أثار الظهور الرسمي الأول لحرم رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد في الاحتفال بعيد المرأة جنباً إلى جنب مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن ردود فعل متباينة بين من يراه ظهوراً عادياً فرضته المناسبة وسينتهي بانتهائها، وبين المندد بهذا الحضور خصوصاً أنها لا صفة رسمية لها في الدولة، الأمر الذي يعيد ذكرى تجربة السيدة الأولى في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تظهر فيها حرم الرئيس، إشراف شبيل، في المناسبات الرسمية، لكن المفاجأة هذه المرة أنها ألقت خطاباً رسمياً بثه التلفزيون التونسي مباشرة.
نحو قصر قرطاج
ورأى الصحافي سعيد الزواري أن "خطاب حرم الرئيس جاء مسيساً تلميحاً وتصريحاً، منسجماً مع توجهات الرئيس التي يسعى لترسيخها منذ 25 يوليو (تموز)، وبعيداً من التساؤلات عن المضمون وأيضاً الخطاب شكلاً ولغة وصورة، وكيف أن بصمة سعيد تدور بين طياته من خلال الجمل والتراكيب والمفاهيم، وعن تزامنه مع كلمة رئيسة الحكومة التي تخاطبنا أيضاً للمرة الأولى، فإنه على الرغم من تقلد أربعة رؤساء المنصب بعد 2011 لم تظهر زوجة أحدهم بشكل رسمي ولا قدمت خطاباً رسمياً للتونسين، بل مررن مرور الكرام في شكل لقطة في التلفزيون الرسمي خلال مناسبات متباعدة، وكن بعيدات تماماً من فلك السياسة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعبّر الزواري عن اعتقاده بأن "صورة إشراف شبيل تبدو متماهية مع رغبة الرئيس في تحويل الأنظار من جديد نحو قصر قرطاج، بما حمله الدستور من صلاحيات كبيرة لفائدته، وأيضاً فإن ظهور زوجته يبرز رغبةً لا تقاوم في تحويل النظام إلى رئاسي، وأن تحوم الأنظار والأحداث فقط حول القصر وما يصدر منه".
ويقول الزواري إن "قيس سعيد يواجه منذ 25 يوليو معارضة شرسة من قبل أطياف سياسية واسعة، وتستغل تلك المعارضة كل كبيرة وصغيرة للتحريض ضده، وقد مثلت صورة شبيل اليوم أكبر فرصة لضرب الرئيس حقاً أو باطلاً، وتخويف التونسيين وليس تذكيرهم فحسب من مآلات مأسوية لتلك الصورة".
سير السيدات الأوليات
لكن فريقاً آخر يرى أن هذه الصورة جاءت لتناقض كلاماً سابقاً لرئيس الجمهورية حين قال في إحدى حواراته عام 2019 إنه "لن يكون هناك أي دور لزوجته وأبنائه في السياسة، ولن تكون الزوجة هي السيدة الأولى لأنه يعتبر أن كل نساء تونس سيدات أوليات".
يُشار إلى أن حرم رئيس الجمهورية إشراف شبيل أكدت خلال خطابها بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة، فخرها بالإنجازات التي تضمنها الدستور الجديد في ما يتعلق بحقوق النساء. وقالت "بقدر ما نفخر بالإنجازات التي تضمنها الدستور الجديد في إطار رؤية متكاملة لتكريس حقوق الإنسان في أنبل معانيها، فإننا مدعوون للحفاظ عليها وتطويرها"، مضيفةً أن "مطلب الكرامة الوطنية يعني أن تنال المرأة حقوقها كاملة من دون إقصاء أو تمييز".
من جهته، يرى الصحافي علاء زعتور أن "التونسيين لا يعرفون كثيراً عن زوجة الرئيس، ولا يتوقعون عموماً دوراً بارزاً لها في السياسة، وبسبب ما رسخ في أذهانهم من سير سيدات القصر في تاريخهم الحديث فإنهم ربما ينتظرون نفياً رئاسياً لتلك الأخبار التي تصل من الكواليس عن دور زوجة الرئيس الفاعل في صنع القرار السياسي عبر المقربين منها، وعن (شقوق القصر) وأنشطة بعض أفراد عائلتها"، مستدركاً "لكن للرئيس رأياً آخر فهو يسمح لزوجته بأن تخاطب التونسيين في حفل رسمي من دون صفة رسمية، لكن صفة حرم رئيس الجمهورية كانت كافية لتُمنح الكلمة لها قبل رئيسة الحكومة، وأن تجلس على كرسي رئاسي مميز، ومن خلفها علم الجمهورية".
هل هو ظهور وقتي؟
أما الناشطة في المجتمع المدني ريم بالخذيري فتقول إنه "من حيث الشكل، ظهرت إشراف شبيل بمظهر جديد وقد اختارت ارتداء الأحمر في إشارة لعلم تونس، بدل الأخضر الذي ارتدته يوم الاستفتاء، ما يدل على أن السيدة تختار ملابسها بعناية وتريد ربطها برمزية ما، كما أنها ظهرت في ثوب المرأة العصرية".
أما من حيث المضمون، فترى بالخذيري أن "الكلمة التي ألقتها زوجة الرئيس لم تخرج عن الخطابات المعتادة ولا تختلف عن كلمات السيدات الأوليات في كل مناسبة من هذا النوع".
وبحسب رأيها، فإن "من التونسيين من لا يزال يتطلع لأن تقوم حرم الرئيس بمهمات أكبر في الحكم بخاصة أنها قاضية، ومنهم من لا يريد تكرار تجربة السيدة الأولى للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي"، مواصلةً "بعضهم يرى أنه ظهور عادي ووقتي فرضته المناسبة وسينتهي بنهايتها، وكل هذه الآراء المتعارضة ستكون الأيام كفيلة بترجيح أحدها على الآخر".