أعلنت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة الخامس من أغسطس (أب)، أن بكين ستفرض عقوبات على رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي وأفراد أسرتها، رداً على ما وصفته بأفعالها "الخبيثة" و"الاستفزازية".
وقال متحدث باسم الخارجية الصينية في بيان، "على الرغم مما أبدته الصين من مخاوف جادة ومعارضة حازمة، أصرت بيلوسي على زيارة تايوان والتدخل بشكل خطير في الشؤون الداخلية للصين وتقويض سيادة الصين وسلامة أراضيها وانتهاك سياسة صين واحدة وتهديد السلام والاستقرار في مضيق تايوان"، موضحاً أن بكين "ستفرض عقوبات على بيلوسي وعائلتها المباشرة"، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
بلينكن يصف المناورات بـ"التصعيد الكبير"
ودان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، المناورات العسكرية الصينية في محيط تايوان، معتبراً أنها "تصعيد كبير".
ولفت بلينكن إلى "عدم وجود مبرر" للتدريبات التي أطلقتها بكين رداً على زيارة بيلوسي إلى تايوان. وقال بعد لقائه وزراء خارجية دول في جنوب شرقي آسيا في بنوم بنه، "تمثّل هذه الأعمال الاستفزازية تصعيداً كبيراً".
ورأى في تحركات الصين محاولة لتغيير الوضع القائم الهش المرتبط بتايوان. وقال بلينكن إنه حذّر نظيره الصيني وانغ يي خلال لقاء عقد أخيراً في إندونيسيا، من أن بيلوسي ستجري زيارة إلى الجزيرة على الأرجح.
وأوضح وزير الخارجية الأميركي، "توقعنا بأن تتخذ الصين خطوات من هذا القبيل، وفي الواقع وصفنا هذا السيناريو بالضبط". وتابع، "الحقيقة هي أن زيارة رئيسة مجلس النواب كانت سلمية. لا يوجد مبرر لهذا الرد العسكري المتشدد والمبالغ فيه والتصعيدي".
وشدد بلينكن على أن موقف الولايات المتحدة حيال قضية تايوان لم يتغيّر ولن يخضع "للاستفزازات" الصينية.
بيلوسي: لا نهدف لتغيير الوضع القائم
ومن طوكيو، أعلنت بيلوسي من جهتها الجمعة، أن زيارتها دولاً آسيوية بينها تايوان "لا تتعلق بتغيير الوضع القائم" في المنطقة. وأضافت، "قلنا منذ البداية إن تمثيلنا هنا لا يتعلق بتغيير الوضع القائم هنا في آسيا، أو بتغيير الوضع القائم في تايوان، إنه يتعلق بقانون العلاقات مع تايوان، وبالسياسة الأميركية - الصينية، وبكل التشريعات والاتفاقات التي أرست ماهية علاقتنا. إن الأمر يتعلق بإحلال السلام في مضيق تايوان، وبجعل الوضع القائم يسود".
وتحدثت بيلوسي عن العاصفة الدبلوماسية التي أثارتها زيارة تايبيه، وقالت في مؤتمر صحافي على إثر اجتماعها مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، "قلنا من البداية إن تمثيلنا هنا لا يتعلق بتغيير الوضع الراهن في تايوان أو المنطقة".
وتابعت بيلوسي، أن الولايات المتحدة "لن تسمح" للصين بعزل تايوان، وذلك بعد زيارة لها إلى هذه الجزيرة أثارت حفيظة بكين. وقالت، "لن يعزلوا تايوان من خلال منعنا من الذهاب إلى هناك. لقد أجرينا زيارات على مستوى رفيع، ولن نسمح لهم بعزل تايوان".
"هذه مشكلة خطيرة تؤثر بأمننا القومي"
رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا ندّد بدوره بإطلاق الصين، خلال مناورات عسكرية حول تايوان، صواريخ باليستية تعتقد طوكيو أن خمسة منها سقطت في منطقتها الاقتصادية الخالصة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال للصحافة بعد لقائه رئيسة مجلس النواب الأميركي، إن إطلاق الصواريخ يمثل "مشكلة خطيرة تؤثر في أمننا القومي وسلامة مواطنينا". وأضاف، "تصرفات الصين هذه المرة لها تأثير خطير على السلام والاستقرار في منطقتنا وعلى المجتمع الدولي"، موضحاً، "دعونا إلى الإلغاء الفوري للمناورات العسكرية".
وذكر كيشيدا أنه ناقش مع بيلوسي القضايا الجيوسياسية بما في ذلك مسائل متعلقة بكوريا الشمالية والصين وروسيا، إضافة إلى الجهود المبذولة من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية. وقال إن طوكيو وواشنطن ستعملان معاً للحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وهو طريق ملاحة رئيس.
