يُظهر قرار بوريس جونسون بمنع التصويت على حجب الثقة [عن حكومته] بأنه ينهي حياته المهنية السياسية بالسلوك ذاته الذي دأب على اتباعه خلالها، أي انتهاك القواعد واللاديمقراطية ومعارضة كل أشكال المساءلة. وبطبيعة الحال، فقد أيّد حزب المحافظين قراره.
إلا أن الرسالة التي كان حزب العمال يحاول إيصالها تبقى صالحة. لا يمكن إيلاء أي قدر من الثقة بحكومة ألحقت ببلادنا هذا القدر من الضرر منذ انتخابها في ديسمبر (كانون الأول) 2019. وبشكل مماثل، وفي قلب كلمات أغنية حزب "العمال" الجديدة [التي تقول إن الأمور لا يمكن إلا أن تتحسن]، هناك ثقة بأن الأمور لا يمكنها إلا أن تزداد سوءاً في ظل أي من الخلفاء المحتملين لبوريس جونسون.
وفي الوقت ذاته، من الواضح أن حزب العمال هو البديل، ونحن مستعدون وبوسعنا أن نفوز في الانتخابات العامة المقبلة. وتفيد استطلاعات الرأي الراهنة كلها بأن فوزنا مرجح. وهذا هو السبب الوجيه للغاية [الذي يعني أن] من المستبعد جداً أن تكون هناك انتخابات مبكرة يدعو إليها الفائز في نهاية المطاف في انتخابات زعامة حزب المحافظين، ويفسر أيضاً سبب منع التصويت على طرح الثقة. لا علاقة للقرار بالاستقرار أو بالتزام القواعد الدستورية. يتعلق القرار بالكامل بالحسابات الانتخابية وخطر هزيمة حزب المحافظين.
إن حجم الضرر الذي أصاب هذه البلاد ضخم حقاً. ويحاول مؤيدو سياسات بوريس جونسون الادعاء بأن كل تطور سلبي [شهدته البلاد] كان خارج سيطرة حكومته، سواء تفشي الجائحة، أو الارتفاع المفاجئ في الأسعار على مستوى العالم، أو أزمة كلفة المعيشة او الحالة المزرية للخدمات العامة.
صحيح أن كثيراً من هذه التطورات كانت عبارة عن أحداث عالمية لها أسباب عالمية. غير أنه لم تكُن هناك حاجة لكي تحقق هذه البلاد واحدة من أسوأ النتائج على الجبهات كلها تقريباً. ويزيد عدد وفياتنا نسبة إلى عدد السكان زيادة كبيرة حتى على الاتحاد الأوروبي (الذي غلب سوء الإدارة وقلة الكفاءة على سياساته بشكل عام). ولدينا أعلى معدل تضخم في دول مجموعة السبع، كما أسوأ توقعات نمو للناتج المحلي الإجمالي بين دول مجموعة العشرين كلها ما عدا روسيا. ونواجه الآن تردياً في عمل هيئة "خدمات الصحة الوطنية"، والخطة الحكومية لمواجهة النقص في الطاقة والماء تتمثل ببساطة في الطلب من المنازل باستهلاك قدر أقل منهما. هذا أسوأ سجل على صعيد العالم بحق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إن إحدى السمات اللافتة لإدارة جونسون القصيرة، هي كيفية تمكّنه، مثل معلمه ترمب، من إعادة قولبة حزبه على صورته المروعة. ونتيجة لذلك، لم تكُن هناك أصوات معارضة تقريباً في حزب المحافظين بخصوص أي قضايا سياسية جوهرية. ويبقى، بالنسبة إلى كتلة حزب المحافظين البرلمانية، أن السبب الذي اضطره إلى الخروج من الحكم، هو أن مزاعم الفساد والكذب باتت تهدد بإسقاط الحزب بأكمله معه.
أصبح الكذب بضاعته المألوفة. وتدل البيانات الأخيرة الخاصة بالفقر أن "تحقيق المساواة" الوحيد الذي حصل [خلال عهده] هو أن مستوى فقر الأطفال في الشمال الشرقي لإنجلترا تخطى مثيله في لندن. وأضحت [سياسة] إعادة البناء بشكل أفضل تعني فتح حقول الفحم من جديد. وإذ يبقى "بريكست" بعيداً كل البعد من كونه قد أُنجز، فهو صار سبباً لخرق الحكومة القانون من خلال محاولتها خرق بروتوكول إيرلندا الشمالية. وهذه محاولة لفرض التأثير الاقتصادي الكارثي ذاته [لبريطانيا] على إيرلندا الذي فرضه أنصار "بريكست" المتشددين على هذه البلاد والمجازفة بنشوب حرب تجارية و[بتعطيل] اتفاقية الجمعة العظيمة [اتفاق السلام في إيرلندا الشمالية] في هذه العملية.
لم ينبس أي من مرشحي زعامة حزب المحافظين بكلمة لانتقاد أي من هذه السياسات. إنهم جميعاً يدعمون سياسة الترحيل [لطالبي اللجوء] إلى رواندا، تماماً كما دعموا التشريع الوحشي لكبح الحق في الاحتجاج، أو تقديم حصانة قانونية لعناصر الشرطة والكوادر.
أذكر، قبل مجرد أربعة أشهر، عندما أعلن ريشي سوناك بيانه الربيعي الذي شمل رفع الضرائب والتأمين الوطني، كما خفّض الرواتب التقاعدية والميزات وأجور القطاع العام في الوقت الذي كانت أزمة غلاء المعيشة في أوجها. وهلل له جميع المحافظين حينئذ حتى بُحّت أصواتهم. وحقيقة أنه بات يتعرض لانتقادات قاسية اليوم لأنه "اشتراكي" [كما يزعم البعض]، يُظهر مدى التطرف الذي بلغه حزبه.
لذلك، وعلى الرغم من مناوراتهم غير الديمقراطية، لا يمكن إيلاء الثقة لأي من المتنافسين على زعامة حزب المحافظين. سيكون هناك مزيد من الأمور ذاتها، أو حتى أسوأ منها. نحن في حاجة إلى تغيير الحكومة.
بيل ريبيرو-آدي هي نائبة من حزب العمال عن دائرة ستريتهام
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 15 يوليو 2022
© The Independent