يشارك آلاف الأشخاص، السبت، في تظاهرات بكل أنحاء الولايات المتحدة، للمطالبة بتشديد ضوابط قطاع الأسلحة، من أجل وضع حد للعنف المسلح الذي تشهده البلاد. وجاء في تغريدة أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن دعماً للتظاهرات، التي من المرتقب تشهدها واشنطن وغيرها من المدن الكبرى، "أنضم إليهم لأجدد دعوتي إلى الكونغرس: افعلوا شيئاً".
كان الشهر الماضي شهد عمليتي إطلاق نار مروعتين، الأولى في مدرسة ابتدائية بتكساس، وأسفرت عن مقتل 19 طفلاً ومدرستين، والثانية في متجر (سوبرماركت) في نيويورك، وأوقعت عشرة قتلى كلهم من السود. وعلى أثر ذلك صدرت دعوات لتنظيم احتجاجات، السبت، في مئات الأماكن.
مزهريات ضد القتل
وبدأ مئات من المتظاهرين بالتجمع عند نصب واشنطن التذكاري الضخم. وحمل أحدهم لافتة تحمل رسم بندقية هجومية تحتها عبارة "قاتل الأطفال" مكتوبة بالأحمر. وعلى العشب وضعت آلاف المزهريات بزهور بيضاء وبرتقالية في تحرك يجسد تزايد أعمال العنف في البلاد منذ 2020، وهو العام الذي قتل فيه 45 ألفاً و222 شخصاً بأسلحة نارية، بحسب جمعية "غيفوردز" المنظمة لهذا التحرك.
لكن مشكلة العنف المسلح، الذي أوقع أكثر من 19 ألفاً و300 قتيل إلى الآن في الولايات المتحدة هذا العام، وفق منظمة "أرشيف العنف المسلح"، يتخطى جرائم القتل الجماعي التي تحظى باهتمام ومتابعة كبيرين، وغالبية الوفيات ناجمة عن الانتحار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلنت جمعية "مارتش فور أور لايفز" المنظمة للتظاهرات عبر موقعها الإلكتروني، "بعد عمليات إطلاق نار جماعية وحالات عنف مسلح لا تُحصى في مجتمعاتنا، حان الوقت للعودة إلى الشوارع". وشددت على أن التحرك يرمي إلى "إفهام مسؤولينا المنتخبين أننا نطالب ونستحق أمة خالية من العنف المسلح".
وأسّس ناجون من عملية إطلاق نار شهدتها مدرسة ثانوية في باركلاند في ولاية فلوريدا جمعية "مارتش فور أور لايفز"، التي كانت نظمت في مارس (آذار) عام 2018 في العاصمة واشنطن تظاهرة شارك فيها آلاف الأشخاص. ودعا مؤسس الجمعية وعضو مجلس إدارتها ديفيد هوغ، الأميركيين من مختلف الانتماءات الحزبية للمشاركة في الاحتجاجات.
الجميع ضاقوا ذرعاً
وفي مقال له بموقع "فوكس نيوز" الأخباري، الجمعة، قال هوغ، "كائناً من تكونون، سيروا معنا... مالكي الأسلحة، أعضاء الاتحاد القومي الأميركي للأسلحة، جمهوريين، ديمقراطيين، مستقلين، الناس من كل الخلفيات ضاقوا ذرعاً، وقد حان الوقت لدفع الكونغرس إلى تحرك ما". وتابع، "إذا كنا متفقين على أن قتل الأطفال غير مقبول، فعلينا إما منع الأشخاص الذين لديهم نية القتل من حيازة الأسلحة التي يستخدمونها، وإما وقف نية القتل لديهم في المقام الأول".
وفي حين أثارت عمليات القتل الجماعي موجة غضب عارم في الولايات المتحدة، حيث يؤيد غالبية السكان تشديد ضوابط قطاع الأسلحة، تبقى معارضة أعضاء جمهوريين كُثر في الكونغرس عائقاً أمام إحداث تغييرات كبيرة على هذا الصعيد.
والسبت، استعاد بايدن عناصر من خطاب أدلى به في الثاني من يونيو (حزيران) عقب مجزرة مدرسة "يوفالدي"، داعياً أعضاء الكونغرس إلى "التصويت على قوانين في الاتجاه الصحيح حول أمن الأسلحة النارية". وعدّد بايدن مرة جديدة الإصلاحات التي يسعى إلى إقرارها في الكونغرس، وهي حظر البنادق الهجومية، ومخازن (مماشط) الذخيرة ذات السعة كبيرة، والتشدد في التدقيق بسوابق الراغبين في شراء أسلحة، خصوصاً على الصعيد النفسي، وإجبار الأفراد على إبقاء أسلحتهم مقفلة، والتشجيع على الإبلاغ في حال الاشتباه في هجوم محتمل، واضطلاع مصنعي الأسلحة بمسؤوليات أكبر. وكتب بايدن على "تويتر"، "لا يمكن أن نخذل الشعب الأميركي مجدداً".
حزمة محدودة من الضوابط
هذا الأسبوع، أقر مجلس النواب، حيث يتمتع الديمقراطيون بالغالبية، حزمة اقتراحات شملت رفع السن القانونية لشراء غالبية البنادق نصف الآلية من 18 إلى 21 عاماً، لكن الحزب لا يحظى بغالبية 60 صوتاً اللازمة لإمرار الحزمة في مجلس الشيوخ.
وتعمل مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ تضم الحزبين على حزمة محدودة من الضوابط التي يمكن أن تتحول إلى أول محاولة جدية منذ عقود لإصلاح الأنظمة الراعية لقطاع الأسلحة.
وتشمل الحزمة زيادة المبالغ المرصودة لقطاع الرعاية الصحية الذهنية وأمن المدارس، وتوسيع نطاق التحقق من وجود سوابق لدى الراغبين بشراء الأسلحة، وتقديم حوافز للولايات لفرض "قوانين العلم الأحمر" التي تخول السلطات مصادرة أسلحة من أفراد يعتبرون مصدر تهديد، لكنها لا تشمل حظر الأسلحة الهجومية، أو تدقيقاً شاملاً في السوابق، بالتالي ستبقى دون ما يأمله الرئيس الأميركي والأعضاء التقدميون في الحزب الديمقراطي والنشطاء المناهضون للعنف المسلح.