أثارت استقالة بوريس جونسون تساؤلات عن الوجهة التي ستذهب إليها تالياً حياته المهنية بينما ينتظر انتخاب زعيم جديد لحزب المحافظين لكي يحل محله كرئيس للوزراء.
وقد تقاضى [جونسون] حين كان عضواً في البرلمان عن دائرة أوكسبريدج الانتخابية وعمدة لندن حوالى 250 ألف جنيه استرليني (298 ألف دولار) في العام، لقاء عمله الثاني ككاتب عمود في صحيفة "دايلي تلغراف".
ورفض جونسون خلال مقابلة له العام 2009 ذلك المبلغ على أنه "تافه"، وقال إن تعليقه كان فقط أنه "غير جدي".
والآن وبعدما أُجبر على التنحي عن وظيفته الرئيسة فمن المرجح أنه سيعيد التفكير بالعمل في الصحافة من جديد، وذلك لأن بوسعه تقاضي أجور أعلى تدفع حتى أمثاله إلى أخذ الأمر على محمل الجد.
وقد يكون جونسون أيضاً متشوقاً لاستئناف العمل على كتابه حول وليام شكسبير، والذي قيل إنه وضع العمل عليه جانباً منذ دخوله "10 داونينغ ستريت".
ومن المتوقع أنه سيسعى إلى الحصول على فرص عمل مربحة كخطيب في مناسبات عامة، لا سيما أنه تلقى أجراً وصل إلى 123 ألف جنيه استرليني (146 ألف دولار) في مقابل إحدى الخطب التي ألقاها خلال الفترة الفاصلة بين توليه وظيفيته الحكوميتين كوزير للخارجية ورئيس للوزراء.
ونظراً إلى ارتباطه الوثيق مع فولوديمر زيلينسكي، لن يكون مفاجئاً أن يسهم أيضاً في العمل من أجل إعادة إعمار أوكرانيا، ولكن في حال نفاذ الأفكار من رأسه، وهو احتمال مستبعد، فيستطيع جونسون أن يستمد بعض الإلهام من الحياة المهنية لأسلافه في مرحلة ما بعد "داونينغ ستريت".
تيريزا ماي
غادرت عضو البرلمان المحافظة عن دائرة مايدينهيد الانتخابية "10 داونينغ ستريت" في يوليو (تموز) 2019، وذلك في أعقاب تعرض مسودة اتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) التي وضعتها إلى الرفض ثلاث مرات في مجلس العموم، ومنذ ذلك الوقت أصبحت من أشد منتقدي جونسون ووزرائه علناً.
وذكرت ماي بعد بضعة أشهر من استقالتها أنها كانت تفكر في تأليف كتاب عن حياتها المهنية السياسية التي قالت إنها "لا تندم على شيء" في شأنها، وهي تواصل حضور جلسات مجلس العموم "لتكريس الوقت الكامل" لدائرتها الانتخابية كنائب في المقاعد الخلفية [لا تتبوأ وظيفة حكومية].
وقد وجد اسمها طريقه عائداً لعناوين الأخبار الرئيسة على مر السنين، بعدما هاجمت بقدر كبير من الاحتقار كيفية تعامل خلفها مع جائحة "كوفيد" وانتهاك كبير مساعديه دومينيك كامينغز قانون الإغلاق، والخطط الرامية إلى خفض موازنة المساعدات الخارجية، وكذلك فضيحة "بارتي غيت" المتعلقة بحفلات أقيمت في "10 داونينغ ستريت" أثناء الإغلاق.
وقد ذُكرت ماي كمرشحة محتملة لخلافة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ بعد تقاعده المتوقع عام 2023.
ديفيد كاميرون
أعلن ديفيد كاميرون بعد فترة وجيزة من إعلان نتيجة استفتاء "بريكست" في يونيو (حزيران) 2015 لمصلحة "خروج بريطانيا"، عزمه الاستقالة كرئيس للوزراء وعضو للبرلمان عن دائرة ويتني الانتخابية في مقاطعة أكسفوردشاير، وبعد ثلاث سنوات نشر كاميرون كتاب مذكراته المعنون "من أجل السجل" For the Record الذي يروي فيه قصة الوقت الذي قضاه في "داونينغ ستريت".
ولقد تم جره العام الماضي إلى إحدى قاعات قصر ويستمنستر [مبنى البرلمان] لاستجوابه من قبل أعضاء البرلمان في شأن عمله كجماعة ضغط على وزراء وموظفي خدمة مدينة بالنيابة عن شركة "غرينسيل كابيتال" [شركة خدمات مالية]، وكان تردد أنه جنى ما يزيد على 7 ملايين جنيه استرليني (8.36 مليون دولار)، وتولى كاميرون أيضاً 10 مناصب في قطاعات الأعمال التجارية والخيرية.
