Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تتجه إلى شطب المليارات من مساعداتها الخارجية

حصري: مطالبات للحكومة بإعادة التفكير في قرار احتساب كلفة اللاجئين الأوكرانيين ضمن الموازنة المخفضة أصلاً لتجنب "عواقب وخيمة"

يرى كثيرون أنه من الصواب تقديم المساعدة للشعب الأوكراني لكن ليس على حساب الالتزام تجاه أشد فقراء العالم (غيتي)

نبهت منظمة "أنقذوا الأطفال" Save the Children إلى أن مليارات أخرى من الجنيهات الاسترلينية سيتم شطبها من مشاريع المساعدات الخارجية البريطانية في غضون أسابيع، ما لم تتراجع الحكومة البريطانية عن نيتها تحويل ربع الأموال المخصصة لتلك المشاريع، لتمويل كلفة اللاجئين الأوكرانيين في المملكة المتحدة. وقد قامت المنظمة الدولية بدق ناقوس الخطر حول قرار بريطاني مثير للجدل، يقضي بتضمين مخصصات الإنفاق على 118 ألف أوكراني تمت استضافتهم في بريطانيا، ضمن الموازنة التي تم تخفيضها من 0.7 إلى 0.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي [نهاية عام 2020]، ووضع بعدها سقف صارم للإنفاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فمع استمرار الحرب في أوكرانيا، تقدر المنظمة أن تصل فاتورة دعم اللاجئين إلى 3 مليارات جنيه استرليني (3.51 مليار دولار أميركي)، وهو ما يشكل 25 في المئة من الإنفاق الحكومي الحالي على المساعدات الخارجية، والتي تم أصلاً شطب 4 مليارات جنيه استرليني منها قبل أقل من عامين [0.2 من الناتج المحلي].

وفيما رحبت المنظمة بالمساعدة التي تقدم للاجئين الفارين من الغزو، إلا أنها قالت لـ"اندبندنت" إنه ستكون هنالك "عواقب لا يمكن تصورها" في حال لم تتم إعادة النظر بشكل فوري في المسألة.

المستشار البارز في مجال تمويل التنمية ريتشارد واتس رأى أن "إدراج هذه الكلفة ضمن المساعدات المقررة بنسبة 0.5 في المئة من الموازنة، والتي تم حتى الآن تخصيصها بشكل كامل، سيؤدي إلى مزيد من التخفيضات الكبيرة في تمويل الأفراد الذين يعانون أحلك الظروف في مختلف أنحاء العالم"، واصفاً هذه الخطوة بـ"التصرف غير الصائب"، وداعياً حكومة المملكة المتحدة إلى "الحرص على عدم مساعدتها للاجئين لديها على حساب دعم الأطفال في مختلف أنحاء العالم وفي هذه المرحلة الحرجة". واعتبر أنه "يمكنها، لا بل يتوجب عليها التقدم نحو الأمام لا التراجع إلى الخلف".

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة قد أعطت توجيهاتها بالفعل لوقف الإنفاق على المساعدات "غير الضرورية" – ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع الكلفة التي تنفق على اللاجئين الأوكرانيين – وهو ما وضع وكالات إنسانية في حال من عدم اليقين في ما يتعلق بمشاريعها القائمة، خصوصاً وأنه لم يتبق سوى 4 أشهر فقط على نهاية السنة المالية الحالية.

وعلمت "اندبندنت" أن وزيرة الخارجية ليز تراس (المرشحة لأن تصبح رئيسة للوزراء) تتجه نحو نقض تعهد قطعته الحكومة، يقضي بمعاودة الالتزام بتقديم دعم بنسبة 0.7 في المئة عام 2024، بسبب خططها لتخفيض ضريبي يتجاوز الـ30 مليار جنيه استرليني، والذي سيعود بالمنفعة على أولئك الأكثر ثراءً في بريطانيا.

أخيراً فقط، أواخر يوليو (تموز) الماضي، جاء الإعلان عن نية الحكومة احتساب الإنفاق على اللاجئين الأوكرانيين كـ"مساعدة إنمائية رسمية" Official Development Assistance (ODA) ضمن سقف الـ0.5 في المئة. جاء ذلك في أعقاب خلاف وزاري خسرت فيه السيدة تراس أمام وزيرة الداخلية بريتي باتيل، والتي يعتقد أنها طلبت أموالاً من موازنة المساعدات.

وبرز في المقابل غضب أيضاً من اعتبار تبرعات لقاحات "كوفيد" المتبقية، هي الأخرى مساعدات خارجية، مما أدى إلى خفض ما يقدر بنحو 300 مليون جنيه استرليني إضافية من الإنفاق على المساعدات هذه السنة.

أشار ريتشارد واتس أيضاً إلى أن "ليز تراس أثارت مخاوف في شأن تأثير الحرب في أوكرانيا على موازنة مساعداتها، وأعربت عن أملها في أن تخصص وزارة الخزانة تمويلاً إضافياً". ورأى أنه "إذا ما أصبحت الرئيسة المقبلة للوزراء، فستكون في وضع يمكنها من إجراء هذا التغيير".

