ما الذي يمكن أن يرسمه أطفال العالم اليوم في أجواء مضطربة بالأزمات والحروب والصراعات؟ كيف يعبرون عن واقعهم ومعاناتهم أو حتى عن حيرتهم ومخاوفهم؟ هذا ما يمكن أن تكشف عنه الدورة الثانية لبينالي القاهرة الدولي لفنون الطفل، والذي من المقرر افتتاحه يوم الثلاثاء المقبل برعاية وزارة الثقافة المصرية. يشارك في هذه الدورة 688 طفلاً دون سن 18 عاماً يمثلون 25 دولة، مع تمثيل للأطفال ذوي الإعاقة. وتستمر الفعاليات والأنشطة المرتبطة بالبينالي حتى 18 أغسطس (آب).
تأتي الدورة الثانية بعد أن يقرب من ثلاث سنوات من تنظيم الدورة التأسيسية للبينالي في 2019. ثلاث سنوات، مر العالم خلالها بعديد من المحن، فخلال هذه السنوات انتشر وباء كورونا، واندلع مزيد من الحروب في عدة أماكن من العالم، وتفاقمت الأزمات الاقتصادية وبات ملايين الناس مهددين بالجوع والفقر، مما فاقم بلا شك من معاناة ملايين الأطفال حول العالم.
المشاركات التي شهدتها الدوة التأسيسة في 2019 كانت أشبه بنوافذ مشرعة على ثقافات الدول وعادات الشعوب، إذ عبرت هذه الرسوم خير تعبير عن الأماكن التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال. اتسمت أغلب هذه الرسوم بالبهجة وامتلأت باللون والخطوط العفوية المعبرة. بين هذه الرسومات على سبيل المثال رسم ملون لفتاة من سريلانكا (سانومي دي سيلفا) يظهر المشهد الذي رسمته الفتاة السريلانكية مجموعة من الأطفال وهم يلعبون في إحدى الحدائق. الرسوم الأخرى المشاركة لم تخلُ من هذه الروح الطفولية المرحة، فقد اتسمت جميعها بعفوية طفولية ورغبة في التعبير عن طبيعة البيئة المحيطة بكل طفل.
مشهد طفولي مأساوي
ونحن في استقبال دورة جديدة بمشاركات مختلفة، لا نستطيع أن نمنع أنفسنا عن التساؤل حول طبيعة المشهد الذي يمكن أن تقدمه لنا الفتاة السريلانكية في ظل هذه الاضطرابات التي تشهدها بلادها هذه الأيام؟ وماذا سيرسم أقرانها من الأطفال الآخرين الذين يعيشون في مناطق مضطربة؟ كيف سيعبرون عن آثار أزمة الغذاء والنزوح وتغير المناخ؟ ربما يكون من المثير بالنسبة لنا أن نتطلع إلى هذه الرسوم بمزيد من الحماسة والترقب، فتعبير الصغار قد يكون أكثر تمثيلاً للواقع الذي يعيشه العالم اليوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقام هذه الدورة من البينالي تحت عنوان "صورة من بلدي" وتعرض الأعمال المشاركة في قاعات مركز محمود مختار الثقافي وقاعة العرض في كلية التربية الفنية في القاهرة. وقد أكدت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم أن وجود هذا البينالي يعد خطوة جديدة في الاتجاه الصحيح نحو الاهتمام بفنون الطفل، لما لها من دور فاعل في تنمية شخصيته.
أما الفنان خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية فقد أكد قناعته بأن الفن يؤثر في حياتنا أكثر مما نتوقع، لذا فهو يرى أن بينالي القاهرة الدولي لفنون الطفل، يعد محاولة جادة لقراءة رسائل الأطفال والإنصات إلى أحلامهم. هي زهور صغيرة، كما يقول، تتفتح في عالم الفن، لتنشر عبيرها وترسم طريقها إلى مستقبل واعد. ومع انطلاق الدورة الثانية للبينالي نتذكر مردود دورته التأسيسية وما تزينت به جدران قاعات العرض من أعمال أدهشتنا بخيال خصب وواع ومدرك، خيال يتجاوز أعمارهم بمراحل. نحن نتطلع بالطبع إلى دورة مثيرة جديدة تكشف لنا ملامح عالم إبداعي مختلف، لديه القدرة على إدهاشنا بإبداع له مذاق البراءة، التي نستعيد معها براءتنا، فنضحك معهم حتى البكاء أو نبكي لدرجة الضحك.