تراجع صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري بنحو 25 في المئة في نحو 42 شهراً، بعد أن هبط من 45.4 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2019 ليصل إلى نحو 33.37 مليار دولار في يونيو (حزيران) الماضي، بعد أن فقد أكثر من 12 مليار دولار في أكثر من ثلاث سنوات.
وأعلن البنك المركزي المصري، الخميس 7 يوليو (تموز)، تراجع صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي بنحو 5.9 في المئة، بما يعادل ملياري دولار ليسجل نحو 33.37 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، مقارنة بنحو 35.49 مليار دولار في نهاية مايو (أيار) الماضي.
هبط إلى 33.37 مليار دولار في يونيو
واتخذ احتياطي مصر الأجنبي مسار الهبوط مع بداية عام الجائحة، إذ سجل في نهاية 2019 نحو 45.4 مليار دولار قبل أن تسلبه التداعيات السلبية للجائحة 5 مليارات دفعة واحدة ليسجل في نهاية عام 2020 نحو 40.1 مليار دولار.
والتقط الاحتياطي الأنفاس قليلاً في عام 2021 مسجلاً ارتفاعاً ضئيلاً لم يزد على المليار دولار، ليسجل نحو 40.93 مليار دولار قبل أن يعود إلى مسار الهبوط من جديد مفرطاً هذه المرة في أكثر من 7 مليارات دولار، إذ سجل في يونيو الماضي 33.37 مليار دولار.
في الثلث الأخير من مارس (آذار) الماضي، تلقت خزائن البنك المركزي المصري أكثر من 20 مليار دولار من دول الخليج السعودية والإمارات وقطر تنوعت بين ودائع واستثمارات متوقعة.
وقالت نائبة رئيس بنك مصر السابقة، سهر الدماطي، إن "تراجع الاحتياطي الأجنبي المصري في السنوات الثلاث الماضية أمر طبيعي"، وأوضحت لـ"اندبندنت عربية" أن "الظروف والتداعيات السلبية للجائحة طاولت كل دول العالم ولم تنج القاهرة من تلك التداعيات".
السياحة مرت بفترات عصيبة
وأكدت أن "الحكومة المصرية خصصت في عام الجائحة أكثر من 100 مليار جنيه (5.3 مليار دولار) كنفقات إضافية بالموازنة العامة للدولة في ظل توقف أغلب موارد القاهرة من العملات الأجنبية، وعلى رأسها السياحة التي توقفت مواردها بشكل شبه تام".
وتابعت أن "السياحة المصرية مرت بفترات عصيبة منذ سقوط الطائرة الروسية في عام 2015 فوق شبه جزيرة سيناء، وقبل أن تتعافي جزئياً في عام 2019 هبت الجائحة العالمية وتراجعت إيراداتها بأكثر من 75 في المئة تقريباً، وعندما تعافت بشكل كبير في عام 2021 اندلعت الحرب الروسية في أوكرانيا"، قائلة "يجب ألا نغفل تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي ومع هذا الخفض ترتفع تكلفة الاستيراد من خارج البلاد بكل تأكيد لانخفاض العملة المحلية لدولة تستورد 80 في المئة من الاحتياجات".
وخسرت العملة المصرية أكثر من 25 في المئة من قيمتها منذ الـ21 من مارس الماضي، بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها منتصف الأسبوع الماضي عندما تراجعت مقابل نظيرتها الخضراء إلى 18.89 جنيه.
وكانت نائبة وزير السياحة والآثار في مصر، غادة شلبي، قالت في تصريحات صحافية في وقت سابق، إن "إيرادات السياحة في مصر خلال عام 2021 تجاوزت 13 مليار دولار لتعود إلى مستويات ما قبل الجائحة". وتابعت أن "إيرادات السياحة سجلت أقل من 4 مليارات دولار في 2020، بانخفاض 70 في المئة بسبب الجائحة".
من جانبه، قال المحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة، هاني جنينة، إن هبوط مستوى الاحتياطي النقدي الأجنبي بنحو 12 مليار دولار في نحو 3 سنوات ونصف السنة هو أمر محزن بالفعل"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية"، أن "الأمر منطقي في ظل الأحداث الصعبة التي عاشتها القاهرة باعتبارها جزءاً من العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لم تحدث من 100 عام
وأوضح جنينة أن "دول العالم تمر بأحداث جيوسياسية واقتصادية غير مسبوقة لم تتكرر منذ أكثر من 100 عام تقريباً"، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يتراجع صافي الاحتياطي المصري في ظل جائحة كورونا، التي أصابت العالم بالشلل التام وقلصت من حظوظ مصر السياحية بعد قيود الإغلاق، التي اتبعتها أغلب الدول وتوقف الصادرات.
وأشار إلى أنه مع بداية التعافي الجزئي من الجائحة اندلعت الحرب في أوكرانيا، ومعها ارتفعت أسعار السلع الأساسية في العالم إلى مستويات قياسية، مما زاد من قيمة فاتورة الغذاء المصري"، قائلاً "يجب ألا ننسى أن الحرب عصفت بإيرادات مصر من السياحة الروسية والأوكرانية التي تمثل ثلث إيرادات القاهرة من السياحة، تزامناً مع خروج الأموال الساخنة من مصر كأحد أهم الموارد للعملة الصعبة إلى جانب سداد مصر لحزمة كبيرة من الديون".
ووفقاً لتصريحات رسمية خسرت القاهرة أكثر من 55 مليار دولار من الأموال الساخنة منذ عام 2018 بعد خروج 20 مليار دولار منها في النصف الأول من العام الحالي لترتفع قيمة تخارج الأجانب من الاستثمار في أدوات الدين المصرية أكثر من 55 مليار دولار منذ أربع سنوات.
في مايو الماضي، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي، إن "الحرب الروسية- الأوكرانية تسببت في خسائر ضخمة للاقتصاد المصري قدرت بنحو 460 مليار جنيه (24.38 مليار دولار) موزعة بين 130 مليار جنيه (6.8 مليار دولار) كتأثير مباشر، نتيجة لزيادة أسعار السلع الاستراتيجية، مثل القمح والبترول، وارتفاع أسعار الفائدة، إلى جانب 335 مليار جنيه (17.75 مليار دولار) أخرى كتأثيرات غير مباشرة".
وتضاعفت قيمة فاتورة الاستيراد المصرية بعد الحرب الروسية، وفقاً لتصريحات صحافية لوزير المالية محمد معيط، إذ قال إن "فاتورة الاستيراد الخاصة بمصر ارتفعت بعد الحرب الروسية- الأوكرانية ووصلت لـ9.5 مليار دولار في الشهر من خمسة مليارات دولار شهرياً قبلها".
وسددت القاهرة ديوناً في النصف الأول من العام الحالي بلغت أكثر من 24 مليار دولار، منها 10 مليارات دولار ديون خارجية، و14 مليار دولار للصناديق الأجنبية، لسداد قروض وسندات دولية مستحقة، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.
وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 145.5 مليار دولار مقابل 137.4 مليار دولار في نهاية سبتمبر (أيلول) 2021 بزيادة بقيمة 8.1 مليار دولار، بحسب بيانات رسمية.