نحو التطبيع الكامل وبحث تعميق العلاقات الثنائية، لا سيما في ملفات السياسة والأمن والاقتصاد والاستثمار، وصل الأمير القطري، تميم بن حمد آل ثاني، العاصمة المصرية القاهرة، مساء الجمعة 24 يونيو (حزيران)، للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أول زيارة له لمصر منذ عام 2015، حين شارك في القمة العربية التي استضافتها مدينة شرم الشيخ السياحية بشبه جزيرة سيناء.
وتأتي الزيارة، التي بحسب مصادر حكومية مصرية تحدثت لـ"اندبندنت عربية"، تستمر يومين، وتتصدّرها ملفات "التطبيع الكامل للعلاقات، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وضخ مزيد من الاستثمارات القطرية ومناقشة استعداد البلدين للقمة العربية - الأميركية المقررة في الرياض منتصف الشهر المقبل"، بعد سنوات من التوتر بين البلدين، عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أطاحت نظام جماعة الإخوان من الحكم في عام 2013.
وفي يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، أنهى اتفاق العلا في السعودية، ثلاث سنوات من القطيعة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية بين الدوحة ودول الرباعي العربي (الإمارات والسعودية والبحرين ومصر)، أعقبتها خطوات متعددة لاستعادة العلاقات، شملت عودة السفراء وتبادل زيارات، فضلاً عن لقاءات جمعت بين تميم وقادة الدول الأربع في مناسبات عدة.
ملفات تتصدر قمة السيسي - تميم
وفق بيانات رسمية متطابقة من القاهرة والدوحة، وصل الأمير القطري تميم بن حمد إلى العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة تسمر يومين، قادماً من العاصمة الرواندية كيغالي، بعد مشاركته في اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث الـ26.
وقالت رئاسة الجمهورية المصرية، إن الأمير تميم "يحل ضيفاً كريماً على مصر في زيارة رسمية تستغرق يومين". وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأنه من المنتظر أن تتضمن الزيارة عقد مباحثات ثنائية بين الزعيمين لتناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، فضلاً عن التباحث حول تطورات القضايا السياسية الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
من جهته، وبحسب ما أعلن الديوان الملكي القطري، فإن زيارة الأمير تميم إلى مصر هي الأولى منذ عام 2015، مضيفاً أن "الزيارة الرسمية تلبية لدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي".
في الأثناء، وبحسب حديث المصادر الحكومية والدبلوماسية المصرية لـ"اندبندنت عربية"، فإن الزيارة التي تأتي في ظل حراك عربي مكثف ولقاءات متعددة شهدتها العواصم العربية استعداداً للقمة المرتقبة مع الرئيس الأميركي جو بايدن في السعودية منتصف يوليو (تموز) المقبل، ستركز بالأساس على ملفات رئيسة، من بينها "ملف الاقتصاد والاستثمار، ودعم التعاون الثنائي بين البلدين، في ظل الرغبة المشتركة على تفعيل علاقات التعاون ليشمل جميع المجالات، فضلاً عن ملفات أخرى أبرزها "الملف النووي الإيراني والتخوفات العربية تجاهه والمصالحة المصرية التركية والتداعيات السلبية التي خلفتها الحرب الروسية في أوكرانيا على دول المنطقة".
وذكرت المصادر المصرية، أن الزيارة ستشهد "إطلاق مجلس الأعمال المصري - القطري المشترك لتعزيز العلاقات الاقتصادية ومجالات الاستثمار والتجارة بين البلدين"، مشيرين إلى أن "المرحلة المقبلة ستشهد تحركات واسعة لدعم التعاون الثنائي بين البلدين في ظل رغبة مشتركة على تفعيلها لتشمل جميع المجالات وتجاوز الملفات العالقة". وأوضحت المصادر، أنه من المقرر أن تشهد الزيارة توقيع عديد من الاتفاقيات التي جرى الترتيب لها منذ فترة.