في المقابل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ، الجمعة خلال إفادة دورية، إن التصريحات الأخيرة للمسؤولين اليابانيين بشأن التوترات الحالية في مضيق تايوان محاولة لتبرير أفعال "المخطئين".
صواريخ صينية حلقت فوق تايوان
وحلقت صواريخ صينية فوق تايوان خلال التدريبات العسكرية الأخيرة التي تجريها بكين حول الجزيرة رداً على زيارة بيلوسي، كما ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية، وقالت وزارة الدفاع اليابانية إنه من بين تسعة صواريخ رصدتها "يعتقد أن أربعة صواريخ حلقت فوق جزيرة تايوان الرئيسة".
وقال مينغ شيانغتشينغ، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الصينية التابعة للجيش، لقناة التلفزيون الحكومية "سي سي تي في"، إن "تدريباتنا شملت هذه المرة اختبارات لإطلاق ذخيرة حية، وهذه المرة الأولى التي تعبر فيها جزيرة تايوان"، مشيداً بقدرات بكين. وأضاف مينغ أن التدريبات الأخيرة مثلت أيضاً أقرب مناورات لجيش التحرير الشعبي من الجزيرة وتطويقها للمرة الأولى وإقامة ميدان للرماية، شرق تايوان.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"، أن الجيش "أطلق أكثر من 100 طائرة حربية بينها مقاتلات وقاذفات قنابل" خلال التدريبات، إضافة إلى "أكثر من 10 مدمرات وفرقاطات".
وقال تلفزيون الصين المركزي، إن المناورات العسكرية التي بدأت الخميس ومن المقرر أن تنتهي الأحد، ستكون أكبر مناورات تجريها الصين في مضيق تايوان.
وسقطت خمسة صواريخ في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان، ما دفع طوكيو إلى تقديم احتجاج قوي عبر القنوات الدبلوماسية. وتشعر طوكيو، أحد أقرب حلفاء واشنطن، بقلق متزايد إزاء تنامي قوة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وإمكان إقدام بكين على عمل عسكري ضد تايوان. وتحذر اليابان، التي تقع أبعد جزرها الجنوبية بالقرب من تايوان أكثر من قربها لطوكيو، من أن التخويف الصيني لتايوان يمثل تهديداً متصاعداً للأمن القومي.
"جارتنا الشريرة"
وفي تايوان، قال رئيس وزرائها سو تسينج تشانغ، إن "الجارة الشريرة" للجزيرة تستعرض قوتها "عند بابنا"، في إشارة إلى التدريبات العسكرية التي تجريها الصين حول تايوان هذا الأسبوع.
وأضاف سو للصحافيين في تايبيه، رداً على سؤال بشأن إطلاق الصين صواريخ، أنها تدمر بتعسف الممر المائي الأكثر استخداماً في العالم من خلال التدريبات العسكرية، لافتاً إلى أن دول الجوار والعالم يدينان تصرفات الصين.
كما نددت أستراليا بإطلاق الصين صواريخ باليستية باتجاه المياه المحيطة بتايوان، ووصفت الجمعة المناورات العسكرية في محيط الجزيرة بأنها "مبالغ فيها ومزعزعة للاستقرار".
وقالت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ في بيان، إن "أستراليا تشعر بقلق عميق حيال إطلاق الصين صواريخ باليستية باتجاه المياه المحيطة بساحل تايوان". ودعت إلى "ضبط النفس وخفض التصعيد"، مشيرةً إلى أنها أعربت عن قلقها لنظيرها الصيني.
وقالت إن المناورات "مبالغ فيها ومزعزعة للاستقرار". وتابعت، "تشاطر أستراليا المنطقة المخاوف حيال هذا النشاط العسكري المتصاعد، وخصوصاً من خطر أي خطوة غير محسوبة".
الصين تقدم احتجاجاً
في الأثناء، قالت وزارة الخارجية الصينية، إنها قدمت احتجاجات رسمية للدول الأوروبية المعنية ومبعوثي الاتحاد الأوروبي بسبب التصريحات المتعلقة بتايوان الصادرة عن وزراء خارجية دول مجموعة "السبع" والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وذكرت الوزارة في بيان، أن نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي قدم الشكاوى الدبلوماسية، الخميس.
كما أعلنت الخارجية الصينية الجمعة أنها استدعت جيم نيكل، القائم بالأعمال في السفارة الكندية في بكين، بشأن مشاركة كندا في بيان صادر عن وزراء خارجية دول مجموعة السبع.
واستدعى نائب وزير الخارجية الصيني نيكل الخميس وحث كندا على "تصحيح أخطائها على الفور" بشأن قضية تايوان أو "تحمل جميع العواقب"، وفقاً لبيان وزارة الخارجية الصينية الذي نُشر الجمعة.