أمضى خوسيه ماريو مع عائلته 18 ساعة في قاطرة شاحنة متوجهة إلى الولايات المتحدة عبرت بهم قسماً من المكسيك، على غرار رحلة مماثلة قضى فيها 53 مهاجراً بالقرب من سان أنتونيو في ولاية تكساس الأميركية.
وعثر على جثث المهاجرين الوافدين من المكسيك وأميركا الوسطى الاثنين وقد توفّوا اختناقاً، مكدسين داخل مقطورة شاحنة بعد يوم من القيظ الشديد قاربت فيه الحرارة أربعين درجة.
الشاحنات لا تخضع للتفتيش
عانى خوسيه ماريو الهندوراسي، البالغ من العمر 48 سنة، وعائلته ظروفاً قصوى أيضاً للتوجه من المكسيك إلى الحدود الأميركية.
يروي أنه صعد مع زوجته وأولادهما الثلاثة البالغة أعمارهم ثماني سنوات وست سنوات وسنتين، في مقطورة شاحنة تبريد تكدس فيها 100 شخص آخر.
وروى التاجر الذي فر في 20 مايو (أيار) هرباً من العنف في بلاده بعدما أصيب في ذراعه برصاص مهاجمين مسلحين "كان البرد شديداً" داخل المقطورة. وأوضح، "جعلت أولادي يرتدون سروالين وثلاثة قمصان ولففتهم بغطاء لحمايتهم. ناموا ولم يشعروا بمرور الوقت خلال الرحلة".
والواقع أن خوسيه ماريو، حاول حتى اللحظة الأخيرة تفادي خيار الهجرة، وقد علم بمقتل 56 مهاجراً في حادث شاحنة في تشياباس بجنوب المكسيك في مطلع ديسمبر (كانون الأول).
غير أن المهربين الذين ينشطون على ضفتي نهر ريو غراندي، الذين دفع لهم 13 ألف دولار، لم يتركوا له أي خيار.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، "أول أمر نطلبه منهم ألا نصعد في حاوية. لكن أثناء الطريق، يفعلون ما يشاؤون". ويضيف أن "الشاحنة المبردة لم تخضع لعملية تفتيش طوال الرحلة التي امتدت على طول أكثر من ألف كلم".
والأمر ذاته حصل مع شاحنة سان أنتونيو، التي عبرت المركز الحدودي في الولايات المتحدة من دون أي مشكلة، بحسب السلطات المكسيكية، وقد تم تبديل ألواح تسجيلها.
وبين ضحايا سان أنتونيو الـ53، قدِم 14 من هندوراس و27 من المكسيك وسبعة من غواتيمالا واثنان من السالفادور، بحسب السلطات المكسيكية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مجازفة غير مجدية
وتقول زوجة خوسيه ماريو إنه من غير الوارد بعد الآن القيام برحلة في شاحنة، مضيفة "نجازف بحياتنا وبحياة أطفالنا وغالباً ما تكون هذه المجازفة غير مجدية".
في تكساس، سلّمت العائلة نفسها إلى دورية لحرس الحدود قبل إعادتها إلى المكسيك في سيوداد خواريز حيث روت رحلتها.
ويأمل خوسيه ماريو وزوجته الآن في الاستفادة من "استثناء إنساني" للسماح للعائلة بالدخول إلى الأراضي الأميركية. ويقول جميع المهاجرين إن الناس يُكدسون مثل "حيوانات" داخل القاطرات.
ونتيجة الحر الشديد، يُغمى على عدد من الركاب وما يزيد من خطورة الوضع أن بعضهم يتفادى شرب الماء حتى لا يضطر إلى التبول.
وهذا ما جعل جيني التي غادرت هندوراس مع ابنتيها البالغتين ثماني سنوات و14 سنة، ترفض الصعود في قاطرة شاحنة وقررت مواصلة الطريق من دون المهربين.
الحق في فرصة
تأمل جيني أيضاً في الحصول على "استثناء إنساني" موجهة رسالة إلى الحكومة الأميركية، "كل شخص له الحق في فرصة".
وقضى حوالى 6430 مهاجراً منذ 2014 أو فُقدوا في طريقهم إلى الولايات المتحدة، بحسب أرقام منظمة الهجرة الدولية.
وأوضحت دولوريس باريس أن شبكات المهربين "تزداد تطوراً وتعقيداً، إنها منظمات إجرامية".
وتستغرب الخبيرة قلة الاهتمام بقضية "فساد" السلطات التي يُشتبه في ارتباطها بالمهربين.