وأخيراً، أعلنت الدوحة ضخ استثمارات في مصر بقيمة إجمالية بلغت 5 مليارات دولار أميركي لتنشيط حركة الاستثمار، كما ارتفعت قيمة الاستثمارات القطرية في مصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي (2021-2022) بنسبة 4.2 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة الاستثمارات القطرية في مصر في الربع الأول من العام المالي الحالي 121.8 مليون دولار مقابل 116.9 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي.
وقبل يومين، وعلى هامش منتدى قطر الاقتصادي، قال وزير المالية القطري علي بن أحمد الكواري، خلال لقائه نظيره المصري محمد معيط، إن "قطر تعد مستثمراً رئيساً بمصر في جميع القطاعات، وسوف تستمر استثماراتنا في مصر كما استمرت روابطنا التاريخية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكرت وسائل إعلام قطرية أن الوزيرين اتفقا على تعزيز التعاون الثنائي وتنمية العلاقات الاقتصادية وتحفيز الاستثمارات بالبلدين وتطوير آليات العمل المشترك بين وزارتي المالية بالدولتين، على نحو يساعد في تنسيق الرؤى والمواقف والسياسات المالية، كما وقّع الوزيران مذكرة تفاهم لتعميق التعاون بين الجانبين واستمرار التشاور حول السياسات المالية وآليات التوصل لاتفاق لمنع الازدواج الضريبي بالبلدين، تشجيعاً للاستثمار المشترك.
مسار عودة العلاقات
ومنذ اتفاق العلا بالسعودية في الخامس من يناير، العام الماضي، أنهت دول الرباعي العربي ومن بينها مصر، مقاطعة قطر التي استمرت من صيف عام 2017، وبدأت البلدان الخمسة اتخاذ خطوات تقارب تدريجية شملت عودة السفراء وإنهاء جميع أشكال المقاطعة.
وعلى صعيد العلاقات المصرية - القطرية، فبعد 20 يوماً من مصالحة العلا أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان، أن القاهرة والدوحة اتفقتا على استئناف العلاقات الدبلوماسية. وفي فبراير (شباط) استضافت الكويت أول محادثات بين وفدين، مصري وقطري، حول آليات تنفيذ المصالحة.
وفي مارس (آذار) من العام ذاته وصل وفد قطري إلى القاهرة، في زيارة استمرت يومين بهدف "تسريع استئناف العلاقات". وكانت تلك أول زيارة لوفد قطري رفيع المستوى للعاصمة المصرية منذ إعلان المصالحة الخليجية في قمة العلا.
وفي الشهر ذاته قام وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بزيارة القاهرة والتقى الرئيس المصري، ضمن ترتيب خطوات إعادة تطبيع العلاقات. وفي يونيو من العام الماضي، زار وزير الخارجية المصري سامح شكري الدوحة لتمثيل مصر في الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية العرب.
وفي يونيو ويوليو (تموز) تبادل البلدان السفراء، إذ أعلنت القاهرة في الثالث والعشرين من يونيو من العام الماضي، عمرو الشربيني، سفيراً فوق العادة لدى قطر، وتلاه بنحو شهر قرار من الدوحة بتعيين سالم بن مبارك بن شافي، سفيراً فوق العادة مفوضاً أيضاً لدى القاهرة.
وفي أغسطس (آب) بعد خطوة تبادل السفراء، التقى السيسي أمير قطر، على هامش مشاركتهما في قمة عراقية دولية، وذلك في أول لقاء بنيهما منذ أزمة صيف 2017.
وفي مارس من العام الحالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، أن القاهرة والدوحة اتفقتا على توقيع اتفاقات استثمارية بقيمة خمسة مليارات دولار.
وفي مايو (أيار) الماضي، التقى السفير المصري لدى الدوحة، عمرو الشربيني، لولوة الخاطر، مساعد وزير الخارجية القطري. وأوضحت وزارة الخارجية في بيان لها، أن اللقاء شهد استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، كما تناول آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وقبل سنوات المقاطعة، خيّم التوتر على علاقات البلدين، إثر اتهام القاهرة الدوحة بدعم جماعة الإخوان، بعد إطاحة نظام حكمهم في عام 2013.