تظهر أرقام رسمية أن الأجور الحقيقية هبطت بمعدل غير مسبوق بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) مع تجذر أزمة تكاليف المعيشة في بريطانيا وخفض التضخم قيمة أجور العاملين.
فإذا أخذنا تداعيات ارتفاع الأسعار في الاعتبار، تكون الأجور بما في ذلك المكافآت قد تقلصت بنسبة 2.5 في المئة في الفصل الأخير مقارنة بالفترة عينها من العام المنصرم. وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن الأجر العادي تراجع بواقع 3 في المئة.
وفي حين ارتفعت الأجور من منظار السيولة، إلا أنها فقدت من قيمتها الشرائية جراء ارتفاع تكاليف الغاز والكهرباء والوقود والأغذية والسلع الأخرى، الأمر الذي دفع معدل التضخم الإجمالي إلى 9.4 في المئة.
علاوةً على ذلك، تم رفع أجور العاملين في القطاع الخاص بنسبة 5.9 في المئة قبل احتساب أثر التضخم – أي ثلاث مرات أكثر من الزيادة التي طبقت على أجور العاملين في القطاع العام والتي سجلت 1.8 في المئة.
وتنبئ الأرقام بمزيد من الصدامات بين الحكومة والموظفين الحكوميين، بمن فيهم الممرضون والأطباء والمحامون والمدرسون الذين هبطت قيمة مداخيلهم هذا العام، ما فاقم معاناتهم التي ظهرت منذ عقد من الزمن، حين بدأت الأجور الحقيقية بالتراجع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أن المكافآت ظلت مرتفعة في يونيو، وقد شهدت النمو الأقوى في ما يخص العاملين في القلب التجاري اللندني.
وقال مدير الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، دارن مورغان: "ازداد عدد الأشخاص العاملين في الفصل الثاني من عام 2022، في حين لم تتغير إلا قليلاً المعدلات الرئيسية للبطالة وللناس الذين لا يعملون ولا يبحثون عن عمل.
"في هذه الأثناء، يبدو أن العدد الإجمالي لساعات العمل الأسبوعية استقر عند مستوى أدنى قليلاً عن المستويات السابقة للجائحة.
"وتواصل القيمة الحقيقية للأجور التراجع. وباستثناء المكافآت، هي لا تزال تنخفض بسرعة أكبر من أي وقت مضى منذ بدأت السجلات القابلة للمقارنة عام 2001".
ووفق "مؤسسة القرار" البحثية، يعد تراجع الأجور الأكبر من نوعه منذ عام 1977، حين احتفلت الملكة باليوبيل الفضي لتربّعها على العرش.
وقال ناي كومينيتي، الاقتصادي البارز لدى "مؤسسة القرار": "إن نطاق المعاناة التي يسببها تراجع الأجور هو أعمق مما تشير إليه الأرقام الرسمية، فتقديرات نمو الأجور لا تزال معززة اصطناعياً بآثار برنامج الإجازات المدفوعة العائد للعام الماضي.
"وجاء هذا التقلص على رغم النمو المتين للأجور وسوق الوظائف الحيوية، فتسويات الأجور تتعزز قليلاً، وبدل حوالى مليون شخص وظائفهم في الأشهر الثلاثة الماضية".
وفي حين تتراجع الأجور، ارتفع عدد العاملين البريطانيين المأجورين قليلاً، وذلك بواقع 73 ألف شخص بين يونيو ويوليو (تموز) وبلغ 29.7 مليون شخص، وفق مكتب الإحصاءات الوطنية.
وتراجع عدد الوظائف الشاغرة بين مايو (أيار) ويوليو 2022 بواقع 19 ألفاً و800 وظيفة إلى مليون و274 ألفاً و400 وظيفة – في أول تراجع فصلي منذ صيف 2020.
وعلى رغم التراجع غير المسبوق في المداخيل الحقيقية، زعم وزير المالية ناظم زهاوي أن الأرقام تبين أن سوق الوظائف البريطانية في "وضع قوي".
وأضاف: "هذا يبرز مرونة الاقتصاد البريطاني والشركات الرائعة التي تولّد وظائف جديدة في مختلف أرجاء البلاد.
"وعلى رغم غياب الحلول السهلة للضغوط التي يواجهها الناس على صعيد تكاليف المعيشة، نوفر المساعدة حيث نستطيع".
وتتعرض الحكومة إلى ضغط متزايد لإعلان مزيد من الدعم للأسر التي تواجه فواتير في مجال الطاقة يبلغ متوسطها ثلاثة آلاف و600 جنيه استرليني (أربعة آلاف و335 دولاراً) بحلول أكتوبر (تشرين الأول) حين من المتوقع أن يسجل معدل التضخم 13.3 في المئة.
وقال رئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون إن أي إجراءات إضافية لن تُعلَن حتى اختيار خلفه الشهر المقبل.
وقالت الناطقة باسم الحزب الديمقراطي الليبرالي لشؤون الخزانة، النائبة سارة أولني: "تتعرض العائلات إلى ضغوط بسبب كارثة [أعباء] تكاليف المعيشة لكن الحكومة غائبة.
"لا تملك هذه الحكومة المتعثرة خطة وهي تتخلى عن بلادنا. لا يستطيع الناس أن ينتظروا أكثر حتى انتهاء حزب المحافظين من عرضهم المرعب الخاص بالسباق على القيادة".
© The Independent