عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس الأول من سبتمبر (أيلول)، عن أمله في التوصل إلى اتفاق على إحياء الاتفاق النووي الإيراني في غضون الأيام المقبلة.
وأضاف ماكرون، في كلمة للسفراء الفرنسيين، "آمل إتمام (إحياء) خطة العمل الشاملة المشتركة في غضون الأيام القليلة المقبلة"، في إشارة للاتفاق النووي.
من ناحية أخرى، رأى ماكرون أن "انقسام أوروبا هو أحد أهداف حرب روسيا" على أوكرانيا، معتبراً أن "وحدة الأوروبيين أساسية" في هذا الملف. وأضاف، "لا ينبغي أن نترك أوروبا تنقسم" و"هذا تحد يومي".
ودعا الرئيس الفرنسي إلى مواصلة الحوار مع روسيا، مؤكداً أنه "يجب أن نفترض أنه يمكننا دائماً مواصلة الحديث مع الجميع"، خصوصاً "الذين لا نتفق معهم".
وتساءل ماكرون، أمام سفراء فرنسا المجتمعين في الإليزيه، "من يريد أن تكون تركيا القوة الوحيدة في العالم التي تواصل الحديث مع روسيا؟".
محادثات أميركية إسرائيلية
أجرى رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي جو بايدن حول المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، وأفاد بيان صادر عن مكتب لبيد بأن الرئيسين "بحثا مطولاً المفاوضات التي تجريها الدول العظمى حول الاتفاق النووي مع إيران والجهود المختلفة التي يتم بذلها من أجل وقف سعي إيران نحو امتلاك السلاح النووي"، وأوضح البيان أيضاً أن "الزعيمين بحثا آخر التطورات والأنشطة الإرهابية التي تمارسها إيران في الشرق الأوسط وخارجه"، وقال "في هذا الإطار، هنّأ رئيس الوزراء (لبيد) الرئيس الأميركي على الغارات الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة في سوريا"، موضحاً أن الرئيسين متفقان على حق إسرائيل في "الدفاع عن نفسها".
في الأثناء، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في موسكو إن "بلاده بحاجة إلى ضمانات أقوى من واشنطن لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015"، مضيفاً أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة يجب أن تتخلى عن تحقيقاتها ذات الدوافع السياسية في شأن أنشطة طهران النووية".
جاءت تصريحات أمير عبد اللهيان للصحافيين، في الوقت الذي تراجع فيه إيران رد واشنطن على النص النهائي الذي صاغه الاتحاد الأوروبي، ويهدف إلى تجاوز الجمود في محاولات إحياء الاتفاق النووي.
ولم يوضح عبد اللهيان ما المقصود "بضمانات أقوى"، لكن خلال المحادثات التي استمرت شهوراً مع واشنطن في فيينا طلبت طهران ضمانات بعدم انسحاب أي رئيس أميركي في المستقبل من الاتفاق مثلما فعل الرئيس السابق دونالد ترمب في 2018.
لكن الرئيس جو بايدن لا يمكنه تقديم مثل هذه الضمانات الصارمة، لأن الاتفاق مجرد تفاهم سياسي وليس معاهدة ملزمة قانونياً.
وقال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض إنه لم يطلع على تصريحات وزير الخارجية الإيراني، وأضاف كيربي للصحافيين "لذلك لا أعرف ما الضمانات التي يتحدث عنها"، وتنتظر الولايات المتحدة رداً من الاتحاد الأوروبي والإيرانيين، وقال "على الرغم من أننا نتحلى، كما قلت سابقاً، بتفاؤل حذر، فإننا أيضاً ندرك أنه ما زالت هناك فجوات، ونحاول سدها بإبداء حسن النية والتفاوض من خلال القنوات المناسبة وليس في العلن".
ولم يعلق المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الرجل الذي له ثقل في النزاع النووي الإيراني مع الغرب، على المحادثات النووية في خطاباته العامة على مدى أشهر.
ودفعت العقوبات، التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على طهران بسبب برنامجها النووي، خامنئي إلى دعم اتفاق عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشكل موقت، وهو الاتفاق الذي فرض قيوداً على البرنامج النووي للبلاد في مقابل رفع العقوبات.
