عشرات العائلات مهددة بمصير مجهول... فأكثر من 100 عائلة فلسطينية تعيش حالة من القلق والرعب، بعدما منحتها السلطات الإسرائيلية شهراً لهدم منازلها في قرية صور باهر جنوب القدس، بحجة قربها من جدار الفصل وتشكيلها "خطراً أمنياً".
السلطات الإسرائيلية خيّرت العائلات المقدسية بين هدم منازلها بأيديها أو دفع تكاليف الهدم في مهلة تنتهي في الـ 15 من شهر يوليو (تموز) 2019، وذلك بعد إعطاء المحكمة العليا الإسرائيلية الضوء الأخضر للهدم، تنفيذاً لأمر الحاكم العسكري.
"مناطق أ"
وتقع هذه المباني في حي وادي الحمص جنوب بلدة صور باهر داخل جدار الفصل الذي يعزل القدس عن محيطها، لكنه خارج منطقة نفوذ بلدية إسرائيل في القدس، فيما تُصنّف غالبية أراضي الحي ضمن "مناطق أ" التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، ويعيش فيها نحو ستة آلاف فلسطيني يحملون الهوية المقدسية.
ويُعتبر وادي الحمص المجال الوحيد لتوسّع بلدة صور باهر التي حوصرت بين الأحياء الاستيطانية وبين جدار الفصل، ويضطر الفلسطينيون إلى البناء في الحي بسبب وجوده خارج ولاية بلدية القدس التي نادراً ما تمنح رخص بناء لهم، إضافة إلى الأسعار الخيالية للأراضي داخل حدود البلدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الجدار الفاصل
عندما رسمت السلطات الإسرائيلية مسار الجدار في تلك المنطقة عام 2003، وقعت بعض المنازل خارجه، فاضطُر الأهالي إلى تقديم التماس ضد المسار الذي يمر وسط قرية صور باهر، ووقع الحي في الجانب الإسرائيلي من الجدار، لكنه بقي خارج نفوذ بلدية إسرائيل.
وكانت إسرائيل أصدرت قبل سبع سنوات أمراً يمنع إقامة مبان على بعد 250 متراً من جانبي جدار الفصل، قبل أن تُصدر أمراً آخر منذ عامين يقضي بهدم 13 مبنى.
لكن أهالي الحي توجهوا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لإلغاء القرار، مقترحين حل مشكلة "الخطر الأمني" من خلال رفع الجدار، وإضافة كاميرات مراقبة، لكن المحكمة رفضت ذلك وتبنت موقف السلطات الإسرائيلية. وقالت في قرارها إن "استمرار البناء قرب جدار الفصل يحد من حرية التحرك العملاني، ويزيد على الاحتكاكات مع السكان المحليين"، مضيفة أن "هذا البناء قد يشكل مخبأ لمنفذي عمليات أو لمن يمكثون بشكل غير قانوني بين السكان المدنيين ويسمح بتهريب وسائل قتالية والدخول من المنطقة إلى إسرائيل".
وخلصت المحكمة العليا الإسرائيلية إلى أن هناك "حاجة عسكرية – أمنية في فرض قيود على البناء قرب الجدار لمنع هذا الخطر".
ورفض رئيس مجلس خدمات حي أبو الحمص حماده "الحجج التي تتذرع بها السلطات الإسرائيلية للهدم"، قائلاً إنها "حجج واهية". ويطالب "المجتمع الدولي بالتدخل لإرغام السلطات الإسرائيلية على إلغاء قرار الهدم".
التوسع الاستيطاني
ورأى حماده أن "قرار السلطات بالهدم يعود إلى رغبة إسرائيل في توسيع مستوطنة أبو غنينم جنوب القدس على حساب أراضي الحي، إضافة إلى إقامة طريق يربط بين مستوطنتي عصيون جنوب القدس ومعالي أدوميم شرق المدينة"، مضيفاً أن "المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر حالياً في هدم 136 شقة سكنية أخرى بعد قرارها هدم 100 شقة في حي أبو الحمص".
محمد أبو طير الذي يملك بناية سكنية مؤلفة من 40 شقة في الحي قال إنه "يعيش كابوساً حقيقياً خشية هدم المبنى"، مشيراً إلى أن "السلطات الإسرائيلية رفضت التراجع عن قرارها".
وعبّر أبو طير عن أمله في أن "يتدخل قناصل الدول الأوروبية في القدس ويضغطوا على إسرائيل لوقف تنفيذ الهدم"، لافتاً إلى أنه في حال لم يحصل ذلك، سيهدم مبانيه بنفسه ولن يدفع تكاليف باهظة لتل أبيب مقابل الهدم.
هذا وتبدأ يوم غد الجمعة 21 يونيو (حزيران) 2019، سلسلة فعاليات رسمية وشعبية للتضامن مع أهالي الحي، رفضاً لقرار الهدم، في خطوة يأمل الفلسطينيون في أن تُرغم السلطات الإسرائيلية على التراجع عن قرارها.
كما أمل غالب أبو هدوان الذي يملك بناية في حي أبو الحمص، في نجاح الضغوط الشعبية والرسمية بوقف إسرائيل قرار الهدم.
الضوء الأخضر
وحذر محامي المتضررين في الحي هيثم الخطيب، قائلاً إن "قرار المحكمة العليا الإسرائيلية يعني منح الضوء الأخضر لجيش الاحتلال بهدم أعداد ضخمة من المباني قرب الجدار، الذي يتلوى كالأفعى ويحيط بالضفة الغربية ويفصلها عن إسرائيل".
وشدد على أن "المحكمة سارت على الخطة التي وضعها الجيش بحذافيرها ولم تغير شيئاً في قراراته، وهذا الضرر سيمتد ليشمل المناطق المحاذية للجدار في الضفة الغربية بكاملها".
وقال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى إن "قرار الهدم في حي أبو الحمص يأتي ضمن مخطط استيطاني على حساب الأرض الفلسطينية، بهدف السيطرة الكاملة على القدس الشرقية"، مشيراً إلى أن "القانون الدولي يعتبر القدس أرضاً واقعة تحت الاحتلال غير المشروع. وتبعاً لذلك، تنطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحرّم وتجرّم كل أعمال مصادرة الأراضي الفلسطينية والطرد القسري والاستيطان وتغيير التركيبة السكانية والديموغرافية في البلاد".