تحتفل المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة الأول من يوليو (تموز)، بالذكرى السنوية الـ20 لتأسيسها، على وقع الحرب في أوكرانيا التي تمنحها دفعاً جديداً بعد تعرضها على مدى عقدين لانتقادات وجدل.
فقد أثّرت حصيلة أداء متواضعة لا تتعدى الخمس إدانات على صورة المحكمة الجنائية الدولية التي دخلت المعاهدة التأسيسية لها، والتي تسمى "قانون روما الأساسي"، حيز التنفيذ في الأول من يوليو 2002. وتعرضت لانتقادات تتهمها بالتركيز على القارة الأفريقية.
كذلك أثّر رفض دول كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين الانضمام إليها، على نطاق عمل المحكمة التي تتخذ من لاهاي في هولندا مقراً.
ولكن بما أنها المحكمة الدائمة الوحيدة في العالم التي تنظر في تهم خطيرة مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، تبقى هذه الهيئة القضائية الملاذ الأخير للدول غير الراغبة أو غير القادرة على محاكمة المشتبه فيهم بنفسها.
التعرض لضغوط
وقال رئيس المحكمة القاضي بيوتر هوفمانسكي، في افتتاح مؤتمر بمناسبة الذكرى، إن هذه المؤسسة "تشكل إحدى دعائم النظام القضائي الدولي".
واعتبر المدعي العام للمحكمة كريم خان خلال المؤتمر، أن إنشاء المحكمة "إنجاز رائع"، لكنه شبه، وهو محاط ببعض "مهندسي" المعاهدة التأسيسية، المحكمة "بمبنى يخضع لضغوط". وأوضح، "يجب القيام بتحديثات ويجب أن نصبح أكثر قوة وأكثر فاعلية".
ويوفر التحقيق في أوكرانيا الذي بوشر بعد الهجوم الروسي بدعم من 43 دولة، فرصة للمحكمة لإثبات قدراتها بعد أن مُنحت دعماً غربياً متجدداً وخصوصاً مساعدة من عشرات المحققين الأجانب.
تأسيسها
وتعتبر هذه المحكمة خليفة لمحاكمات نورمبرغ التي خصصت للجرائم النازية بعد الحرب العالمية الثانية عندما كان النظام الدولي الجديد بعد الحرب يبحث عن نموذج مثالي للعدالة العالمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك أرست المحاكم المختصة بالحروب في يوغوسلافيا السابقة في تسعينيات القرن الماضي والإبادة الجماعية في رواندا في عام 1994 والنزاع في سيراليون، أسس محكمة دائمة في لاهاي.
ووُقع "قانون روما الأساسي" في عام 1998 ودخل حيز التنفيذ بعد أربع سنوات. لكن المحكمة الجنائية الدولية لم تصدر منذ ذلك الحين سوى خمس إدانات جميعها ضد متمردين أفارقة، وليس بينهم أي رئيس حكومة.
وقال ثيس بوكنيغت من معهد "نيود" لدراسات الحرب والمحرقة والإبادة الجماعية، لوكالة الصحافة الفرنسية، "عند النظر في إرث المحكمة الجنائية الدولية في ضوء أهدافها النبيلة، نرى أن النتائج لا تذكر".
غياب دول كبرى
وبرأت المحكمة رئيس ساحل العاج لوران غباغبو، ونائب رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية السابق جان بيار بيمبا في الاستئناف، وأسقطت التهم الموجهة إلى الرئيس الكيني أوهورو كينياتا.
وما أضر كذلك بالمحكمة هو غياب بعض القوى الكبرى عنها. فالولايات المتحدة التي وقعت "قانون روما الأساسي" في عام 2000 ولم تصادق عليه، اعتمدت أحياناً موقفاً معارضاً، حتى أنها عاقبت المحكمة بسبب تحقيقها في أفغانستان.
كما بقيت الصين وإسرائيل وميانمار وسوريا على مسافة من المحكمة، وكذلك روسيا التي أرسلت على ما يبدو جاسوساً تظاهر بأنه متدرب للتأثير في تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن أوكرانيا.
لكن في السنوات الأخيرة، فتحت تحقيقات جديدة في بعض أكثر النزاعات المثيرة للجدل في العالم، بما في ذلك النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وأفغانستان وميانمار والفيليبين.
وتُوثق النزاعات اليوم بطريقة مختلفة كلياً عما كانت عليه عندما بدأت المحكمة عملها قبل 20 عاماً، خصوصاً بفضل الهواتف الذكية وفق ما أكد كريم خان، موضحاً أن التكنولوجيا "أساسية للتميز بين ما هو صالح وما هو غير صالح" لدى جمع الأدلة. وأوضح، "أنا على ثقة بأن العدالة الدولية يمكنها أن تسرع وتيرتها وأن تتقدم ويكون لها التأثير المطلوب" شرط "العمل بطريقة جماعية" لمزيد من الفاعلية.