انسحب رئيس الوزراء بوريس جونسون وزوجته كاري مع ولديهما إلى المقر الريفي لرئاسة الوزراء في بلدة تشيكرز في ريف باكينغهامشير، حيث يقع القصر التاريخي الرائع من القرن السادس عشر الذي سيفقدون قريباً امتياز استخدامه، وذلك للتفكير في مستقبله السياسي.
وبعد أسبوع من ثورة وزرائه ونواب حزبه ضده وإجباره على ترك منصبه، يفكر جونسون الآن في ترك السياسة تماماً.
ونقلت صحيفة "ذا تليغراف" البريطانية في تقريرها قول مصدرَين مطلعَين إن جونسون يفكر إن كان سيتبع خطى سلفه المباشر تيريزا ماي، ويبقى في مجلس العموم، أو يتنحى في الانتخابات المقبلة.
تقبل السيد جونسون استقالة عدد من الوزراء "في حزن، وليس في حال غضب"، ووصفه مساعدوه بأنه حزين لأنه لا يستطيع إنهاء المهمة التي خطط لإنجازها عام 2019.
ولدى جونسون الآن خيار العودة إلى الكتابة وإلقاء الخطب اللذين وفرا له دخلاً مربحاً قبل أن ينضم إلى مقاعد النواب الأمامية لحزب المحافظين عام 2016.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال أحد المطلعين "لا أعتقد أنه حسم أمره بعد، إنه يأخذ فترة نهاية الأسبوع هذه للتفكير في الأمر".
وذكر مصدر آخر "إنه يقيّم الوضع. إنه لا يعتزل السياسة بشكل فوري، لكن هذا لا يعني أنه سيعود إلى منصبه مرة أخرى".
"بوريس كان مدمراً لذاته"
نهض رئيس الوزراء مبكراً وكتب خطاب استقالته، وقرأها للإعلام المنتظر، وعاد إلى الداخل، حيث استقبله ابنه ويلفريد ومجموعة من المؤيدين المتبقين الذين لم يكُن لديهم كثير ليكسبوه من إظهار الولاء.
قال أحد المؤيدين "إذا نظرت إلى النواب الذين أتوا إلى داونينغ ستريت في النهاية، فهي مجموعة كانت تتوقع قرب نهايته، لكنهم من ذلك النوع من الناس الذين سيذهبون إلى الجحيم ويعودون من أجل بوريس".
وصرح أحد المصادر "كان الناس يقولون لبعضهم البعض أن الحزب [المحافظون] يرتكب خطأ، ولكن أيضاً أن بوريس كان يدمر نفسه".
عدم اليقين حول الإقامة المستقبلية
بعيداً من سلسلة فضائح الفساد التي حامت حوله ومقاومته لها للتشبث بالمنصب، أصبح لدى جونسون الآن الوقت الكافي للتفكير في ما سيفعله بعد ذلك.
وفقاً للقريبين منه، فإن أحد أكثر الأسئلة "إرهاقاً" هو تحديد المكان الذي سيعيش فيه هو وعائلته الصغيرة عندما ينتقلون من شقتهم التي تم تجديدها بعناية فوق 11 داونينغ ستريت ويفقدون أيضاً امتياز استخدام "تشيكرز".
منزل جونسون الريفي في أوكسفوردشاير مؤجر، كما أن هناك مستأجرين جدداً انتقلوا للتو إلى منزله الواقع في كامبرويل جنوب لندن الذي اشتراه مع زوجته قبل تولّيه منصبه في يوليو (تموز) 2019.
وقال مصدر برلماني مازحاً بشكل تهكمي إنه من المؤسف أن الحكومة حظرت على أصحاب العقارات طرد المستأجرين من دون سبب وجيه، لأن هذا القرار يعرقل الآن عثور السيد جونسون على مكان للعيش فيه.
لكن هناك مخاوف من أن تكون كامبرويل، معقل حزب العمال، مكاناً بائساً للعيش فيها بعد ترك منصبهما، إذ يقول أحد مؤيديه، "لا أريده أن ينتقل إلى كامبرويل اللعينة"، مضيفاً "أنا متأكد من أن المنزل جميل لكنها لا تبدو فكرة جيدة بأن يعيش هناك محاطاً بأشخاص يكرهونه. أعتقد سيكون من الأفضل له الذهاب إلى أوكسفوردشاير".
