شهدت المناظرة التلفزيونية، مساء الإثنين 25 يوليو (تموز) الحالي، بين المتنافسين لتولي رئاسة الحكومة البريطانية وزير المالية السابق ريشي سوناك ووزيرة الخارجية ليز تراس مواجهة حادة بينهما شملت الضرائب والصين، وصولاً إلى شخصيتهما، في محاولة من ريشي لإزاحة تراس عن مركز الصدارة في الاستطلاعات.
وشكّلت المناظرة إشارة انطلاق فترة حاسمة تمتد لـ12 يوماً، وتتخللها ثلاث مناظرات بين المتنافسين وأربعة لقاءات مع أعضاء الحزب المحافظ الذين سيحسمون السباق اعتباراً من الأسبوع المقبل مع تلقيهم بطاقات الاقتراع البريدي.
والتنافس قائم منذ أسابيع على زعامة حزب المحافظين لخلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون، وقد ازداد حدة مع تكتل المعسكرين ضد بعضهما البعض.
ووجّه سوناك، أمس الإثنين، انتقادات حادة لخطط تراس المتعلقة بالخفض الفوري للضرائب، وهي نقطة خلاف أساسية بين المرشحين.
وقال سوناك خلال شرح تراس مشروعها، "لا أعتقد أن هذا الأمر صائب. لا أعتقد أنه عمل مسؤول وبالتأكيد ليس محافظاً".
مكافحة التضخم
وردت تراس بالقول، "إذا اتّبعنا خطط ريشي نكون متجهين نحو الركود"، مشيرة إلى أن سوناك "رفع الضرائب إلى أعلى معدل منذ سبعين عاماً". وتابعت، "سأتحرك على الفور أنا أدرك أن الشعب يُعاني".
ويأتي التنافس على زعامة حزب المحافظين في توقيت تشهد فيه بريطانيا أزمة غلاء معيشة رفعت التضخم إلى أعلى مستوى له منذ أربعين عاماً.
وتعهد سوناك كبح التضخم قبل خفض الضرائب، ووصف خطط تراس بأنها "اندفاع سكر قصير الأمد".
وتتصدر تراس استطلاعات الرأي في صفوف أعضاء حزب المحافظين الـ200 ألف، وذلك بعد أن باتت هي وسوناك المرشحين الوحيدين بعد سلسلة من عمليات التصويت لنواب حزب المحافظين. وسيُعلن عن الفائز في الخامس من سبتمبر (أيلول).
وكان سوناك قد استقال هذا الشهر اعتراضاً على قيادة جونسون وفضائحه المتكررة، ما سرع من سقوط الأخير.
لكن مجموعة فضائح طاولته، وأضرت بسمعته بعد أن كان حتى وقت قريب أحد أبرز وجود حزب المحافظين.
وترتبط الفضائح بالامتيازات الضريبية لزوجته الثرية التي مكنتها من تجنب دفع ملايين الجنيهات من الضرائب، والإقامة الأميركية التي كان يحملها حتى العام الماضي.
وكانت تراس قد واجهت بادئ الأمر صعوبات في مجاراة منافسيها، لكنها تمكنت من الوصول إلى الجولة الحاسمة بدعم نواب الجناح اليميني في الحزب من خلال تعهدها خفض الضرائب فوراً وإلغاء القيود.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تراس تتفوق
وأظهر استطلاع سريع أن 47 في المئة من الناخبين المحافظين يعتقدون أن تراس فازت في المناظرة مقابل 38 في المئة لسوناك.
في نهاية الأسبوع أعلن سوناك خططاً لتضييق الخناق على نفوذ بكين واصفاً إياها بأنها "التهديد الأول" للأمن المحلي والعالمي، وذلك رداً على الانتقادات التي وجهتها إليه ليز تراس المرشحة المفضلة لدى قيادة حزب المحافظين.
وقالت تراس، "أنا سعيدة لكونك اقتربت من أفكاري"، لدى التطرق إلى هذا الملف في المناظرة.
وأصرت تراس على أن "الموقف المتشدد" لسوناك مرده النهج الذي اتبعته في وزارة الخارجية، لكنها شددت على أن سوناك كان قبل شهر "يدفع باتجاه علاقات تجارية أوثق مع الصين".
من جهته، اتهم سوناك تراس بأنها أيضاً غيرت موقفها بعدما كانت تريد علاقات أوثق مع الصين.
ونظمت مناظرة الإثنين في منطقة ستوك أون ترنت أمام حضور تم انتقاؤه من المقترعين للمحافظين في انتخابات عام 2019.
وهذه المنطقة التي أيدت "بريكست" بقوة في استفتاء عام 2016 كانت سابقاً تعد محسومة انتخابياً لحزب العمال، لكنها أصبحت معقلاً للمحافظين مع عشرات من المناطق في عام 2019.
استكمال مسيرة جونسون
وتعهد المرشحان استكمال مسيرة جونسون على صعيد تقليص اللامساواة القائمة منذ عقود على صعيد إنماء المناطق، وهو ما مكنه من تحقيق فوز ساحق في الانتخابات الأخيرة.
وقالت تراس، "ليس ذلك مجرد شعار بالنسبة لي، بل يتعلق بالحياة التي عشتها"، مشيرة إلى نشأتها في بلدة بايزلي في اسكتلندا وفي ليدز الإنجليزية.
لكنها أيّدت البقاء في الاتحاد الأوروبي في عام 2016، وهو ما تقول إنها نادمة عليه، وجددت التأكيد على سعيها لتحقيق "فرص ما بعد (بريكست)".
وأشار سوناك إلى أنه أيّد "بريكست"، "عن قناعة" على الرغم من تلقيه تحذيرات بأن ذلك قد يدمر مسيرته السياسية. وأضاف، "لأنني أعتقد أنه الأمر الصائب لهذه البلاد".
في نهاية الأسبوع تبادل المعسكران الاتهامات على خلفية ملفات عدة تعد تهديداً للأمن القومي البريطاني، ما مهّد الطريق أمام هجمات شخصية سجّلت الإثنين.
المليونير سوناك
وانتقدت وزيرة الثقافة نادين دوريز المؤيدة لتراس، المليونير سوناك، على خلفية ملابسه الباهظة الثمن. وأشارت في تغريدة إلى تقارير عن ارتدائه بدلة باهظة الثمن وحذاء "برادا" خلال إحدى الحملات.
وأقامت مقارنة مع تراس، معتبرة أن الأخيرة من المرجح أكثر أن تضع أقراطاً زهيدة الثمن، ما استدعى ردود فعل فورية في صفوف المحافظين، وقد أشار نائب إلى أنها "كتمت" تغريدات دوريز، فيما ندّد آخر بنقاش "صبياني" و"مُحرج".
واعتبر الوزير جوني ميرسر، أن "الوقت قد حان لرفع المعايير".
وفي مؤشر نادر على أن الرسالة قد تكون وصلت، لم يشأ سوناك أن ينصح منافسته في شأن ما يمكنها تحسينه.
في المقابل، نصحت تراس منافسها بـ"المجازفة أكثر والتحلي بجرأة أكبر". وتنظم المناظرة المقبلة مساء الثلاثاء.