على الرغم من الرسالة الأخيرة التي وصلت إلى تل أبيب من واشنطن وتؤكد فيها الأخيرة أنها لن توافق على تقديم تنازلات إضافية في مفاوضاتها غير المباشرة بشأن الاتفاق النووي مع طهران، إلا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد يصر على إبقاء الملف على رأس أجندته السياسية، ويواصل لقاءاته مع الأجهزة الأمنية والمسؤولين العسكريين إلى جانب وزير أمنه بيني غانتس لبحث سبل منع هذا الاتفاق وكيفية الاستعداد إذا وقع عليه.
ونقل مسؤولون أمنيون في أعقاب اجتماع خاص دعا إليه لبيد لبحث الموضوع أن واشنطن تحاول تهدئة إسرائيل وأن رسالة الإدارة الأميركية للحكومة الإسرائيلية تتضمن تعهداً بعدم تقديم تنازلات إضافية وأن توقيع اتفاق نووي جديد لن يحدث في الوقت الراهن.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي، "على الرغم من جهود التهدئة الأميركية، إلا أن قلق المسؤولين تزايد بشكل كبير في أعقاب الرد الإيراني على مسودة اتفاق قدمها الاتحاد الأوروبي، وبات الإسرائيليون على قناعة بأن الولايات المتحدة ربما تعود إلى الاتفاق النووي، ما أدى إلى احتكاك غير مسبوق خلال محادثات مغلقة وأخرى علنية بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية".
الخطوط الحمراء
لبيد يواصل اجتماعاته الماراثونية لبلورة موقف يقنع به الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بالتراجع عن الاتفاق النووي، وأجرى اتصالات مع مسؤولين أميركيين أبلغهم خلالها أن مسودة الاتفاق المتبلورة مع إيران "تجاوزت الخطوط الحمراء" التي وضعتها الولايات المتحدة، ودعاهم إلى ترك المفاوضات بشكل فوري، موضحاً أن "إسرائيل لن تكون ملزمة بأي اتفاق وستكون مستعدة لأن تعمل أيضاً بشكل مستقل ضد التهديد النووي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وممن أجرى معهم لبيد محادثات، المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط في مجلس النواب الأميركي تيد دويتش والسفير الأميركي في إسرائيل توماس نيديس. وقبلها التقى مسؤولين أميركيين وأوروبيين آخرين، وبحسب مسؤولين في مكتبه سيواصل خلال الأسبوعين المقبلين اجتماعاته على أمل النجاح في إقناع إدارة البيت الأبيض بالانسحاب من المفاوضات.
وبحسب هؤلاء المسؤولين، احتدم النقاش خلال المحادثات مع الإدارة الأميركية وتحول إلى خلافات غير مسبوقة بين الطرفين، بخاصة أن إثارة أجواء القلق الإسرائيلي من عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي تشكل نقطة في صالح زعيم المعارضة ومنافس لبيد الأقوى في الانتخابات البرلمانية المرتقبة بنيامين نتنياهو الذي سيجعلها بارزة في حملته الانتخابية ضد رئيس الوزراء الحالي بوصفه "الشخص الضعيف وغير المؤتمن على أمن إسرائيل والإسرائيليين بعد فشله في منع التوصل إلى الاتفاق".
لقاءات في واشنطن
وفي خطوة تصعيدية تعكس حال التوتر الإسرائيلي تجاه الموضوع، يلتقي رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أيال حولاتا بنظيره الأميركي جيك سوليفان، الثلاثاء الـ23 من أغسطس (آب)، وبتوقعات الإسرائيليين سيكون اللقاء في غاية الصعوبة وربما ينتهي بعدم التوصل إلى تفاهمات تصادق واشنطن بموجبها على مطالب الإسرائيليين بالانسحاب من مفاوضات الاتفاق النووي.
وتمخضت عن الاجتماعات الأمنية الإسرائيلية سلسلة لقاءات ومحادثات تخللتها حملة دولية للإقناع بالموقف الإسرائيلي الرافض لتوقيع اتفاق مع إيران. ومن وجهة النظر الإسرائيلية، فإن "استمرار المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي مع طهران بعد استنفاد الجهود المتاحة في العملية التفاوضية يبث رسالة ضعف لإيران، وترى تل أبيب أن الوقت حان للجلوس والتحدث عما يجب فعله بعد ذلك لمنع طهران من الحصول على قنبلة نووية".
ويدعي الإسرائيليون أن حملتهم المتصاعدة هذه والنقاشات المحتدمة مع واشنطن تأتيان على خلفية قناعتهم بأن الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولي البيت الأبيض ليسوا على اطلاع كامل بما تتضمنه مسودة الاتفاق التي قدمها الاتحاد الأوروبي إلى إيران".
الاستعداد الإيراني يضاعف القلق
من جهة أخرى وبحسب تقدير مراقبين إسرائيليين، فإن دوافع تكثيف حملتهم للانسحاب من المفاوضات النووية تتمثل في أن إيران تستعد للتوقيع على اتفاق مع الدول العظمى، وتمهد الرأي العام الإيراني وكذلك مؤسسات حكومية مختلفة لإمكان التوقيع على الاتفاق وما يترتب على ذلك من إلغاء العقوبات.
ومع ذلك، لم يحسم الإسرائيليون توقعاتهم لكيفية التفاهم بين طهران وواشنطن حول اختلافات عدة منعت توقيع الاتفاق حتى الآن، وهنا يكمن القلق الإسرائيلي من أن تتراجع الولايات المتحدة عن تعهداتها.