التقى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بالرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ في عمان الأسبوع الماضي، من دون أن يعلن رسمياً عن هذه الزيارة خلافاً للمرات السابقة، الأمر الذي أحاطها بكثير من التساؤلات والتكهنات حول أسبابها ودوافعها، بخاصة أنها تأتي قبيل قمة عربية أميركية تستضيفها الرياض هذا الشهر بمشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن.
الزيارة الأخيرة للرئيس الإسرائيلي لعمان كانت في مارس (آذار) الماضي، وجاءت تلبية لدعوة رسمية تلقاها من العاهل الأردني، وبعد يوم فقط من زيارة لوزير دفاعه بيني غانتس، بهدف العمل على ضمان التهدئة في الأراضي الفلسطينية ومنع التصعيد من الجانبين خلال شهر رمضان، وتلت أيضاً زيارة العاهل الأردني الضفة الغربية ولقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، تزامناً مع عقد "قمة النقب" التي قاطعها الأردن.
لقاء ودي
ووفقاً لمكتب الرئيس الإسرائيلي، عقد اللقاء الأسبوع الماضي في الأردن من دون الإعلان عنه مسبقاً، وجرى "قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، وفي إطار التطورات الدبلوماسية في المنطقة".
ووصف مكتب الرئيس الإسرائيلي اللقاء بأنه "حار وودي"، في وقت لم تتلقَّ "اندبندنت عربية" إجابات عن استفسارات وجّهتها إلى مدير إعلام الديوان الملكي الأردني بخصوص هذه الزيارة، كما لم يعلق الإعلام الرسمي على تفاصيلها أو يتطرق إليها.
وقال مكتب هرتسوغ في تصريح صحافي إن "الزيارة تناولت حماية العلاقات الإسرائيلية الأردنية المستقرة، وضرورة الحوار مع جميع الفاعلين في المنطقة".
وخلال شهر رمضان، عبرت إسرائيل عن استيائها من تصريحات أردنية رسمية بخصوص الأحداث التي شهدتها مدينة القدس، ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، نفتالي بينيت، إلى الانتقاص من الوصاية الهاشمية على القدس والقول إن السيادة على المدينة المقدسة لإسرائيل فقط، وإنه لن يسمح بأي تدخلات خارجية.
منذ ذلك الحين، امتنعت تل أبيب عن أي تواصل مع الأردن، ولم تشهد عمان أية زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع، لكن زيارة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا الأسبوع الماضي للعاصمة الأردنية أنهت تلك المقاطعة الإسرائيلية، إثر مؤشرات أردنية إلى الرغبة بعودة العلاقات لمسارها، بخاصة مع احتمالية تشكيل رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو للحكومة الجديدة، وفق ما رجحت استطلاعات الرأي.
قلق من عودة نتنياهو
وفقاً لمصادر سياسية تحدثت إلى "اندبندنت عربية"، فإن عمان ترى في عودة نتنياهو إلى الواجهة السياسية لإسرائيل خطراً كبيراً عليها، ولذلك فإنها تحاول استباقها بإعادة العلاقات مع التيار المعتدل في إسرائيل، وربما فرض نفوذها لدى أعضاء الكنيست العرب بهدف إفشال عودة نتنياهو مجدداً.
ولطالما أبدى الأردن قلقاً مضاعفاً من احتمال عودة نتنياهو إلى السلطة بعد تصدع الائتلاف الحكومي في تل أبيب، ولذلك تبدو عمان حريصة على إدامة عمر الحكومة الإسرائيلية بكل ما تملك من أدوات، ومن بينها خفض التصعيد في القدس وإجراء اتصالاتها وتجربة ثقلها السياسي لدى بعض أعضاء الكنيست من العرب.
مياه إسرائيلية للأردن
في شأن متصل، تحاول المملكة إنجاز اتفاق جديد يقضي بضخ إسرائيل كميات إضافية من المياه، مع تحذيرات رسمية بدخول البلاد في فقر مائي منقطع النظير، بالتزامن مع بدء فصل الصيف، وتحت وطأة جفاف هو الأسوأ في تاريخها، وكان نتنياهو قد عطل مرات عدة قرارات إسرائيلية لتزويد الأردن بالمياه.
وأثارت تصريحات لوزير المياه الأردني محمد النجار قلقاً شعبياً كبيراً الشهر الماضي، بعدما كشف عن وضع مائي حرج سيعيشه الأردنيون هذا الصيف، وصف بأنه أسوأ بكثير من الصيف الماضي، في ما يتعلق بكميات المياه وحصص الضخ الأسبوعية للمواطنين.
"ناتو شرق أوسطي"
ولم يتضح بعد إذا ما كان الجانبان، الأردني والإسرائيلي، ناقشا فكرة تشكيل "ناتو شرق أوسطي" خلال الزيارة، لكن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نفى قبل أيام وجود نية لبناء تحالف عسكري عربي يضم إسرائيل، مؤكداً رغبة الدول العربية بإقامة علاقات جيدة مع إيران.
وشدد الصفدي، في تصريحات صحافية، على أنه لا يوجد حديث عن تحالف عربي تكون إسرائيل جزءاً منه، "ولا يوجد طرح من هذا القبيل". وقال إن "ما طرح في هذا السياق كان سؤالاً وجهته صحافية إلى ملك الأردن عبدالله الثاني، حول ما إذا كان يؤيد إنشاء تحالف دفاعي عربي، ومن الطبيعي أن المملكة تؤيد كل عمل عربي مؤسساتي مشترك".
لكن العاهل الأردني حذر مراراً من الخطر الإيراني، وقال في أحدث تصريحاته إن الفراغ الذي تركته روسيا في سوريا سيملأه الإيرانيون، ما سيؤدي إلى تصعيد على الحدود الأردنية السورية، حيث تواجه المملكة منذ عامين حرباً شرسة ضد مهربي المخدرات المدعومين من طهران وميليشياتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إيران تنفي الاتهامات
وردّت السفارة الإيرانية في عمان الشهر الماضي على التصريحات الرسمية الأردنية المتكررة التي تتهمها بتهديد المملكة. وقال السكرتير الثاني ونائب رئيس البعثة في السفارة حميد رضا كاظمي، في تصريحات صحافية، "إيران لن تشكل تهديداً للأردن أبداً، أمن الأردن هو جزء من أمن الشرق الأوسط وهو أولوية للأمن القومي الإيراني، والوجود الإيراني في سوريا جاء بدعوة من الدولة السورية في أماكن معينة بالتنسيق مع القوات السورية، بهدف مواجهة الإرهاب كفصائل داعش وجبهة النصرة وأنصار الدين ومجموعات أخرى".
وأضاف كاظمي "ليست لدينا ميليشيات، واتهامنا بتجارة المخدرات هو اتهام كبير جداً، نحن في إيران أكبر حاجز أمام تهريب المخدرات للمنطقة، لا يوجد منطق في محاولة تهريب المخدرات إلى الأردن، هذا اتهام غير مقبول".