غوردون براون
غوردون براون هو آخر رئيس وزراء من حزب العمال، وبقي حوالى ثلاث سنوات في "10 داونينغ ستريت" بعدما شغل منصب وزير المالية لأطول مدة خدم فيها أي من أصحاب هذا المركز في تاريخ بريطانيا الحديث، وذلك في حكومة ترأسها السير توني بلير.
وبعد يومين من استقالته أعلن براون أنه ينوي العمل كنائب مقاعد خلفية عمالي [لا يتبوأ وظيفة حكومية] عن دائرته الانتخابية كيركالدي وكودينبيث، وبعد فترة قصيرة من خروجه من "10 داونينغ ستريت" سرعان ما أنهى براون في غضون 14 أسبوعاً تأليف كتابه "ما وراء الانهيار" الذي يتناول فيه الفترة التي أمضاها كوزير للمالية خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وواصل العمل كعضو في البرلمان، كما لعب دوراً في استفتاء عام 2014 على استقلال اسكتلندا، مشاركاً في الحملة من أجل بقاء اسكتلندا في المملكة المتحدة، ثم أعلن أنه لن يسعى إلى إعادة انتخابه للبرلمان خلال انتخابات العام 2015.
وتولى براون العام 2015 وظيفته الكبيرة الأولى في القطاع الخاص منذ تنحيه عن رئاسة الوزراء، وأصبح مستشاراً لشركة "بيمكو" الاستثمارية الأميركية، وقيل إنه تبرع براتبه لجمعيته الخيرية "مؤسسة غوردون وسارة براون".
السير توني بلير
يتمتع رئيس الوزراء العمالي الأسبق بواحدة من أغزر الحيوات المهنية في مرحلة ما بعد السياسة، اشتملت على الدبلوماسية والعمل الخيري والخطابة والتعليق السياسي ومعها، بطبيعة الحال، تأليف كتاب.
استقال بلير العام 2007 من "داونينغ ستريت" بعد 10 سنوات [كرئيس للوزراء]، وكان في ذلك الوقت قد تأكد [تعيينه] كمبعوث [للرباعية الدولية] في الشرق الأوسط، الأمر الذي استلزم استقالته كعضو في البرلمان عن دائرة سيدجفيلد الانتخابية.
وفي عام 2008 أُعلن أن السير توني بلير سيلتحق ببنك "جي بي مورغان تشيس" الاستثماري بصفة "مستشار رفيع المستوى"، وبأنه سيقدم المشورة إلى خدمات "زيوريخ المالية" في شأن تغير المناخ لقاء راتب لم يعلن عنه، لكن يشتبه في أنه يزيد على 500 ألف جنيه استرليني (597 ألف دولار) في العام.
وكسب بلير حوالى 200 ألف جنيه استرليني (238 ألف دولار) لقاء كل خطاب مدته 90 دقيقة، وفي العام 2008 أشارت تقارير إلى أنه كان الأعلى أجراً في العالم، ومنذ استقالته أطلق رئيس الوزراء السابق كلاً من "توني بلير أسوشيتس" و"مؤسسة توني بلير الرياضية" و"مؤسسة توني بلير الدينية" و"مبادرة توني بلير للحكم في أفريقيا" و"معهد توني بلير".
وتبقى مسيرة رؤساء الوزراء المهنية ناقصة من دون كتاب، ولذلك وجرياً على العادة نشر بلير مذكراته بعنوان "رحلة" عام 2010، وأعطى الدفعة المقدمة لكتابه والبالغة 5 ملايين جنيه استرليني (5.97 مليون دولار) إضافة إلى كل عوائد الكتاب للفيلق البريطاني الملكي، وهي خطوة تعرضت للانتقاد كتصرف ساخر لإصلاح سمعته بعد الخسائر في الأرواح التي شهدتها كل من حربي العراق وأفغانستان.
واتهم بلير منذ حرب العراق بارتكاب جرائم حرب، كما دعا عدد من الشخصيات العامة إلى مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وتعرض العام 2016 إلى الانتقاد من قبل "تقرير تشيلكوت" الذي صدر نهاية التحقيق [في غزو] العراق عام 2003، واعتذر فيما بعد قائلاً إن القرارات التي اتخذها كانت "بحسن نية".
وأطل السير توني مراراً على التلفزيون للتعليق على قضايا سياسية مثل معارضته لـ "بريكست" وزعامة جيرمي كوربين لحزب العمال حينذاك، معتبراً إياه يسارياً أكثر من اللازم.
ونال السير توني هذا العام لقب فارس، وقوبل هذا القرار بمعارضة جمعت أكثر من مليون توقيع في عريضة عامة.
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 8 يوليو 2022
© The Independent