لكن ترمب انسحب من الاتفاق بعد ذلك بثلاث سنوات وأعاد فرض عقوبات صارمة على إيران، مما دفعها إلى انتهاك القيود النووية المنصوص عليها في الاتفاق مثل إعادة بناء مخزونات اليورانيوم المخصب وتكريره إلى درجة نقاء انشطاري أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة لتسريع الإنتاج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤول إيراني سابق "إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق مرة أخرى فسيشكل هذا إحراجاً كبيراً للمرشد الأعلى. وهذا أحد أسباب إصرار طهران على هذا الأمر".
وبدت إعادة إحياء الاتفاق النووي وشيكة على ما يبدو في مارس (آذار)، لكن المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن انهارت بسبب عدة قضايا، من بينها إصرار طهران على إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقاتها في آثار اليورانيوم التي عثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة قبل إحياء الاتفاق النووي.
وقال أمير عبد اللهيان "يجب أن تغلق الوكالة هذه القضية. مثل هذه المطالب ذات الدوافع السياسية غير مقبولة بالنسبة إلى إيران".
وقد يلحق طلب طهران الضرر بجهود إنقاذ الاتفاق. وقال مسؤول إيراني رفض الكشف عن هويته لـ"رويترز"، إن إغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية "خط أحمر للمرشد الأعلى".
وقال كيربي إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن الجانبين أقرب الآن مما كانا عليه منذ أشهر، "ويرجع ذلك في الغالب إلى استعداد إيران للتخلي عن بعض مطالبها التي لا تتعلق بالاتفاق على الإطلاق".
مزيد من التخصيب
في السياق، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في بيان اطلعت عليه "رويترز" اليوم الأربعاء، إن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم باستخدام ثاني مجموعة من ثلاث مجموعات لأجهزة الطرد المركزي المتطورة (آي.آر-6) التي ركبتها طهران في الآونة الأخيرة في محطة التخصيب تحت الأرض في نطنز.
وأضافت الوكالة في تقرير سري إلى الدول الأعضاء أن المجموعة الثانية من أجهزة الطرد المركزي تستطيع تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى خمسة في المئة من درجة النقاء الانشطارية، بينما لم تتم تغذية المجموعة الثالثة بمواد نووية بعد.
وذكر تقرير منفصل يوم الإثنين أنه تم بدء تشغيل المجموعة الأولى من أجهزة الطرد المركزي.
بلا جدوى
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي شدد، الإثنين، على أن إحياء الاتفاق مع القوى الكبرى بشأن برنامج بلاده النووي يبقى "بلا جدوى" ما لم تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية قضية المواقع غير المعلن عنها.
وتثير قضية العثور في مراحل سابقة على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع لم تصرح إيران بأنها شهدت أنشطة كهذه، توتراً بين طهران والقوى الغربية والوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة.
وكررت إيران على مدى الأشهر الماضية طلبها إنهاء قضية هذه المواقع، وفي يونيو (حزيران)، أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية قراراً يدين إيران لعدم تعاونها مع المدير العام للوكالة رافايل غروسي في القضية.
صيغة تسوية وانتظار رد
وأثارت الخطوة انتقادات لاذعة من طهران التي تعتبرها "إجراءً سياسياً"، ورداً على ذلك أوقفت العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة الدولية في بعض منشآتها.
وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، رفع عقوبات عن إيران لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، وانسحبت الولايات المتحدة أحادياً منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترمب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجاً عن معظم التزاماتها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وروسيا، والصين) مباحثات لإحيائه في أبريل (نيسان) 2021، علقت مرة أولى في يونيو من العام ذاته، وبعد استئنافها في نوفمبر (تشرين الثاني)، علقت مجدداً منذ منتصف مارس (آذار) مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، على الرغم من تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة لمدة يومين في الدوحة أواخر يونيو، لم تفض إلى تحقيق تقدم يذكر، وفي الرابع من أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وبعد أربعة أيام من التفاوض أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية "نهائية".
وقدمت طهران بداية مقترحاتها على هذا النص، وردت عليها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وأكدت طهران أنها تقوم بدراسة هذا الرد قبل إبداء رأيها إلى الاتحاد الأوروبي.