لن يستسلم ريشي سوناك. فالطامح لزعامة حزب المحافظين يبذل جهده لكي يبدو بمظهر الرجل الذي لا يقهر في مقابلة على قناة "أي تي في" (ITV) يوم الخميس. وقال لبطل طفولته أندي بيترز إنه "متحمس للغاية للمضي قدماً" على الرغم من أرقام الاستطلاعات المخيبة للأمل.
يبدو الرجل المستضعف بشكل متزايد بأنه قضية خاسرة، فقد أظهر آخر استطلاع للرأي أجرته منظمة "يوغوف" (YouGov) شمل أعضاء حزب المحافظين تقدم كبير لليز تراس (مع 66 في المئة مقارنةً بسوناك الذي حصل على 34 في المئة). وأعلن غالبية المحافظين ممن يحملون البطاقات الحزبية أنهم سبق أن صوتوا، وبهذا تكون فرصة سوناك بالفوز بما يكفي من أصوات المترددين محكومة بالفشل.
معسكر تراس يبدو سعيداً بالنتائج، مثلما هو الحال مع عدد متزايد من نواب المحافظين الذين يدعمونها لتولي رئاسة الحكومة المقبلة على أمل أن يؤدي بعض التملق إلى تأمين وظيفة لهم في الحكومة.
ولكن فيما يجول المرشحان في أنحاء البلاد وينتقلان من تجمع إلى آخر لتكرار الحديث نفسه في الحملات الانتخابية لحزب المحافظين، يبرز شعور بعدم الواقعية المطلقة حول الحياة التي تدور خارج نوافذ عربات الدرجة الأولى في القطار.
يثرثر المتنافسان عن الاقتطاعات الضريبية والتعامل بصرامة مع الاتحاد الأوروبي وعن أن النساء ستبقين نساء، فيما تتسارع البلاد بوتيرة متهورة وخطيرة نحو سلسلة من الأزمات المرعبة كالتضخم المستشري والفواتير المرتفعة لوائح الانتظار الطويلة في هيئة خدمة الصحة الوطنية وبنوك الطعام المكتظة وموجة إضرابات لا متناهية في القطاع العام.
فهل تراس أو سوناك مستعدان لهذه الطوارئ المتعددة التي تنتظر من سيخلف المصطاف السعيد بوريس جونسون في أقل من ثلاثة أسابيع؟
سيدفع ارتفاع فواتير الكهرباء والطاقة لشهر أكتوبر بنحو 13 مليون نسمة إلى براثن الديون، بحسب ما حذرت إحدى الجمعيات الخيرية، كما يقول مديرو بنوك الطعام إن مستوى الطلب من الأشخاص الذين يرزحون تحت الفقر بشكل متزايد يدفعهم إلى بلوغ حد الانهيار.
لكن المرشحين كانا ممتعضين من التطرق إلى المساعدة المطلوبة هذا الشتاء، ويبدو أنهما غير قادرين على تصور الاستثمار الضروري لمعالجة المنازل التي تعاني التسرب ونقل بريطانيا نحو إمدادات أكثر استدامة للطاقة النظيفة.
لقد ارتفعت لوائح الانتظار في هيئة خدمات الصحة الوطنية من 4.4 مليون قبل جائحة كورونا لتبلغ 6.7 مليون طلب. وعندما قيل لسوناك في إحدى المناسبات الانتخابية في إيرلندا الشمالية، إن بعض المرضى في المستشفيات اضطروا إلى النوم على فراش على الأرض، تحدث عن تغريم الأطباء بسبب تفويت المواعيد.
كما جرى الحديث خلال الحملة الانتخابية عن شرط "الدولة الواحدة" الأساسي والوعد المألوف بتمثيل جميع أنحاء المملكة المتحدة، ولكن هل أن أياً من المرشحين مستعد فعلاً لتقديم تنازلات مع الأعداء المحتملين من أجل المصلحة الوطنية؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حذر الأمين العام لنقابة "أر أم تي" مايك لينش، الخميس، من أن أكبر حركة إضراب لعمال السكك الحديدية "قد تتواصل إلى ما لا نهاية"، فيما يتناقش رؤساء الاتحادات حول تحرك يكون أقرب إلى الإضراب العام، فكيف سيتولى رئيس الوزراء العتيد مسألة النقابات المضطربة؟
كما تلوح في الأفق معركة قضائية على استفتاء في الاستقلال الاسكتلندي وهو مشهد سيتطلب من رئيس الحكومة القادم أن يتولى بمهارات عالية الدفع المدروس والدقيق في العلاقات العامة التي تقوم به رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورغن، فهل أي من تراس أو سوناك مستعد فعلاً لخوض معركة في وجه زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي للفوز بقلوب الاسكتلنديين المترددين وعقولهم؟
ومن ثم يأتي دور الإخفاق الذاتي في بروتوكول إيرلندا الشمالية، يصر المرشحان على الدفع قدماً باتجاه قانون من شأنه أن يشعل فتيل حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي، ولم يتمكن أي من تراس أو سوناك من استنباط استراتيجية طويلة الأمد لحل النزاعات اللامتناهية وإنجاح "بريكست".
لا شك أن حجم المهمة شاق بشدة، بالتالي تجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة المقبل سيتولى منصبه في وقت سيكون حزب المحافظين المشاغب غير قابل للتحكم عملياً. وخلافاً لجونسون في عام 2019، لن يتبوأ أي من تراس أو سوناك السلطة بدعم ورضا الغالبية الساحقة من نواب حزبهما.
اعتاد الممثل بيلي كونولي على إطلاق المزاح على مجموعة غريبة من الأشخاص الذين يودون الفوز بالسلطة في البرلمان وكان يقول، "يجب أن تمنعك الرغبة في أن تكون سياسياً من أن تصبح كذلك مدى الحياة".
إن حالة البلاد المرهقة التي تترافق مع مرحلة متعثرة لحزب المحافظين تجعلنا نتساءل عن هذه المجموعة المؤلفة من شخصين يود كل منهما الوصول إلى السلطة في داونينغ ستريت.
© The Independent