لجأ رجال الإطفاء إلى نقل الناس للمستشفيات عبر سيارات الإطفاء وسط ارتفاع كبير لعدد النداءات العاجلة لحالات الطوارئ الطبية، وتستجيب خدمات الإطفاء والإنقاذ الآن إلى حوادث أخرى أكثر من الحوادث المتعلقة بالحرائق في إنجلترا، بما في ذلك النوبات القلبية ومحاولات الانتحار ولمساعدة كبار السن المحاصرين في منازلهم بعد وقوعهم.
وأظهرت الإحصاءات الرسمية أن رجال الإطفاء استجابوا إلى أكثر من 18200 حادثة طبية في عامي 2021 و2022، بزيادة الثلث تقريباً عن العام السابق، وأن خدمة الإطفاء وليس الإسعاف هي "المستجيب الأول" في نصف تلك المكالمات تقريباً.
قال كريس لوثير الذي يترأس لجنة عمليات المجلس الوطني لرؤساء مراكز الإطفاء، إن الأرقام أظهرت واقعاً جديداً مع تدخل رجال الإطفاء للمساعدة في خدمات الإسعاف المتعثرة.
وفي تصريح إلى "اندبندنت" قال "ما يطلب من رجال الإطفاء فعله الآن ليس ما كان يطلب قبل 10 سنوات، ويتعين علينا التعامل مع الحوادث التي كان من الممكن أن يكون فيها قبلنا زملاؤنا من قطاع الصحة".
كان لوثير يعمل رجل إطفاء في "تاين أند وير" لأكثر من عقدين، وأكد أن زملاءه يهدفون إلى توفير العلاج الطبي اللازم في مكان الحادثة قبل أن تنقل سيارات الإسعاف المرضى إلى المستشفى.
لكنه أضاف أنه في المواقف التي يشعر فيها رجال الإطفاء بالقلق على سلامة شخص ما بعد انتظار طويل، "يقوم بعض الضباط باتخاذ قرار نقله إلى المستشفى على متن سيارة إطفاء"، لافتاً إلى أن "هذا ليس شيئاً يمكن التغاضي عنه، لأن سيارات الإطفاء مصممة فقط لنقل رجال إطفاء مدربين، لكنني أتفهم الضغوط التي واجهها الضباط في الماضي".
قال آندي دارك الأمين العام المساعد لاتحاد فرق الإطفاء [FBU]، إنه "ليس من مصلحة المرضى أن تصبح هذه ممارسة شائعة"، ولكن رجال الإطفاء أحياناً "يأخذون زمام المبادرة بدافع الإحباط أو القلق الشديد".
وقال السيد دارك إن الأطقم ترسل أحياناً إلى أماكن الحوادث الطبية كأول جهة مستجيبة عندما لا تقدر خدمة الإسعاف على الوصول إلى هناك، موضحاً "أحياناً عندما لا يكونون متأكدين حقاً من نوع الحادثة، يرسلون خدمة الإطفاء لتقييم الوضع ولا يقومون بإشراك سيارات الإسعاف".
وأكمل "هذا إحباط حقيقي لأنه إذا كان الشخص يعاني من حالة طبية خطيرة بخاصة النوبات القلبية، فليس لدينا طريقة لنقلهم إلى المستشفى بأمان"، بعض رجال الإطفاء أصيبوا بصدمات نفسية بعد إرسالهم إلى بلاغات عن حالات وفاة، مضيفاً "لقد اعتدنا على إنقاذ الأرواح لا الفشل".
وأضاف أن "رجال الإطفاء وجدوا أنفسهم في الأساس يحضرون لحراسة الجثة في انتظار وصول الطبيب".
ويتم استدعاء رجال الإطفاء أيضاً إلى الحوادث التي لا يتمكن فيها المسعفون من الوصول إلى الأشخاص المرضى أو نقلهم بأمان إلى سيارة إسعاف، وإلى محاولات الانتحار إذ يكون الأشخاص على الجسور أو غيرها من الأماكن المرتفعة.
ما بين عامي 2021 إلى 2022، حضرت فرق الإطفاء 2583 حالة انتحار ومحاولة انتحار في إنجلترا، إذ ارتفع الرقم بنحو الربع في السنة.
