قضت محكمة ألمانية، الثلاثاء 28 يونيو (حزيران)، بالسجن خمس سنوات لحارس سابق في معسكر اعتقال نازي يبلغ من العمر مئة سنة وسنة، وهو أكبر شخص حتى الآن يحاكم بتهمة التواطؤ في جرائم حرب خلال الهولوكوست (محرقة اليهود في أوروبا).
ودين جوزيف شويتز بالتورط في جرائم قتل في 3500 حالة في الأقل، أثناء عمله حارس سجن في معسكر اعتقال زاكسينهاوزن في أورانينبورغ شمال برلين، بين عامي 1942 و1945. ونظراً إلى كبر سنه، من المستبعد إدخال المتهم إلى السجن.
المتهم يؤكد براءته
وأكد شويتز الذي يعيش حالياً في ولاية براندنبورغ، براءته من التهم، قائلاً إنه لم يفعل "شيئاً على الإطلاق" ولم يعمل حتى في المعسكر. وأضاف في ختام محاكمته الاثنين، "لا أعرف لماذا أنا هنا".
غير أن دفاعه لم يقنع القاضي أودو ليشترمان، الذي قال إنه مقتنع بأن شويتز عمل في زاكسينهاوزن و"أيد" الفظائع التي ارتكبت هناك. وقال ليشترمان، "على مدى ثلاث سنوات، شاهدت سجناء يتعرضون للتعذيب والقتل أمام عينيك".
وأضاف القاضي، "نظراً إلى موقعك في برج المراقبة في معسكر الاعتقال، كان دخان محرقة الجثث بأنفك باستمرار". وأوضح، "كل شخص حاول الفرار من المعسكر تعرض لإطلاق النار، لذلك كل حارس كان متورطاً في جرائم القتل هذه".
واعتقل أكثر من 200 ألف شخص، بينهم يهود وغجر ومعارضون للنظام ومثليون، في معسكر زاكسينهاوزن بين عامي 1936 و1945. وتوفي عشرات الآلاف من السجناء بسبب العمل القسري والقتل والتجارب الطبية والجوع أو المرض قبل تحرير المعسكر من قبل القوات السوفياتية، وفقاً لمتحف زاكسينهاوزن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحقيق العدالة
شويتز الذي كان يبلغ من 21 سنة عندما بدأ العمل في المعسكر، لم يصدر أي رد فعل عندما أعلن القاضي حكمه عليه.
وسبق أن قال عند دخوله الجلسة على كرسي متحرك مرتدياً قميصاً رمادياً وبنطلوناً مخططاً، "أنا مستعد".
وظل شويتز طليقاً خلال المحاكمة التي بدأت عام 2021، وتم تأجيلها مرات عدة بسبب صحته. وقال محاميه ستيفان ووتركامب، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه سيستأنف القضية، ما يعني أن الحكم لن ينفذ حتى عام 2023 على أقرب تقدير.
في المقابل، قال توماس والثر، المحامي الذي مثل 11 من 16 طرفاً مدنياً في المحاكمة، إن الحكم حقق توقعات موكليه و"تم تحقيق العدالة".
لكن أنطوان غرومباخ (80 سنة)، الذي قتل والده في زاكسينهاوزن، قال إنه لا يستطيع "مسامحة شويتز" لأن "أي إنسان يواجه الفظائع يجب أن يعارضها".
تصريحات متناقضة
وخلال المحاكمة، أدلى شويتز بتصريحات عدة متناقضة في شأن ماضيه، إذ قال مثلاً إنه عمل مزارعاً في ألمانيا معظم الحرب العالمية الثانية، وهو ادعاء يتناقض مع العديد من الوثائق التي تحمل اسمه وتاريخ ومكان ميلاده.
وبعد الحرب، نقل شويتز إلى معسكر اعتقال في روسيا قبل أن يعود إلى ألمانيا، حيث عمل مزارعاً وصانع أقفال.
وبعد أكثر من سبعة عقود على الحرب العالمية الثانية يسارع المدعون الألمان لتقديم آخر الجناة النازيين إلى المحاكم.
وإدانة الحارس السابق جون ديميانيوك عام 2011، على أساس أنه كان جزءاً من آلة قتل هتلر، شكلت سابقة قانونية ومهدت الطريق لعديد من قضايا العدالة المماثلة.
ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحاكم أحكام إدانة عدة وفق هذه الأسس وليس بناءً على جرائم قتل أو فظائع مرتبطة مباشرة بالمتهمين.