يبدو أن المقطع المصور الذي نشرته حركة "حماس" للأسير الإسرائيلي هشام السيد المحتجز لديها في قطاع غزة، لم ينجح في تحريك ملف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، بخاصة أن المستوى الرسمي في تل أبيب يرفض التجاوب في كل ما هو مطروح في هذا الخصوص، كما أن الفلسطينيين يصرون على عدم تقديم أي تنازلات، لكن على الرغم من ذلك، لم تتوقف المساعي، ولا سيما على المستوى غير الرسمي، إذ حاول ناشطان مدنيان أحدهما إسرائيلي والآخر فلسطيني بحث سبل إتمام صفقة تبادل أسرى، لكن ليس بعيداً من العمل السياسي والرسمي مع طرفي إدارة الملف.
السماح لإسرائيلي بدخول غزة!
وبحسب هيئة البث العبرية الرسمية "كان"، فإن حركة "حماس" وافقت، من حيث المبدأ، على السماح لمدني إسرائيلي يدعى يوئيل مارشاك بالدخول إلى قطاع غزة من أجل محاولة البدء باتصالات لإتمام صفقة تبادل أسرى، في وقت ما زال المستوى الأمني في تل أبيب يحقق في إمكانية السماح له بالوصول إلى غزة، والسعي في هذه الخطوة.
وأشارت "كان" إلى أن هذه المحاولة تأتي بالتنسيق مع الناشط السياسي والمجتمعي في قطاع غزة سامي عبيد، وأن الطرفين يعملان، منذ سنوات، على مبادرة مدنية لإيجاد حل لقضية الأسرى والمفقودين بعد تعثر المستويات السياسية في التوصل لرؤية لحل هذا الملف.
وترفض السلطات الإسرائيلية، منذ فكّ الارتباط مع غزة، بعد انسحابها من القطاع عام 2005، السماح لأي من مواطنيها، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية (باستثناء وفود طبية)، الدخول إلى غزة بذرائع أمنية، وخوفاً من إقدام حركة "حماس" على خطفهم.
وتعد هذه الخطوة من أغرب المحاولات، إذ يسمح لناشط مدني، لا يحمل أي صفة رسمية سياسية أو عسكرية في تل أبيب، ولا يعمل في أجهزة الأمن حالياً، بنقاش قضية المحتجزين الإسرائيليين في غزة والخوض في مفاوضات صفقة التبادل مع "حماس"، وداخل قطاع غزة، وكذلك الأمر فلسطينياً، لكن على الرغم من ذلك، هذه ليست المحاولة الأولى، ففي فترة احتجاز الجندي جلعاد شاليط، حاول الناشط الإسرائيلي نفسه يوئيل مارشاك برفقة الناشط المدني فرج مالك عام 2011، الدخول إلى غزة للقاء قياديين بارزين في حركة "حماس"، ضمن مبادرة مدنية وإنسانية أطلقاها من أجل الاطمئنان على شاليط والحصول على إشارات بشأنه، وحصلا على تنسيق من جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، ومن طرفي إدارة الملف بهذا الشأن، لكن في اليوم المقرر وصولهما إلى القطاع لم يسمح لهما بالمرور لأسباب أمنية وسياسية.
مبادرة مدنية
وتأتي هذه المبادرة المدنية التي يقودها إسرائيلي وفلسطيني جنباً إلى جنب في محاولة لتحريك ملف صفقة تبادل الأسرى، بعد فشل جميع المفاوضات التي دخلها طرفا الملف، بوساطات مختلفة، في التوصل إلى رؤية أو اتفاق يقضي بموجبه إتمام عملية الإفراج عن المحتجزين.
في أي حال، يعود أصل الحكاية إلى عام 2018، عندما طرح الصحافي الفلسطيني سامي عبيد، وهو ناشط سياسي ومجتمعي أيضاً، مبادرة مدنية إنسانية لتحريك ملف الجنود والمدنيين المحتجزين لدى "حماس" في غزة، ويقول عبيد إنه منذ ذلك الوقت تقدم بطلب لوزارة الداخلية التي تديرها حركة "حماس" في غزة، للسماح لإسرائيليين بدخول القطاع، إلا أنها رفضت طلبه بشكل نهائي، ما عرقل مسار مبادرته، لكنه، على الرغم من ذلك، لم يتخّل عن محاولاته لتحقيق هدفه.
