الخارجية الإيرانية في بيانها، أن "المصادقة على القرار المذكور الذي جاء بناء على تقرير متسرع وغير متوازن للمدير العام للوكالة ومعلومات كاذبة ومفبركة من قبل الكيان الصهيوني لا نتيجة لها سوى إضعاف مسيرة تعاون وتعامل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الوكالة".
وإضافة إلى تعطيل الكاميرات، أبلغت إيران الوكالة بأنها اتخذت خطوات أخرى من ضمنها نصب جهازي طرد مركزيين في موقع نطنز، بما يعزز بشكل كبير قدرتها على تخصيب اليورانيوم.
وانتقد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده القرار. وكتب في تغريدة على "تويتر"، إن لدى إيران "البرنامج النووي السلمي الأكثر شفافية في العالم". وتابع، "المبادرون مسؤولون عن العواقب. رد إيران حازم ومتناسب".
وأوضح غروسي، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة التثبت من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، قادرة على مواصلة عمليات المراقبة والتفتيش ولديها أدوات أخرى للقيام بذلك، لكن قرار طهران يؤدي إلى "شفافية أقل وشكوك أكبر".
كانت إيران قبل صدور القرار حريصة على تجنب المواجهة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن هذه المرة أظهر الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي غضبه.
وقال رئيسي، "لن نتراجع عن مواقفنا لأن إصدار مثل هذه القرارات لم يجدِ نفعاً ولم يحقق أهدافه"، وفق ما نقلت عنه وكالة "إرنا" الرسمية.
ضربة قاضية
وقال غروسي، إن الأمور إذا استمرت على هذا النحو، لن تكون الوكالة "في غضون ثلاثة أو أربعة أسابيع" قادرة على توفير المعلومات اللازمة حول متابعة البرنامج النووي الإيراني.
واعتبر أن هذا الأمر "سيشكل ضربة قاضية" للاتفاق المبرم في عام 2015 والذي ينص على الحد من أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات الدولية عنها.
وأبرمت طهران مع القوى الكبرى اتفاقاً بشأن برنامجها النووي في 2015، أتاح رفع عقوبات مقابل تقييد أنشطتها وضمان سلمية البرنامج.
إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترمب وأعادت فرض عقوبات على طهران في إطار سياسة "ضغوط قصوى". وردت إيران بعد عام ببدء التراجع عن العديد من التزاماتها الأساسية، أبرزها مستويات تخصيب اليورانيوم.
وانطلقت المحادثات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي في أبريل (نيسان) 2021، وحققت تقدماً قبل أن يطالها الجمود في مارس، مع تبقي نقاط تباين بين الطرفين الأساسيين طهران وواشنطن.
وهذه التطورات الجديدة "ستزيد بالتأكيد الضغط على المفاوضات للدفع نحو اتخاذ قرار في اتجاه أو في نقيضه"، وفق ما أفاد الباحث في "مبادرة التهديد النووي" الأميركية إريك بروير، وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي إيران الرازحة تحت وطأة العقوبات الاقتصادية، دعا إبراهيم أحمد بور، البالغ 60 عاماً، السلطات إلى "التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وشدد على ضرورة التحرك "كي لا تتفاقم المشاكل بشكل أكبر ولكي يعيش الشعب بسلام وازدهار".