تغيير المهنة
هناك همّ آخر لدى الزوجين وهو ما سيفعله جونسون في مهنته عندما يغادر داونينغ ستريت.
المتاعب المالية لرئيس الوزراء ليست سراً بعد فضيحة "وول بايبر غيت" (Wallpapergate) التي شهدت تبرع اللورد دايفد براونلو بالمال لدفع ثمن تجديد مترف للشقة رقم 11 داونينغ ستريت، التي كان يقيم فيها جونسون وعائلته.
لكن حتى لو بقي جونسون عضواً في البرلمان من دون حقيبة وزارية، فإنه سيخسر راتبه الوزاري وينال 84144 جنيهاً استرلينيا (نحو 101220 دولاراً) بدلاً من 164080 جنيهاً استرلينيا (نحو 197 ألف دولار).
لكنه سيستعيد قدرته على جني الأموال والعودة إلى مهنته المربحة قبل رئاسة الوزراء في تأليف الكتب وإلقاء الخطب.
ويقال إن الناشر "هودر وستوتون" Hodder and Stoughton، لا يزال ينتظر مخطوطة من السيد جونسون عن حياة ويليام شكسبير، التي كان من المقرر نشرها عام 2016 تزامناً مع الذكرى 400 لوفاته.
وجاءت صفقة الكتاب مرفقة بمبلغ 88 ألف جنيه استرليني مقدماً، لكن الناشر وافق لاحقاً "على تأجيل النشر حتى وقت أكثر ملاءمة" بعد تعيينه وزيراً للخارجية.
ونفى غوتو هاري، مسؤول الإعلام عند جونسون، شائعات بأن رئيس الوزراء كان يحتفظ بملاحظات من الفترة التي قضاها في داونينغ ستريت بهدف نشر مذكراته.
ويعتقد أن مذكرات السير توني بلير، قد أكسبته ما يصل إلى 5 ملايين جنيه استرليني.
وهناك خيار آخر يتمثل في عودة جونسون إلى "إلقاء الخطب بعد العشاء"، الذي كان حقق له سابقاً ما يصل إلى 50 ألف جنيه استرليني (نحو 60 ألف دولار) في ليلة واحدة.
وقال وكيل أعماله السابق جيريمي لي، "مثل معظم أسلافه، من تشرشل إلى بلير، سيكون هناك طلب كبير عليه خارج بلاده"، لافتاً "من الناحية التجارية، جونسون هو علامة تجارية عالمية تتمتع بسمعة طيبة في الخطابات الغريبة والغنية - أستطيع أن أرى جماهير من الولايات المتحدة إلى آسيا تنشد الاستماع إليه".
وأضاف مصدر حكومي بسخرية "إذا كانت تيريزا ماي تكسب 60 ألف جنيه استرليني (نحو 72 ألف دولار) مقابل كل خطاب، فأعتقد أن بوريس سيكون بخير على الأرجح".
الأمل باقٍ
على الرغم من أن أروقة البرلمان البريطاني غارقة الآن في المنافسة على زعامة حزب المحافظين، إلا أن هناك من لا يزال يعتقد أن جونسون لم يستنفد خطواته السياسية.
ليلة السبت، اضطر المتحدث إلى نفي الشائعات القائلة إنه ينوي الترشح مرة أخرى للقيادة، على الرغم من قواعد حزب المحافظين نفسه التي تحظر على أولئك الذين استقالوا من الترشح مرة أخرى.
وقال أحد المؤيدين "أريده نوعاً ما أن يعود، مثل ترمب تقريباً. أعتقد أنه سيكون رائعاً".
على الرغم من أن بعض موظفيه أمضوا معظم هذا الأسبوع في البكاء، إلا أنه يقال إن جونسون متفائل على الرغم من النهاية المفاجئة لولايته في رئاسة الوزراء ومستقبله غير المؤكد.