سارة تشامبيون، رئيسة "لجنة التنمية الدولية في مجلس العموم" House of Commons International Development Committee اعتبرت أنه "من الصواب تماماً تقديم المساعدة للشعب الأوكراني، لكن عندما نقوم بذلك، ينبغي علينا ألا نتخلى عن التزامنا تجاه أشد فقراء العالم".

وأضافت، "يجب أن نظهر مرونة في زيادة نسبة 0.5 في المئة المستهدفة، قبل أن تؤدي كلفة المساعدات الحيوية التي تقدم للاجئين الأوكرانيين، إلى تخفيضات من شأنها أن تسبب معاناة حقيقية في أماكن أخرى".

بريت كور جيل، وزير التنمية الدولية في حكومة الظل "العمالية"، قال إن "المملكة المتحدة محقة في دعمها للاجئين الأوكرانيين الهاربين من الحرب الوحشية وغير المشروعة التي يشنها بوتين على بلادهم. إلا أن تحويل المساعدات عن أسوأ الأزمات في العالم في ظل حال طوارئ عالمية، يؤدي إلى انعدام الأمن وصعود التطرف وفرار الناس من ديارهم، الأمر الذي يجعل المملكة المتحدة أكثر عرضة للمخاطر، والعالم أقل أماناً"، بيد أن السيدة تراس تستعد للفوز بالمنافسة على زعامة حزب "المحافظين" بناءً على تعهد إجراء تخفيضات ضريبية كبيرة، فيما لا يزال لزاماً عليها أن تخرج بحلول لإنقاذ الأسر والشركات التي تواجه فواتير طاقة مهولة.

هذا، وقد جاء خفض الإنفاق على المعونات من 0.7 في المئة من الدخل القومي [إلى 0.5] بعد كسر المحافظين لتعهدات بيانهم الانتخابي، على الرغم من الالتزام القانوني الواجب بتخصيص هذا المبلغ. وقد تم فرض هذا الخفض على الرغم من كل الدعوات التي حذرت من أن أعداداً كبيرة من الناس قد تموت نتيجة هذا القرار، لكن القرار كان قد اتخذ وبأسلوب فوضوي عكس اندفاع الحكومة لإيجاد مدخرات فورية، لكن، وتحت الضغط، وعد ريشي سوناك - وزير الخزانة آنذاك - بالعودة إلى نسبة 0.7 في المئة بحلول عام 2024، شرط الوفاء بقواعد الخزانة، أي عدم الاقتراض من أجل تأمين مصاريف الإنفاق الحكومي الآني وكذلك تراجع الدين العام، لكن "معهد الدراسات المالية" (IFS) Institute for Fiscal Studies، والذي هاجم خطط السيدة تراس باعتبارها غير واقعية إن لم تترافق مع تخفيضات كبيرة في الإنفاق، حذر من أن تنسحب تبعات هذه السياسة على معدل صرف المعونات الحكومية.

ونبه بن زارانكو، وهو أحد الخبراء الاقتصاديين البارزين في مجال البحوث في "معهد الدراسات المالية"، إلى أن "وضع حزمة كبيرة من التخفيضات الضريبية من دون إرفاقها بتخفيضات في الإنفاق، من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الاقتراض". وأضاف قائلاً، "إذا كانت الحكومة تتجه، في ما يبدو، نحو خرق قواعدها المالية بهامش واسع، فإن ذلك من شأنه أن يلقي بظلال من الشك على ما إذا كان ممكناً إعادة الإنفاق على المساعدات إلى مستواه السابق، أي ما نسبته 0.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول السنة 2024". وأشار زارانكو إلى أن تراس كانت قد لمحت إلى إمكان اعتماد قواعد مالية جديدة، لكنها لم تأتِ على ذكر استعادة النسبة السابقة من المعونات الخارجية خلال حملتها.

وتتوقع منظمة "أنقذوا الأطفال" بلوغ عدد الأوكرانيين الواصلين إلى المملكة المتحدة هذه السنة بـ190 ألفاً، ما يجعل الكلفة المرتقبة تبدو على النحو الآتي: المدفوعات المخصصة للمجالس المحلية 1.5 مليار جنيه استرليني، ومصاريف الإقامة 400 مليون جنيه استرليني، ودعم نقدي 375 مليون جنيه استرليني، وكلفة الرعاية الصحية 500 مليون جنيه استرليني، وكلفة التعليم 300 مليون جنيه استرليني، أي ما يزيد قليلاً على 3 مليارات جنيه استرليني في المجموع.

وأشارت وزارة الخارجية البريطانية إلى القواعد في شأن [المساعدات المقدمة إلى اللاجئين الأوكرانيين] والتي "تندرج تحت بند المساعدات الخارجية للحكومة البريطانية" والتي وضعتها أساساً "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" [منظمة اقتصادية حكومية دولية تضم 38 دولة عضواً، وتعنى بتحفيز التقدم الاقتصادي والتجارة في العام].

وفي هذا قال متحدث باسم الوزارة إن "الدعم المقدم لطالبي اللجوء أو اللاجئين، القادمين من بلدان معينة، خلال الأشهر الـ12 الأولى من إقامتهم في المملكة المتحدة، يعد بمثابة مساعدات [خارجية]".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير