في الوقت الذي تتصاعد فيه الاحتجاجات على أسعار الوقود على الطرق السريع في إنجلترا وويلز، سجلت أسعار البنزين مرة أخرى ارتفاعاً قياسياً على الرغم من التراجع الطفيف في تكاليف البيع بالجملة الباهظة لتجار التجزئة. وفندت صحيفة "الغارديان" أبرز الأسباب المتداولة المرتبطة بارتفاع أسعار الوقود في البلاد كالتالي:
لماذا أسعار الوقود مرتفعة جداً؟
بلغ متوسط تكلفة البنزين 191.53 بنس للتر، بينما بلغ سعر الديزل 199.03 بنس، وفي بعض الأماكن، يزيد على جنيهين إسترلينيين (2.4 دولار) للتر. وارتفعت أسعار الوقود هذا العام مع ارتفاع تكلفة النفط الخام المستخدم في إنتاج البنزين والديزل.
وكان سعر النفط الخام قد انهار خلال فترة وباء كورونا، حيث أثرت قيود السفر في الطلب. ومنذ ذلك الحين عاد هذا الطلب إلى حد كبير. في حين أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى تفاقم الوضع، حيث يبتعد عديد من الدول الغربية عن النفط الروسي. كما أدى انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار إلى ارتفاع تكاليف الجملة لتجار التجزئة للبنزين والديزل.
لماذا ترتفع أسعار الوقود عندما تنخفض أسعار النفط؟
تراجع سعر النفط من أعلى مستوياته عند حوالى 140 دولاراً للبرميل في بداية الهجوم الروسي إلى نحو 110 دولارات مع سعي الدول للحصول على إمدادات من بدائل لروسيا. وعادة ما تتحرك أسعار الجملة والتجزئة جنباً إلى جنب، ولكن يبدو أن المصافي تأخذ حصة أكبر.
ويتم حساب هوامش التكرير باستخدام "فروق الكراك"، فرق السعر الإجمالي بين برميل النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة منه. ووصلت هذه الفروق إلى مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة بعد انخفاض في طاقة التكرير في أوروبا والساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وفي بريطانيا، هناك ست مصافي نفط كبيرة فقط. من الناحية النظرية، كان من المُفترض أن يساعدها الازدهار في الطلب على التكرير، على الرغم من أن ارتفاع أسعار النفط في مارس (آذار) قد أدى إلى تضخم تكاليف المدخلات.
على من يقع اللوم؟
انخفضت تكلفة الجملة للبنزين لمدة خمسة أسابيع متتالية. واتهمت شركة "راك" تجار التجزئة بعدم تمرير تلك التكلفة المنخفضة على سائقي السيارات. وقالت إن متوسط تكلفة التسليم الخالي من الرصاص كان 145.7 بنس للتر الأسبوع الماضي، وبعد إضافة 7 بنسات لهامش اللتر لمتاجر التجزئة العادية، و 20 في المئة ضريبة القيمة المضافة يصل السعر إلى 183 بنساً. وقال المتحدث باسم شركة خدمات السيارات البريطانية "راك"، سيمون ويليامز، "على الرغم من ذلك، فإن المتاجر الكبرى الأربعة، التي تهيمن على مبيعات الوقود، تقف بثبات مع لتر من البنزين في متاجرها بتكلفة متوسطة 190.19 بنس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حين جادل تجار التجزئة بأن مصافي النفط لم تشهد انخفاضاً في أسعار النفط الخام منذ المستويات المرتفعة خلال الأيام الأولى للحرب في أوكرانيا. ويشيرون أيضاً إلى وجود فجوة بين تكلفة البيع بالجملة التي يتم شراء الوقود بها والسعر في المضخة، اعتماداً على عقد تجار التجزئة مع مورد الوقود.
وكانت الحكومة قد اتهمت بعض تجار الوقود بالتربح وعدم تمرير تخفيض رسوم الوقود بمقدار 5 بنسات في مارس. وتم تكليف هيئة المنافسة والأسواق "سي أم إيه" بإجراء تحقيق "قصير ومركز" حول الأسعار في القطاع من المقرر أن ينتهي يوم الخميس.
وقالت الحكومة البريطانية إنها شاهدت أدلة على أن الصفوف الأمامية ضمن سلسلة البيع بالتجزئة نفسها تقدم أسعاراً مختلفة في مناطق مختلفة من البلاد، وقد يرجع ذلك إلى اتفاقيات الامتياز في القطاع. وكانت هناك أيضاً مزاعم بأن المتاجر الكبرى لا تتنافس بشدة على أسعار الوقود كما في السنوات السابقة.
ماذا يمكن للمسؤولين أن يفعلوا؟
في حال وجدت هيئة المنافسة والأسواق "سي أم إيه" دليلاً على التواطؤ في تسعير الوقود، فقد تنتقل إلى تحقيق أعمق في الصناعة. في وقت يواجه القطاع دعوات لمزيد من الشفافية حول كيفية الوصول إلى سعر الضخ النهائي.
وفي الوقت نفسه، تتعرض الحكومة لضغوط لخفض ضريبة القيمة المضافة أو إجراء تخفيض إضافي في رسوم الوقود.
ماذا عن دول في أوروبا؟
وفي ألمانيا، تم تخفيض رسوم الوقود بمقدار 25 بنساً للتر، بينما حصل السائقون في هولندا وإيرلندا وإسبانيا على تخفيض قدره 17 بنساً، وفرنسا 14 بنساً. في حين تبلغ رسوم الوقود في المملكة المتحدة 52.95 بنس للتر للبنزين والديزل.
هل ستنخفض أسعار الضخ قريباً؟
من غير المحتمل أن يكون هناك أي انخفاض كبير على الرغم من تباطؤ معدل نمو الأسعار خلال الأسبوع الماضي. من جانبه حذر بنك "جي بي مورغان" من أن أسعار النفط قد ترتفع بنسبة 240 في المئة إلى 380 دولاراً للبرميل إذا خفضت روسيا الإنتاج استجابة للخطط الغربية للحد من أسعار الطاقة.
وقال البنك إن روسيا يمكن أن تخفض إنتاجها النفطي بما يصل إلى 5 ملايين برميل في اليوم من دون التسبب في أضرار جسيمة لاقتصادها. في حين سيؤدي خفض الإنتاج هذا إلى الضغط على الأسواق ورفع الأسعار. أما بالنسبة للسائقين، قد يؤدي ذلك إلى مزيد من المشكلات في المحفظة.