عدم ممانعة
وبحسب عبيد، فإن جهات الاختصاص في غزة، أبلغته، قبل شهرين، موافقتها على مبادرته المدنية الإنسانية، وهي لا تمانع دخول إسرائيليين إلى القطاع من أجل تحريك ملف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، وأوضح عبيد أن الموافقة جاءت لثلاثة مواطنين إسرائيليين، وهم والدة الجندي المحتجز لدى الحركة أورون شاؤول، وشقيقتها، بقيادة يوئيل مارشاك عضو حركة "الكيبوتس" الإسرائيلية، لكنه أشار إلى أن إسرائيل ما زالت ترفض السماح لهم بالدخول إلى قطاع غزة، خوفاً من منع حركة "حماس" عودتهم إلى إسرائيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المقابل، قال الناشط المدني الإسرائيلي يوئيل مارشاك، وهو عضو بارز في "الكيبوتس" (تجمع سكني تعاوني يتلقى دعماً حكومياً لكنه مستقل إدارياً، ومعني في خدمات التعليم والصحة)، إن علاقته مع غزة بدأت عام 2009، ودخلت في مراحل عدة كانت أبرزها محاولة الوصول إليها عام 2011 بشأن التجهيز للتفاوض حول صفقة شاليط، والآن يعود من الزاوية نفسها لتحريك ملف المفقودين والمحتجزين لدى "حماس".
الإسرائيلي لم يحصل على رد
وأوضح مارشاك أنه طلب من الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" التنسيق له للدخول إلى غزة، من أجل تحريك ملف مفاوضات صفقة التبادل لكنه لم يحصل على رد رسمي بعد، مشيراً إلى أنه سوف يدخل القطاع وحده ممثلاً عن جميع عائلات الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، بعدما رفضت والدة الجندي أورون شاؤول وشقيقتها مرافقته، مضيفاً، "طلبت من السلطات المحلية في غزة، ضمانات خطية حول السماح لي بالعودة إلى إسرائيل، لكنها اكتفت بالتعهدات اللفظية، كما أنه لا يوجد التزام بأنني سأرى الأسرى في زيارتي التي قد تستغرق ثلاثة أيام إن تحققت"، وبحسب مارشاك أيضاً، فإنه لا يدير المفاوضات بشأن صفقة التبادل، لكنه يعمل على تحسين شروط التفاوض في حال جرت عن طريق وسطاء، موضحاً أن ثماني سنوات مرت على اختفاء الأسرى في غزة من دون أن ينجح أي طرف في التوصل لرؤية لإنهاء الملف، لذلك، فهو يحاول، ولن يخسر شيئاً وخطوته أفضل من المفاوضات العالقة.
إصرار ورفض
ولم يصدر عن الجانب الإسرائيلي الرسمي أي تعليق على الموضوع، وكذلك الأمر لدى "حماس" ووزارة الداخلية في غزة، ولم يتسن الحصول على رد من أي طرف منهم، لكن من جهة الحركة، قال الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع إن إسرائيل رفضت، مرتين، محاولتين لعقد صفقة تبادل إنسانية، ولم تتجاوب مع وسطاء (لم يسمهم)، وهي لا تتعامل بجدية مع الملف، على الرغم من أنهم أعلنوا جاهزيتهم لإتمام ذلك.
بينما في إسرائيل، قال وزير دفاعها بيني غانتس، إنهم لن يغيروا من سياستهم بعد محاولات "حماس" دفع صفقة التبادل، ولن ينجح الابتزاز والحيل الأخرى في إجبار تل أبيب على تقديم تنازلات.
وأخيراً، عرضت "حماس" والوسطاء، ثلاثة مخططات من أجل تحريك ملف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، كان آخرها، من الوسطاء، إجراء صفقة جزئية، يطلق فيها الأسير المريض هشام السيد مقابل إطلاق الأسرى المرضى في سجون إسرائيل، الذين يقدر عددهم بنحو 500 أسير، بينما عرضت "حماس"، على لسان قائدها يحيى السنوار، إجراء صفقة إنسانية، كما قدمت خريطة طريق أخرى حول صفقة متكاملة، لكن إسرائيل لم تتجاوب مع هذه العروض.