في تطور ميداني على صعيد جبهة الشرعية اليمنية، أكملت قوات عسكرية تتبع ألوية العمالقة الموالية للمجلس "الانتقالي الجنوبي" سيطرتها على كامل محافظة أبين جنوب اليمن، أمس الثلاثاء الـ23 من أغسطس (آب)، عقب يومين من سيطرتها على كامل محافظة شبوة النفطية في عملية إحلال وإبدال مع القوات الحكومية.
ونقلت وسائل إعلام موالية للمجلس الانتقالي تصريحات لقائد محور أبين التابع للانتقالي مختار النوبي، أكد خلالها سيطرتهم على كامل المحافظة من دون قتال، مثمناً دور القوات الحكومية على الجهود التي بذلوها في تسليم المحافظة لقواتهم.
وكان الانتقالي الانفصالي أعلن قبل أيام عملية عسكرية أطلق عليها اسم "سهام الشرق" ضد ما سماها "التنظيمات الإرهابية" في محافظة أبين (مسقط رأس الرئيس السابق هادي)، غير أن مراقبين يرون أن هدف العملية الإمساك بزمام المحافظة.
اتفاق الإحلال والإبدال
وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت عن اتفاق جرى بين القوات الحكومية وقوات العمالقة الموالية للانتقالي قضى بنشر قوات الأخير في المحافظة من دون مواجهات، بعد يومين من إتمام سيطرته على مفاصل الدولة كافة في محافظة شبوة النفطية المجاورة.
وقالت هذه التقارير إن قيادات عسكرية واجتماعية من أبناء المحافظة من الطرفين قادت وساطة بهدف حقن الدماء، وتمكنت من إبرام اتفاق على عجل، وقع عليه في زنجبار مدير أمن أبين علي الكازمي ممثلاً عن القوات الحكومية، وعبداللطيف السيد قائد قوات الحزام الأمني في أبين ممثلاً عن الانتقالي.
ونص الاتفاق على السماح بانتشار قوات الانتقالي من دون قتال في مدينة شقرة الساحلية والخبر المراقشة ومديرية أحور الساحلية كمرحلة أولى، فيما تقضي المرحلة الثانية منه بالتحرك في مديريات مودية ولودر والمحفد، وجميع المناطق التي تتمركز فيها قوات أمنية وعسكرية حكومية.
كما تضمن الاتفاق بقاء قوات الأمن العام والخاصة والنجدة (حكومية) في مقارها، إضافة إلى بقاء قوات عسكرية في مواقعها وأبرز تلك القوات (ألوية الحماية الرئاسية الأول والثالث والرابع، وقوات الدفاع الساحلي)، وهي مناطق سبق وشهدت مواجهات عنيفة في أعقاب سيطرة الانتقالي على عدن وأجزاء من أبين في أغسطس 2019 التي تمكن إثرها من طرد القوات الحكومية.
وبهذا تكون عملية إحلال قوات جديدة مكان تلك التقليدية التي اتهمت بموالاتها لقوى وتيارات سياسية معينة خدمة لمشاريع فئوية على حساب الشعب اليمني وخصوصاً منه في الجنوب، إذ يتهم قطاع واسع من اليمنيين القوات السابقة بالتبعية لمراكز نفوذ تقليدية في شمال اليمن مكونة من خليط من القادة العسكريين والمشايخ التاريخيين المستأثرين بالثروة والسلطة في حين يعاني ملايين من الجوع وانعدام فرص الحياة.
تحرك على الأرض
ووفقاً للاتفاق فإن قوات الانتقالي بدأت فعلياً بالانتشار في مدينة شقرة (منطقة ساحلية محاذية لمدينة عدن) وعلى طول الطريق الساحلي ومناطق أخرى، من دون تسجيل أي صدامات مسلحة.
وبعد ساعات من إعلان القوات التابعة للانتقالي للعملية العسكرية أصدر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي يوم الإثنين مذكرة بوقف أية عمليات وتحشيد عسكري، اطلعت عليها "اندبندنت عربية"، موجهة إلى رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو المجلس عيدروس الزبيدي، قال فيها إنه يجب وقف جميع العمليات العسكرية إلى حين تنفيذ إعادة انتشار القوات في جنوب البلاد المنصوص عليها في اتفاق الرياض عام 2019.
وبحسب عبدالناصر الجعري عضو المجلس الانتقالي، فإن العملية التي أعلنها الانتقالي هي محاربة الإرهاب، وتم التوافق عليها مع القوات الحكومية.
وأضاف أن العملية يقوم بها كل الأطراف بقيادة مختار النوبي ممثلاً عن المجلس الانتقالي، وأبو مشعل الكازمي ممثل القوات الحكومية، "وهذا ما كنا نسعى له بأن تتوحد كل القوات الحكومية في هذه العملية".
وأشار عضو المجلس الانتقالي إلى "أن تعليمات صدرت من مجلس الرئاسة لقوات سعيد بن معيلي قائد في قوات الحماية الرئاسية التي تتمركز في شقرة بالعودة إلى موقعها في محافظة مأرب".
وعن توجيهات رئيس مجلس الرئاسة بخصوص وقف التحركات العسكرية في محور أبين، قال إن "التوجيه صحيح ولكن ليس وقف العملية، وإنما تأجيلها ساعات كونه هناك لجنة من قوات التحالف كان من المقرر لها زيارة إلى لواء الأماجد، الذي يقوده اللواء صالح الشاجري حرصاً على سلامة اللجنة وتسهيل الزيارة التي استغرقت ساعات، ولهذا تم إصدار تأجيل عملية سهام الشرق حتى استكمال الزيارة"، مؤكداً أنه تم "استئناف العملية العسكرية لمحاربة العناصر التابعة للقاعدة التي يعانيها أبناء المحافظة باستهداف أبنائهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى سياسيون أن هذه الخطوات من شأنها أن ترفع من سقف مواقف الانتقالي التفاوضية في محادثات السلام المرتقبة كونه المسيطر والأكثر قوة على أكبر مساحة ميدانياً.
وتأتي عملية "سهام الشرق" بعد أيام من سيطرة قوات تتبع الانتقالي على عدد من الحقول النفطية في محافظة شبوة شرق اليمن كانت تخضع لحماية قوات حكومية.
إتمام السيطرة على شبوة
والأحد الماضي، أعلنت قوات العمالقة الجنوبية سيطرتها على مناطق مهمة على الخط الحيوي الرابط بين عتق عاصمة محافظة شبوة وبين حضرموت، إلى جانب أحد المعسكرات الاستراتيجية.
وقال مصدر محلي بمحافظة شبوة إن قوات من ألوية العمالقة تمكنت معية قوات دفاع شبوة، من السيطرة على مفرق العبر - الخشعة الاستراتيجي الرابط بين شبوة وحضرموت (شرق البلاد).
وشبوة هي ثالث كبرى المحافظات اليمنية من حيث المساحة، تحيط بها أربع محافظات، هي حضرموت من الشرق ومأرب من الشمال وأبين والبيضاء من الغرب ورملة السبعتين من الجهة الشمالية الشرقية، وتتنوع طبيعتها الجغرافية بين الصحاري والجبال والوديان والسواحل المطلة على مياه بحر العرب.