بترحاب واسع، استقبل المغاربة التعديل الذي صادق عليه مجلس النواب، ويمنح أي موظف أو مستخدم في القطاع العام 15 يوماً إجازة مدفوعة الأجر، تحت مسمى "عطلة أبوة"، عند ولادة طفله، بعد أن كان يستفيد من غياب لمدة 3 أيام فقط.
ويأتي هذا المستجد بعد أن صادق البرلمان المغربي مساء الاثنين 25 يوليو (تموز) بالإجماع على مشروع قانون بتغيير النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، ويقضي بمنح الأب 15 يوماً متصلة ومؤدى عنها، تبدأ من تاريخ ولادة الطفل.
وجاءت ردود فعل من موظفين وأسر ونشطاء جمعويين لتشيد بهذا القانون الذي يتيح ـ بحسبهم ـ للأب (العامل أو الموظف في القطاع العام) أن يحضر في الأيام الأولى لولادة طفله، خصوصاً أنها فترة خاصة تحتاج فيها الأم لحضور الأب ودعمه.
مقتضيات القانون الجديد
وتفيد مقتضيات القانون الجديد، وفق غيثة مزور، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة للانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بمنح رخصة عن الأبوة تمكن الموظف الرجل، الذي ولد له طفل، من الاستفادة من رخصة عن الأبوة مدتها 15 يوماً متصلة ومؤدى عنها.
وتبعاً لمضمون القانون نفسه، ستستفيد الموظفة التي أسند إليها كفالة طفل تقل سنه عن 24 شهراً من رخصة عن الكفالة مدتها 14 أسبوعاً تتقاضى خلالها كامل أجرتها.
ويهدف القانون، وفق المسؤولة الحكومية، منح رخصة عن الرضاعة تخول استفادة الموظفة، سواء التي وضعت مولوداً أو أسندت إليها كفالة طفل، تحدد مدتها في ساعة واحدة في اليوم ابتداءً من تاريخ استنفاد الرخصة الممنوحة عن الولادة أو الكفالة إلى غاية بلوغ الطفل المولود أو المتكفل به سن 24 شهراً.
الوزيرة المغربية وضعت هذه الإجراءات في سياق تعزيز حقوق الموظفين، رجالاً ونساء، وتمكينهم من التوفيق بين حياتهم المهنية وحياتهم الخاصة، وكذلك انسجاماً مع مبدأ المسؤولية المشتركة الذي تقوم عليه الأسرة المغربية، وأيضاً تطبيقاً لمضامين الاتفاقية الدولية رقم 183 في شأن مراجعة اتفاقية حماية الأمومة المعتمدة خلال المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، التي صادق عليها المغرب في 13 أبريل (نيسان) 2011.
أسر مغربية تستبشر
واستبشرت أسر مغربية بالمصادقة على مشروع القانون الجديد الذي يمنح الأب الموظف عطلة أبوة مدتها 15 يوماً متواصلة مدفوعة الأجر، بالنظر إلى أنه لم يكن يستفيد في السابق سوى من 3 أيام فقط، ثم يعود إلى وظيفته، إلا إذا اقتطع تلك الفترة من عطلته السنوية.
ويقول في هذا الصدد محسن أسنسار، موظف في إدارة حكومية، لـ"اندبندنت عربية"، إن هذا القانون جاء في وقته المناسب بالنسبة له، لأنه كان يفكر كيف سيرافق زوجته بعد ولادة ابنه المرتقبة في بداية أغسطس (آب) المقبل.
ويضيف المتحدث ذاته بأن عطلة أسبوعين متواصلة ومؤدى عنها تزيح هماً كبيراً عن الموظف الذي كان يضرب ألف حساب للفترة التي تلي ولادة طفله، حيث يتعين عليه أن يقتطع من إجازته السنوية للمكوث إلى جانب زوجته ومولوده.
ويرى أسنسار أن هذا القانون ينظر بعين الرأفة والاهتمام إلى الموظف في الإدارات والمؤسسات العمومية، في انتظار أن يشمل القرار نفسه الموظف العامل في القطاع الخاص، مردفاً أنه بهذه العطلة يمكن للرجل أن يتفرغ لأسرته ولو لأسبوعين.
وتكمل زوجته السيدة لمياء بنغافور، قائلة إن منح الموظف عطلة 15 يوماً متواصلة يساعد بطريقة غير مباشرة الأم التي أحياناً لا تجد من يعينها معنوياً ونفسياً بعد مرحلة الوضع.
وتضيف المتحدثة "تكون معاناة الزوجة عندما تضع مولودها كبيرة حينما لا تجد زوجها بجانبها سوى الأيام الثلاثة الأولى كما كان معمولاً به من قبل"، متابعة بأنه الآن يمكن للزوج أن يمد يد المساعدة لزوجته، وينوب عنها في قضاء كثير من الأغراض التي كانت تقضيها هي بعد فترة الولادة.
حقوقيات يطالبن بالمزيد
من جهتها، وصفت بشري عبدو، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" القانون ذاته بكونه مبادرة إيجابية يتعين الإشادة بها، مبرزة أن عطلة الأبوة تعد مكسباً حقوقياً مهماً، كما أنها حق من حقوق الأسرة لا يمكن التنازل عنه.
وتشير عبدو إلى أن "عطلة الأبوة" ستسهم في تغيير العقليات الاجتماعية التقليدية التي تعتبر أن الأم هي من عليها العناية بوليدها، وأن الأب دوره فقط في العمل خارج البيت.
واستطردت الناشطة الحقوقية عينها بأنه بهذا القانون الذي صادق عليه مجلس النواب بالإجماع، سنجد الزوجين يعتنيان بمولودهما الجديد بشكل متزامن، بخاصة في مراحله الأولى التي عادة تكون صعبة بالنسبة للمرأة.
ويرى نشطاء حقوقيون مغاربة أن القانون يستحق التثمين والإشادة، غير أنه ما زال غير كاف للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، والذي تنادي به اتفاقية "سيداو"، بخاصة أن المغرب يعد من البلدان التي صادقت على هذه الاتفاقية الدولية.
وفي السياق، قالت الحقوقية فاطنة أفيد، في تصريحات نقلتها القناة الثانية الحكومية، إن الحركة الحقوقية والنقابية تطالب بالمزيد، لأن المغرب من بين الدول التي صادقت على اتفاقية "سيداو" الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، مبرزة أن "الثلاثة أيام التي كانت تعطى للأب كعطلة أبوة غير منصفة للطفل والمرأة والأسرة على السواء".
ولفتت أفيد إلى أن الحركة الحقوقية تدعو إلى زيادة عطلة الأمومة عند المرأة وعطلة الأبوة عند الرجل، لتصل إلى 6 أشهر أو عام كامل، باعتبار أنه خلال الولادة تكون الأسرة محتاجة لوجود الأب، بخاصة إذا مثلاً أنجبت الأم عن طريق عملية قيصرية، ويكون وضعها الصحي غير سليم، بالتالي تحتاج إلى العناية بشكل أكبر".