مئات المتظاهرين احتشدوا قرب مقر الحكومة المحلية في مدينة البصرة، الواقعة جنوب العراق، ورددوا هتافاتٍ ورفعوا لافتات تندد بالفساد الإداري والمحاصصة الحزبية، وتدعو إلى تحسين الخدمات وتوفير فرص عمل، فيما فرضت القوات الأمنية إجراءات مشددة في موقع التظاهرة.
مطالبات بالإصلاح والخدمات
أحد المشاركين في التظاهرة الشاب علي محمد قال لـ"اندبندنت عربية"، إن "التظاهرة تم التحشيد لها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وجاءت للتعبير عن رفضنا واحتجاجنا كمواطنين على استمرار الحكومة بنهج المحاصصة الحزبية، وعدم القضاء على ظاهرة الفساد الإداري، والتأخر في إيجاد حلول جذرية لضعف الخدمات العامة، خصوصاً الكهرباء"، مبيناً أن "المتظاهرين طالبوا الحكومة بتوفير فرص عمل. فمن غير المعقول وجود عشرات آلاف العاطلين الراغبين بالعمل في مدينة تنتج وتصدر يومياً أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط".
متظاهر آخر يدعى أحمد مصطفى قال إن "التظاهرة تعد الأولى من نوعها في البصرة خلال العام الحالي، وهي مجرد بداية لتظاهرات سلمية لاحقة"، مضيفاً أن "التظاهرات ستكون بواقع تظاهرة واحدة أسبوعياً إلى حين الاستجابة لمطالبنا، وهي مطالب مشروعة لا تتنافى مع الدستور والقوانين، وسوف نبذل ما بوسعنا للحيلولة دون اختراق التظاهرات من قبل عابثين أو مخربين".
تحذير أمني من أعمال تخريبية
التظاهرة لم تتخللها أي أعمال شغب أو عنف، لكنها أثارت قبل خروجها شكوكاً أمنية بمدى سلميتها، وما عزز من ذلك الشعور هو العثور قبل انطلاق التظاهرة بساعاتٍ قليلة على مئات الإطارات القديمة مكدسة في بعض المناطق. وتعتقد قوات الشرطة أن الغرض من تكديسها هو التحضير لإضرام النار فيها واستخدامها في قطع شوارع حيوية عند حصول احتجاجات.
بعد انتهاء التظاهرة، عقد قائد شرطة البصرة الفريق رشيد فليح الحلفي مؤتمراً صحافياً في ديوان المحافظة، قال فيه إن "القوات الأمنية من واجبها حماية المتظاهرين، وفي الوقت نفسه يخولها القانون بالتصدي بقوة لأي أعمال شغب أو تخريب قد تحصل خلال خروج تظاهرات".
قلق حكومي من عودة الاحتجاجات
القلق الحكومي من التظاهرات لا ينبع من فراغ. إذ هناك خشية لدى الحكومة المحلية من أن تكون التظاهرات السلمية بداية لاحتجاجات واسعة على غرار ما حصل خلال فصل الصيف السابق، عندما تطورت تظاهرات سلمية إلى احتجاجات عنيفة أسفرت عن قتلى وجرحى وإحراق مقار ديوان ومجلس المحافظة ومديرية البلديات ومكاتب أحزاب وحركات سياسية، لا سيما أن المطالب التي نادى بها المشاركون في تلك الاحتجاجات لا تختلف بمعظمها عن المطالب التي تبناها المشاركون في تظاهرة اليوم. لكن بعض الظروف تغيرت، منها أن الوضع الخدمي أصبح أفضل قليلاً من السابق، وصارت البصرة تحصل على أموال أكثر من بغداد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الأسبوع الماضي ألقى مجهولون في ثلاث مناطق من البصرة منشورات تشجع بلغة تحريضية طائفية على خروج تظاهرات احتجاجية ضد الحكومة. والمفاجأة تكمن في أن المنشورات تُنسب إلى تنظيم "داعش"، الذي قضت القوات الأمنية على خلاياه في المدينة منذ أعوام عدة. ورأى ناشطون أن "داعش" لا علاقة له بالمنشورات، وأنها تهدف إلى تأسيس فرضية خاطئة مفادها أن التظاهرات تحظى بمباركة وتأييد التنظيم من أجل خلط الأوراق وقطع الطريق على الراغبين بالتظاهر. وأكد محافظ البصرة أسعد العيداني ذلك بقوله إن "المنشورات تختلف لغتها عن لغة خطابات داعش".
يذكر أن محافظة البصرة، التي يقطنها حوالى أربعة ملايين نسمة، تعد من أهم المدن النفطية في العالم، وعاصمة العراق الاقتصادية. إذ تنتج الجزء الأكبر من النفط العراقي، وفيها أسواق كبيرة وموانئ تجارية نشطة. على الرغم من ذلك يعاني جزء غير قليل من سكانها من أزمة سكن واستشراء البطالة وضعف الخدمات العامة.