مع حلول فصل الصيف وهروب كثيرين صوب الشواطئ، تبدو مهمة "المنقذ" أكثر أهمية في ذلك التوقيت، باعتباره طوق النجاة الذي قد يحمي البعض من الغرق.
على أهبة الاستعداد يقف المنقذ مطلقاً صافرات التحذير من أعلى برج المراقبة لتحذير السابحين في المياه من مناطق الخطر، ويمنح وجوده المتوجسين من خوض تجربة السباحة قدراً من الإحساس بالأمان، في ما تبدأ مهمته الأساسية عندما يشعر أن شبح الغرق يقترب من أحد السابحين ليلبي وقتها نداء الواجب.
وكانت الشواطئ المصرية قد شهدت في الأسابيع الماضية عدداً من حالات الغرق، حيث لقي 3 شباب حتفهم في شواطئ الإسكندرية خلال عيد الأضحى، كما غرق شاب في مياه مدينة رأس سدر المطلة على خليج السويس، بينما تم إنقاذ 80 شخصاً من الغرق في مدينة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط خلال ثالث ورابع أيام العيد، بحسب تصريحات صحافية لرئيس المدينة رضا جاب الله.
متطلبات العمل
على الرغم من أهمية مهنة المنقذ وحساسيتها، فإنها في مصر لا تحتاج إلى شهادات جامعية، بل كل ما تطلبه الحصول على بعض الدورات في الدفاع المدني والإسعافات الأولية والإنعاش القلبي والرئوي، وبعد ذلك يجب أن يجتاز الراغب في العمل بالإنقاذ اختبارات الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ، وفق تصريحات تلفزيونية لرئيس الاتحاد سامح الشاذلي.
يقول عبدالرحمن علي، منقذ في أحد المنتجعات السياحية بالساحل الشمالي، إن تخريج المنقذين مسؤولية جهتين هما اتحاد السباحة واتحاد الغوص والإنقاذ، موضحاً أن الأول يتعلق بتعليم أساسات السباحة والثاني متخصص في التدريب على كيفية الإنقاذ وطرقه، إضافة إلى تقديم الشهادات المؤهلة لشغل وظيفة المنقذ. وأوضح أن الاتحاد المصري للغوص يقدم دورات في الإسعافات الأولية، ويجب على المتقدمين للحصول على شهادة الإنقاذ إتقان تلك الإسعافات لاجتياز الاختبارات.
وأضاف أن أغلب العاملين في مهنة الإنقاذ طلبة كلية التربية الرياضية، الذين يعملون مؤقتاً في فترة الصيف، وغالباً ما يكون ذلك باتفاق شفهي مع المسؤول عن الشاطئ، مشيراً إلى أن الاعتماد على الطلاب يوفر على الإدارات تعيين المنقذين أو التأمين عليهم اجتماعياً وصحياً.
رواتب المنقذين
حتى الصيف الماضي، كانت رواتب المنقذين تتراوح بين 1500 و2500 جنيه (79 و131 دولاراً أميركياً)، لكن مبادرة من المنقذين بالاتفاق مع الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ أدت لرفع الرواتب في القرى السياحية إلى نحو 3500 جنيه شهرياً (184 دولاراً) نظير العمل 12 ساعة يومياً، وفق إيهاب المالحي، قائد فريق "غواصين الخير"، الذي يعد من أقدم المنقذين في الإسكندرية.
يقول المالحي إنه بجانب الراتب يتم توفير سكن ووجبات للمنقذ، مشيراً إلى أن المنقذ في الشواطئ العامة بالإسكندرية يتقاضى حالياً نحو 2000 جنيه (105 دولارات) فقط، ويدفع ذلك بعض المنقذين للعمل بتأجير الكراسي والشمسيات على الشاطئ، ما قد يشغله عن مهمة الإنقاذ التي قد تكون الثواني فيها فارقة في الحماية من الغرق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف أنه لا يوجد من يعمل فقط بالإنقاذ، فهي مهنة موسمية، ومن يشتغلون بها إما من الطلبة أو لديهم مهن أخرى ويمارسون الإنقاذ بصورة تطوعية في بعض الأيام.
هاني محمد، رئيس مجلس إدارة إحدى الأكاديميات الرياضية وصاحب خبرة في مجال الإنقاذ تمتد لأكثر من 30 عاماً، حذر من أن الإدارات في بعض الشواطئ والقرى السياحية تفضل الاستعانة ببعض الأشخاص من دون خبرات أو شهادات معتمدة لتوفير النفقات، ما يمثل خطوة على حياة المصطافين.
تردي الأوضاع
بدوره، اعترف رئيس الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ سامح الشاذلي، بتردي أوضاع مهنة الإنقاذ في مصر، بسبب إصرار إدارات المنتجعات السياحية على تقليل النفقات، بدلاً من توفير أدوات مهمة لمساعدة المنقذين على العمل، فضلاً عن قلة الرواتب وغياب المظلة القانونية لحماية أبناء المهنة، مشيراً إلى أن الاتحاد جهة إصدار ترخيص وتعليم وليس محاسبة أو رقابة.
وأضاف أن عدد ساعات العمل يجب أن يكون 8 ساعات تتخللهم ساعة راحة، وهو ما لا يتم تطبيقه لأن القرى السياحية لا تستعين بأعداد كافية من المنقذين لتوفير النفقات.
وطالب الشاذلي بتوفير مقومات للحد من حالات الغرق، مثل إنشاء أرصفة للأمواج، وإتاحة أدوات لمساعدة المنقذين مثل الدراجة المائية التي تساعد المنقذ على التوجه للأماكن البعيدة وإنقاذ الغرقى. وقال إنه يتمنى تشكيل هيئة أو مظلة قانونية للمنقذين.
وعن أعداد المنقذين في مصر، كشف رئيس الاتحاد عن أنه تم منح شهادات لما لا يقل عن 15 ألف شخص، بعد اجتياز اختبارات في الإنقاذ أو الإسعافات الأولية. وطالب الشاذلي بإلزام الشواطئ والقرى السياحية بالحصول على دورات تدريبية لدى الاتحاد، وكذلك الالتزام بتعليماته في ما يخص عدد المنقذين الواجب توافرهم وفقاً للمساحة التي تجري مراقبتها.