أعلنت الهيئة المنظمة لسوق الطاقة بالتجزئة في بريطانيا (أوفغيم) عن رفع جديد لسقف أسعار الطاقة للبيوت يبدأ من أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وبنسبة أعلى مما كان متوقعاً، إذ كانت التقديرات بزيادة بنسبة 75 في المئة، لكن الهيئة أعلنت رفع السقف بنسبة 80 في المئة.
وهكذا تضاعفت أسعار الغاز والكهرباء للاستهلاك المنزلي في بريطانيا نحو خمس مرات في أقل من عام. فتلك هي المرة الرابعة التي ترفع فيها "أوفغيم" سقف فاتورة الطاقة للبيوت منذ ربيع العام الماضي. وكان سقف فاتورة الاستهلاك المنزلي في المتوسط لا يتجاوز الألف دولار إلا قليلاً (نحو ألف ومئة جنيه استرليني).
وبالقرار الأخير لـ"أوفغيم" صباح، الجمعة الـ26 من أغسطس (آب)، سيصبح سقف فاتورة الاستهلاك المنزلي للبيت المتوسط بعد نحو شهر أكثر من أربعة آلاف و190 دولاراً (ثلاثة آلاف و549 جنيهاً استرلينياً) في العام، وذلك ارتفاعاً من سقف السعر الحالي عند ألفين و327 دولاراً (ألف و971 جنيهاً استرلينياً).
وأرجعت "أوفغيم" سبب الزيادة الهائلة هذه المرة التي تقارب ضعف الزيادة الأخيرة في أبريل (نيسان) إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء بالجملة نتيجة الحرب في أوكرانيا وخفض روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا.
وقال الرئيس الجديد لـ"أوفغيم" جوناثان بيرلي إن حزمة الدعم التي أعلنتها الحكومة سابقاً بقيمة نحو 17 مليار دولار (15 مليار جنيه استرليني) لتخفيف عبء كلفة المعيشة على المواطنين لم تعد كافية لمواجهة ارتفاع الأسعار.
يذكر أن حزمة الدعم التي أعلنتها حكومة بوريس جونسون المستقيلة تعني دفع الخزانة نحو 470 دولاراً (400 جنيه استرليني عن كل أسرة لشركات توزيع الغاز والكهرباء) لتخفيض قيمة الفواتير التي تحصلها من المستهلكين.
تعديل طريقة الحساب
على الرغم من تبرير "أوفغيم" تلك الزيادة بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي نتيجة الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا، فإنها كانت بدأت رفع سقف فاتورة الاستهلاك المنزلي منذ شهر أبريل العام الماضي 2021. وكانت معدلات الزيادة في البداية بنسبة تسعة في المئة، ثم بعد ذلك بستة أشهر في أكتوبر 2021 بنسبة 15 في المئة قبل أن ترفع السقف في أبريل من هذا العام بنسبة 54 في المئة، لتضاعف نسبة الزيادة هذه المرة.
كانت الهيئة عدلت العام الماضي طريقة مراجعتها سقف سعر فاتورة الاستهلاك المنزلي لتقرر الزيادات بوتيرة أسرع. فبدلاً من المراجعة الدورية كل عام، عدلت ذلك إلى المراجعة كل ستة أشهر، وتدرس الآن تسريع المراجعة لتصبح كل ثلاثة أشهر.
وهذا الشهر عدلت الهيئة أيضاً طريقة حسابها للزيادة في كلفة الفاتورة بحيث تدعم شركات التوزيع، بأن جعلت تحصيل فارق سقف السعر عن سعر السوق من قبل الشركات في وقت أقصر، بدلاً من توزيعه على مدى عام أو أكثر كما كان من قبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونتيجة هذا التعديل في طريقة الحساب، استقالت المديرة السابقة لهيئة "أوفغيم" كريستين فارنيش نتيجة الخلاف مع بقية مجلس إدارة الهيئة الذين أرادوا تعديل طريقة الحساب دعماً للشركات. وأعلنت فارنيش منتصف هذا الشهر أنها استقالت لاعتراضها على موقف مجلس الإدارة الذي سيعني ارتفاع سقف الفاتورة بشكل هائل يزيد من معاناة الأسر البريطانية التي تواجه صعوبة في تحمل تكاليف المعيشة المرتفعة بالفعل.
وقالت فارنيش إن تعديل طريقة حساب سقف سعر الفاتورة "سيضيف مئات الجنيهات لفاتورة كل مواطن في البلاد وذلك بهدف دعم عدد قليل من الموردين في الأشهر المقبلة". وبما أن مراجعة سقف سعر الفاتورة أصبح كل ثلاثة أشهر، يتوقع أن ترفع "أوفغيم" السقف بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل إلى ستة آلاف و360 دولاراً (خمسة آلاف و386 جنيهاً استرلينياً)، بحسب تقديرات شركة استشارات الطاقة "كورنوول إنسايت".
مزيد من الارتفاع
وتعد شركة كورنوول إنسايت الأكثر دقة في توقعات سقف سعر فاتورة الاستهلاك المنزلي حتى الآن، كما تقول صحيفة "الفايننشيال تايمز". وبحسب تقديراتها سيرتفع سقف سعر فاتورة الغاز والكهرباء للمنازل إلى أكثر من سبعة آلاف و811 دولاراً (ستة آلاف و616 جنيهاً استرلينياً) في الربع الثاني من العام المقبل.
وعلى الرغم من بعض التوقعات المتفائلة باحتمال انخفاض أسعار الطاقة العالمية في النصف الثاني من العام المقبل نتيجة تراجع الطلب، فإن هناك مؤشرات كثيرة الآن على أن أسعار الطاقة ستواصل الارتفاع في الأقل حتى نهاية العام المقبل 2023.
وحذرت شركة الاستشارات في بيان لها الجمعة من أن سياسة الطاقة في بريطانيا تحتاج إلى مراجعة شاملة بشكل عاجل وملح للتعامل مع "أزمة طويلة المدى". وأضافت "يجب أن ينظر إلى اليوم على أنه جرس إنذار للمسؤولين عن وضع السياسات يحذرهم من أن التفكير قصير المدى والمعالجات المؤقتة لنظام الطاقة ليست كافية. فمن بدون تغيير حقيقي في نظام الطاقة في هذا البلد سيستمر الجميع في المعاناة، أولاً المستهلكون ثم الموردون والاقتصاد بشكل عام".
ومع زيادة الضغط على الحكومة للتصرف بشكل عاجل لمواجهة الأزمة، اكتفت وزارة قطاع الأعمال بالإعلان الجمعة عن أنها "تقوم بالاستعدادات المناسبة للتأكد من أن أي دعم إضافي أو التزامات في شأن كلفة المعيشة سيتم تقديمها بأسرع ما يمكن ما إن يتولى رئيس الوزراء الجديد منصبه".
وتنتظر بريطانيا إعلان رئيس الوزراء الجديد الذي سيخلف بوريس جونسون في 5 سبتمبر (أيلول) المقبل. ويتنافس وزير الخزانة المستقيل ريشي سوناك ووزيرة الخارجية ليز تراس على زعامة حزب المحافظين الحاكم ورئاسة الحكومة. ويواجه من سيختاره الحزب منهما معضلة أساسية في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة على الأسر البريطانية في الوقت الذي تواصل فيه الأسعار الارتفاع وينتظر أن يتجاوز معدل التضخم نسبة 18 في المئة بنهاية هذا العام.