علمت "اندبندنت" أن وزير الصحة البريطاني المستقيل ساجد جاويد، استغل أثناء عمله مساعداً وزارياً في وزارة الخزانة البريطانية، ثغرة ضريبية تتيح له الاستفادة من امتيازات وضع "غير المقيم [ضريبياً]" non-dom status [الأفراد الذين يقيمون في دولة ما لكنهم يتبعون ضريبياً دولة أخرى].
السياسي الطامح إلى قيادة حزب "المحافظين"، الذي طالب يوم الأثنين، بمزيد من التدقيق في ملفات المرشحين لزعامة الحزب أثناء إطلاق حملته الانتخابية، اكتفى بالقول إنه تخلّى عن الوضع الضريبي المثير للجدل "قبل دخوله الوظيفة العامة"، رافضاً الإجابة عن مزيد من الأسئلة المتعلقة بشؤونه الضريبية.
لكن استناداً إلى مصادر مطلعة على التخطيط الضريبي للسيد جاويد، عندما تخلى وزير الصحة السابق عن وضع "غير المقيم" عام 2009، فقد أبقى على بعض المزايا الضريبية لتلك الوضعية من خلال صندوق ائتمان خارجي حتى عام 2012. هذه الخطوة التي تُعدّ قانونية بالكامل، أتاحت له تجنّب دفع ضريبة دخل في المملكة المتحدة على بعض من الدخل الذي حققه من استثمارات أجنبية. وكان جاويد عمل منذ عام 2011 في وزارة الخزانة، مساعداً وزارياً لوزير الخزانة آنذاك جورج أوزبورن.
وفي الوقت الذي لا يسمح لأعضاء البرلمان باستخدام وضع "غير مقيم" على أساس شخصي لأسباب ترتبط إما بضريبة الدخل أو بضريبة الإرث، فإنه ما زال في إمكانهم، كما يقول خبراء الضرائب، الاستفادة من هذا الوضع عبر صناديق الائتمان، لأن هذه الصناديق تُعدّ كيانات قانونية قائمة في حد ذاتها كالشركات.
دان نيدل، مؤسس شركة "تاكس بوليسي أسوشيتس ليمتد" Tax Policy Associates Ltd [مؤسسة غير ربحية تقدم مشورة لصانعي القرار في السياسات الضريبية]، قال لـ"اندبندنت" إن قانونية "وضع "غير المقيم" لا يمكن أن تستمر أكثر من 15 عاماً. وجرت العادة لـ"غير المقيمين ضريبياً" الذين يوشكون على الوصول إلى هذه المدة الزمنية المحددة أن يقوموا بإيداع ممتلكاتهم الأجنبية في صندوق ائتمان عقاري مستثنى من الضريبة، وهذا يتيح لهم الاحتفاظ على نحو فاعل بوضع "غير مقيم" بصورة دائمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف نيدل، "في اعتقادي، أن هذا يُعدّ تهرباً ضريبياً، فالبرلمان كان عازماً على وقف العمل بـ "وضع غير المقيمين"، إذ يشكّل ذلك ثغرة يتعين حلها للحؤول دون الوصول إلى مثل هذه النتيجة".
وكان السيد جاويد رفض الإفصاح عن مكان وجود الصندوق الائتماني الذي وضعت فيه وديعته، لكنه قال إنه لم يفكّها حتى عام 2012، عندما بدأ فعلاً حياته السياسية، وتولّى منصب السكرتير البرلماني الخاص، الذي كان بمثابة عينَي وأذنَي وزير الخزانة البريطاني آنذاك.
وردّ جاويد على سؤال الصحافيين له عن مكان إقامته الضريبية تاريخياً بالقول، "لن أخوض في أي تفاصيل أخرى تتعلق بالشؤون الضريبية المرتبطة بالفترة التي لم أكُن فيها منخرطاً في الوظيفة العامة. لم يكن لدي وضع "غير المقيم" طيلة فترة خدمتي في القطاع العام". وعندما سألت "اندبندنت" بشكل منفصل المتحدث باسم وزير الصحة السابق، امتنع عن التعليق على استخدام جاويد امتيازات وضع "غير المقيم" عندما كان عضواً في البرلمان.
وكان تم تسليط الضوء على الوضع الضريبي للمتنافسين على قيادة حزب "المحافظين"، بعدما كشفت "اندبندنت" أن خبراء من مصلحة الضرائب واسمها الكامل "هيئة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك"، كانوا يحققون في الشؤون المالية لوزير الخزانة الجديد ناظم زهاوي. وفي وقت سابق من هذا العام، واجه سلفه الوزير ريشي سوناك، وهو المرشح الأوفر حظاً في الوقت الراهن لقيادة حزب "المحافظين"، أسئلة عندما تبين أن زوجته أكشاتا مورتي، استخدمت هي الأخرى وضع "غير المقيمة".
في عودة إلى السيد ساجد جاويد، قال لدى سؤاله، صباح يوم الأحد، عن نشر إقراراته الضريبية، "ليست لدي أي مشكلة في التعامل مع مثل هذه الشفافية. وأعتقد أنه في حال وصولي إلى مرحلة التصفيات الأخيرة [التي تقتصر على مرشحَين نهائيَّين لزعامة الحزب]، يتعين التزام شفافية مطلقة في ما يرتبط بشؤوننا الضريبية".
وفي الوقت ذاته، تعهد الوزير ناظم زهاوي "بالردّ على أي أسئلة يمكن أن تطرحها عليه مصلحة الضرائب" وبنشر حساباته سنوياً إذا ما خلف رئيس الوزراء الراهن بوريس جونسون في "10 دوانينغ ستريت"، إلا أن وزير الخزانة السابق ريشي سوناك لم يعلق بعد على موضوع نشر تفاصيله الضريبية.
يشار إلى أن وضع ما يُسمّى بـ"غير المقيم" على أساس العائدات، يسمح للأفراد بدفع ضريبة في المملكة المتحدة، فقط على الدخل الذي يحققونه على الأراضي البريطانية، على نقيض المواطنين العاديين الذين يتعيّن عليهم أن يدفعوا ضرائب على دخلهم المحقق في داخل البلاد وخارجها على حد سواء.
السيد جاويد أكد أنه استخدم وضع "غير المقيم" في إقراراته الضريبية لنحو "4 أو 5 سنوات" في الأعوام العشرة الأولى من القرن الحادي والعشرين.
العضو في مجلس الوزراء آنذاك لفت في بيان عن شؤونه الضريبية في أبريل (نيسان) من هذه السنة، إلا أنه فك ائتماناً له عندما تقلّد منصبه وزيراً في الحكومة عام 2012، وتكبد ضريبة دخل بنسبة 50 في المئة "على تلك الأصول"، وهي "أكبر عبء ضريبي يمكن أن يتم فرضه"، وقال إن من شأن ذلك أن يقضي على أي فوائد ضريبية متراكمة.
وختم بالتكرار مرات عدة أنه كان دائماً يعلن عن المعلومات التي تطلبها مصلحة الضرائب والسلطات الحكومية والبرلمانية.
نُشر في "اندبندنت" بتاريخ 12 يوليو 2022
© The Independent