توجه البابا فرنسيس، الأحد 24 يوليو (تموز)، إلى كندا في زيارة من المفترض أن يجدد خلالها طلب الصفح عن دور الكنيسة في مأساة المدارس الداخلية للسكان الأصليين.
وأقلعت طائرة البابا (85 سنة) الذي لا يزال يعاني آلاماً في الركبة، عند الساعة السابعة بتوقيت "غرينتش" من مطار فيوميتشينو في روما إلى إدمونتون في مقاطعة ألبرتا (غرب)، حيث سيكون في استقباله رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ومسؤولون دينيون.
وهذه الرحلة التي تستغرق عشر ساعات، هي الأطول منذ 2019 للحبر الأعظم الذي تضعفه آلام في الركبة تفرض عليه التنقل متكئاً على عصا أو على كرسي متحرك.
أول المأساة
وكان البابا فرنسيس قال، الأحد الماضي، إن رحلته إلى كندا ستكون بمثابة "رحلة للتكفير عن الذنب"، ويأمل أن تساعد في معالجة الأخطاء التي ارتكبها قساوسة وراهبات من الروم الكاثوليك بحق السكان الأصليين الذين أداروا مدارس داخلية شهدت انتهاكات جسيمة.
بين نهاية القرن التاسع عشر وتسعينيات القرن العشرين سُجل نحو 150 ألف طفل من السكان الأصليين قسراً في أكثر من 130 مدرسة داخلية مدعومة من الدولة وتدير معظمها الكنيسة الكاثوليكية.
وقد فُصل هؤلاء عن أسرهم ولغتهم وثقافتهم، وغالباً ما كانوا ضحايا لأعمال عنف ومنها انتهاكات جنسية في بعض الأحيان.
ومات نحو ستة آلاف طفل هناك في ما اعتبرته لجنة تحقيق وطنية "إبادة جماعية ثقافية"، في بلد أثار فيه اكتشاف أكثر من 1300 قبر لمجهولين في 2021 صدمة ودفع السلطات إلى إعلان "يوم مصالحة".
وتنتظر مجموعات السكان الأصليين هذه الزيارة بفارغ الصبر على أمل أن يجدد البابا الاعتذارات التاريخية التي عبر عنها في أبريل (نيسان) في الفاتيكان.
وقد يقوم البابا بمبادرات رمزية من بينها إعادة عدد من أعمال وقطع أثرية للشعوب الأصلية معروضة في متاحف الفاتيكان منذ عقود.
وقال جورج أركاند جونيور، الرئيس الأكبر لـ"اتحاد الشعوب الأولى في كونفيدرالية المعاهدة 6" خلال مؤتمر صحافي، الخميس، في إدمونتون إن "هذه الرحلة التاريخية جزء مهم من رحلة الشفاء، لكن ما زال يتعين القيام بكثير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر إيرفين بول، زعيم قبائل لويس بول كري، من أن "أحداث الأسبوع المقبل قد تؤدي إلى فتح جروح ناجين".
بعد يوم من الراحة، الأحد، سيلتقي البابا فرنسيس أفراداً من السكان الأصليين للمرة الأولى صباح الإثنين، في ماسكواسيس التي تبعد نحو مئة كيلو متر جنوب إدمونتون، حيث ينتظر حضور نحو 15 ألف شخص.
وكانت ألبرتا المقاطعة التي تضم أكبر عدد من المدارس الداخلية.
وقالت شارلوت روان (44 سنة) بينما تجلس على مقعد في ماسكواسيس، "أتمنى أن يأتي عدد كبير من الأشخاص ليسمعوا أن الأمر لم يكن اختراعاً".
درب الآلام
لكن آخرين ينظرون بمرارة إلى الحدث. وبالقرب من سانت بول (200 كيلو متر شرق إدمونتون) قالت ليندا ماكجيلفيري (68 سنة) التي أمضت ثماني سنوات من طفولتها في مدرسة داخلية، "بالنسبة لي فات الأوان لأن كثيرين تألموا".
وأضافت هذه السيدة التي لن "تلتفت" لترى البابا "فقدت كثيراً من ثقافتي وأصلي ومرت سنوات طويلة من الضياع".
وبعد ظهر الإثنين، سيلقي الزعيم الروحي للكاثوليك البالغ عددهم 1.3 مليار شخص، خطاباً ثانياً في كنيسة القلب المقدس للشعوب الأصلية في إدمونتون. على أن يترأس، الثلاثاء، قداساً في ملعب يتسع لستين ألف شخص في هذه المدينة قبل أن يتوجه إلى بحيرة سانت آن التي تشكل موقع حج سنوي.
بعد ذلك سيتوجه البابا إلى كيبيك التي يزورها من 27 إلى 29 يوليو، ليلتقي رئيس الوزراء جاستن ترودو، ويترأس قداساً في الضريح الوطني لسانت آن دي بوبريه، أحد المواقع الكبرى لرحلة حج في أميركا الشمالية.
وفي 29 يوليو، سيتوجه اليسوعي الأرجنتيني إلى إيكالويت (نونافوت)، وهي مدينة تقع في أقصى شمال كندا وتضم أكبر عدد من قبائل الإنويت في البلاد. ويُنتظر أن يلتقي فيها طلاباً سابقين في مدارس داخلية قبل أن يعود إلى روما.
وفي المدن التي سيتوقف فيها ستغلق طرق لتخصيصها لتنقلات الحبر الأعظم وبعضها في سيارته.
ومن المقرر أن يلقي البابا فرنسيس أربعة خطابات وأربع عظات كلها باللغة الإسبانية خلال هذه الرحلة الدولية السابعة والثلاثين له منذ انتخابه في 2013.
وفرنسيس هو ثاني حبر أعظم يزور كندا بعد يوحنا بولس الثاني الذي ذهب إلى هناك ثلاث مرات في 1984 و1987 و2002.
وتشهد كندا التي يشكل الكاثوليك 44 في المئة من سكانها، مثل بلدان أخرى أزمة كنسية مع انخفاض حاد في ممارسة الشعائر خلال السنوات الأخيرة.