أمر قاضي التحقيق بالقطب الجزائي الاقتصادي والمالي في الجزائر، بوضع المدير العام للمؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، بالإضافة إلى مدير التسويق والشحن، والمدير التجاري للمؤسسة ذاتها، رهن الحبس المؤقت، وإخضاع مسؤولين آخرين لالتزامات الرقابة القضائية. وقال بيان جهاز العدالة، إنه عملاً بأحكام الفقرة الثالثة من المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية، تُعلم نيابة الجمهورية لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، الرأي العام، أنه تم فتح تحقيق إثر ورود معلومات تتعلق بـ"وقائع فساد أدت لإلحاق أضرار بالمواطنين وبالمؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين"، تخص رحلة الباخرة الجزائرية "باجي مختار 3" من ميناء مارسيليا في فرنسا، إلى ميناء الجزائر بتاريخ 2 يونيو (حزيران) 2022، إذ تم تسجيل 72 مسافراً على متنها و25 سيارة فقط، في حين أنها تتسع لـ1800 مسافر وأكثر من 600 سيارة، وذلك على الرغم من وجود عدد كبير من المسافرين الراغبين للتسجيل في الرحلة.
وأوضح البيان، أنه "تم بتاريخ 2 يونيو 2022، فتح تحقيق أولي في الوقائع ذات الطابع الجزائي، بتكليف مصالح الضبطية القضائية من أجل تحديد المسؤولين جزائياً"، ما أفضى إلى أن "الأمر يتعلق بالمدير العام للمؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، ورئيس قسم التسويق والشحن، ورئيس محطة التوقف بالمؤسسة، والمدير التجاري لذات المؤسسة، ونائب المدير العام للشركة، ورئيسة خلية تطوير أنظمة الإعلام الآلي المتعلق بالحجوزات، ورئيسة الإدارة العامة للشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين بفرنسا، ورئيس الاستغلال للشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين بفرنسا".
تهم ثقيلة
وتابع القطب الجزائي أنه بعد استكمال التحقيق الأولي، تم تقديم المشتبه فيهم أمام نيابة الجمهورية بتاريخ 9 يونيو 2022، حيث تمت متابعة المتهمين وكل من يكشف عنه التحقيق، بتهم التبديد العمدي والاستعمال على نحو غير شرعي لممتلكات وأموال عمومية، واستغلال النفوذ وإساءة استغلال الوظيفة والمنصب على نحو يخرق القوانين والتنظيمات بغرض منح منافع غير مستحقة للغير، وعدم التصريح بالممتلكات والثراء غير المشروع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلص البيان إلى أنه و"بعد استجواب المتهمين عند الحضور الأول، أصدر قاضي التحقيق الجمعة، أوامر بإيداع مدير الشركة كمال إيسعد، ومسؤول قسم التسويق والشحن ومحطة التوقف للشركة كمال إيداليا، والمدير التجاري في الشركة، رهن الحبس المؤقت إلى حين محاكمتهم، فيما تم إخضاع باقي المتهمين لالتزامات الرقابة القضائية". ولم تتمكن "اندبندنت عربية" الاتصال بالمحامين بسبب عدم تداول اسماءهم. وذكر أحد الحقوقيين ان القانون يمنع النبش في القضية على اعتبار ان التحقيق متواصل وأي تناول من شأنه التاثير على سير التحقيق، كذلك سعت "اندبندنت عربية" الى أخذ وجهة نظر المتواجدين تحت الرقابة القضائية لكن رفض الجميع التجاوب مع الطلب.
تداول فيديوهات يكشف المستور
وتفجرت القضية بعد تداول مقاطع فيديو تكشف مغادرة باخرة "باجي مختار" من ميناء مارسيليا الفرنسي إلى ميناء الجزائر، شبه خاوية، ما عدا 75 مسافراً و25 سيارة فقط، وهي التي تتسع لـ1800 مسافر و600 سيارة. وما زاد من استنفار السلطات مشاهد المهاجرين الجزائريين بفرنسا، وهم في رحلة بحث عن تذاكر عودة إلى ديارهم، بلغت حد تسجيل مشادات وصدامات في بعض الوكالات استدعت تدخل الجهات الأمنية الفرنسية، كما عرفت أخرى طوابير طويلة لأيام، بينما قضى آخرون ليالي في العراء من أجل الظفر بتذكرة، وهي الصورة التي تداولتها مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
"عمل تخريبي"
وفي السياق، يعتقد المحلل السياسي، أمين الصادق، أن ما تعرضت له الشركة من "عمل تخريبي"، لا يمكن أن يُحصر في خانة العمل المعزول تحت عنوان الخطأ المهني أو استغلال نفوذ أو خيانة الأمانة، مثل ما جاء في عريضة الاتهام الموجهة للمتهمين، وقال إنه بات من الواضح أن من يعرقل الحركة الاقتصادية في البلاد يملك مشروعاً وأجندة يتم تنفيذهما تحت غطاء كيان مواز للدولة، يملك من النفوذ والانتشار ما يمكّنه من الإفلات من المساءلة والعقاب في كل مرة، وإلا كيف نفسر تعطيل آليات الاستشعار المبكر حول ممارسات بعض الإطارات العليا؟ كما أن طريقة التوظيف في الشركات والمؤسسات الاقتصادية، تجعل ولاء الموظف للجهة التي وظفته وليس للشركة التي تدفع له راتبه أو حتى لضميره المهني.
ويتابع الصادق، أنه "حسب العديد من الدراسات والاستطلاعات، معظم الموظفين في المؤسسات الاقتصادية السيادية في الجزائر تم انتدابهم بطرق غير شرعية كالجهوية والمحسوبية والنفوذ وغيرهم، وهذا النوع من التوظيف لا يراعي إطلاقاً معايير الكفاءة والنزاهة المطلوبة، بل يفتقر إلى الحد الأدنى من المواصفات الواجب توفرها في الموظف العادي فما بالك بالمسؤول؟". مشدداً على أن الجالية الجزائرية في الخارج تتعرض إلى ظلم كبير من طرف بعض مسؤولي الشركتين العموميتين للنقل البحري والجوي، بالإضافة للخدمات الضعيفة وغلاء التذاكر، ولا شك أن هناك من يتستر على هذه الممارسات ويمنع وصولها إلى صانع القرار، بدليل استمرار العبث بشكل ممنهج بمصالح ومشاعر الجالية من دون حسيب ولا رقيب. وأوضح أن هذا التدمير الممنهج الذي تتعرض له الشركات العمومية للنقل الدولي متنوع ومتعدد الأشكال، لذا أصبح حلها أو إعادة هيكلتها من أولى الأولويات.
قرارات رئاسية
وسبق هذه القرارات إقالة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون كلاً من المدير العام للشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، ومسؤول محطة التوقف بالشركة. وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان، إنه "بأمر من رئيس الجمهورية، أنهى وزير النقل عبد الله منجي، مهام كل من الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، كمال إيسعد، ومسؤول محطة التوقف للشركة نفسها في الجزائر العاصمة كمال إيداليا، وذلك بسبب سلوكهما المسيء لصورة الجزائر، والمضر بمصالح المواطنين".