قال السيد لوثير إنه تم استدعاء خدمة الإطفاء والإنقاذ في تاين أند وير إلى المناطق المعتادة ذاتها كل يوم تقريباً، وأحياناً يرون الأشخاص أنفسهم في مناسبات متعددة، لافتاً إلى أنه "في الفترة التي قضيتها في منصب كبير ضباط الإطفاء تزايدت محاولات الانتحار بشكل كبير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "أعتقد هذا يرجع إلى حد ما لمشكلات في توفير خدمات الصحة النفسية، الأمر يستنفد مواردنا، وله تأثير في أداء رجال الإطفاء".
وأشار لوثير إلى أن الزيادة في الاستجابة إلى الحوادث المتعلقة بالصحة العقلية والإسعاف الطبي ترجع جزئياً إلى تغييرات التدريب، مما يعني أن رجال الإطفاء أضحوا مجهزين بشكل أفضل لتقديم الإسعافات الأولية، لكن الدور المتزايد "كان هدراً كبيراً للموارد".
وحذر "بهذا الوقت [الذي نستجيب فيه للإسعافات الأولية] لا يمكننا القيام بتدريب آخر أو أن نكون في خدمة المجتمع لمنع الحرائق، وإذا كان شخص ما على جسر فإننا نبقى هناك لمدة أربع إلى ست ساعات مع خمس أو ست سيارات إطفاء، وهذا يقلص من قدرتنا التشغيلية".
وقد تباطأت أوقات الاستجابة لخدمات الإطفاء على المستوى الوطني، إذ ارتفع متوسط الوقت اللازم للوصول إلى مناطق حوادث الحرائق بمقدار 15 ثانية عاماً بعد عام إلى ما يقارب تسع دقائق.
ومن جانبها، قالت نقابة الرؤساء التنفيذيين لخدمات الإسعاف إن هناك تاريخاً طويلاً من عمل رجال الإطفاء والمسعفين معاً عندما يكون الوضع "آمناً ومناسباً".
وأضاف المدير الإداري للنقابة مارتن فلاهيرتي، "نحن غير مطلعين على العوامل التي أسهمت في رسم بيانات وزارة الداخلية، لكننا لن نتفاجأ إذا كانت الزيادة ناتجة من الضغوط غير المسبوقة التي يتعرض لها نظام الرعاية العاجلة والطوارئ بالكامل".
وأضاف "تتفاقم هذه المشكلات بالنسبة إلى خدمات الإسعاف بسبب تأخيرات التسليم في أقسام الطوارئ بالمستشفيات، التي يجب أن تكون الآن أولوية رئيسة لأنظمة الرعاية المتكاملة المحلية لمحاولة حلها".
يأتي ذلك بعد أن كشفت "اندبندنت" عن إرسال عناصر من الشرطة المسلحة لإسعاف مرضى القلب بسبب نقص سيارات الإسعاف، وسط ارتفاع إجمالي في الحوادث الطبية والصحة العقلية التي تتعامل معها قوات الشرطة.
وأعقب ذلك تواصل من قبل عديد الضباط مع "اندبندنت"، لمشاركة تجاربهم الخاصة في الاستجابة لحالات الطوارئ الطبية.
وروى شرطي آخر حادثة وقعت أخيراً في لندن عندما انهارت امرأة في محطة سكة حديد مع صعوبات في التنفس، وأرسلت خدمات الإسعاف سيارة أجرة لنقلها إلى الطوارئ بعد أن قدمت الشرطة الإسعافات الأولية.
ووصف شرطي في وارويكشير كيف نقل مصابين إلى المستشفى بعد أن قيل لهم إن "أوقات الانتظار تصل لأربع ساعات، إضافة إلى انتظار وصول سيارة إسعاف"، وقال ضابط آخر في أوكسفوردشير إن خدمة الإسعاف أرسلت الشرطة لمساعدة رجل في منتصف العمر سقط في الشارع وكسر كاحله.
وأعرب ضابط مرور عن قلقه من أن الشرطة تنشغل بأمور بعيدة عن مكافحة الجريمة بسبب اضطرارها "إلى التعامل مع أشياء لم نتدرب عليها".
وقال شرطي آخر إن الشرطة تتعامل "بشكل متزايد مع مشكلات الرعاية الاجتماعية والصحية والعقلية والبدنية، لأنه لا يوجد أي طرف آخر".
© The Independent