Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صيف الصين الخطير جفاف وتعطيل وارتفاع أسعار الغذاء

درجات الحرارة العالية أدت إلى تعطل خطوط الملاحة ونقص محاصيل مثل الأرز

تغيرات مناخية تهدد القطاع الاقتصادي في الصين وسط موجة الجفاف (رويترز)

هيمنت أخبار ارتفاع درجات الحرارة وشح الأمطار في أوروبا هذا الصيف على عناوين الأخبار، بخاصة مع الحرائق التي أتت على عشرات آلاف الأفدنة وجفاف الأنهار وانخفاض إنتاج المحاصيل، لكن التغيرات المناخية للكرة الأرضية ضربت جزءاً آخر من العالم في آسيا بشكل يؤثر سلباً في الاقتصاد العالمي كله. فقد زاد من حدة تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في الصين، موسم جفاف استثنائي وارتفاع في درجات الحرارة أديا إلى زيادة معدلات التضخم في أسعار الغذاء وتعطل سلاسل التوريد بخاصة في إنتاج مكونات تعتمد عليها الصناعة في العالم كله تقريباً مثل بطاريات الليثيوم وقطع غيار السيارات.

وأصدرت وحدة "غلوبال كوموديتيز إنسايت" التابعة لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني تقريراً هذا الأسبوع بعنوان "صيف الصين الخطير" حول الآثار الاقتصادية لموجة الحر والجفاف في الصين، إذ أدت فترات الجفاف الطويلة وموجات الحرارة المتكررة إلى شبه  شلل التام في توليد الطاقة الكهرومائية في جنوب غربي الصين التي تعتمد عليها الصناعة في تلك الأقاليم. وتأتي موجة الجفاف والحرارة الشديدة في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الصيني بالفعل من تباطؤ شديد في النمو، إضافة إلى أن تلك الأضرار الناتجة من التغير المناخي يتجاوز تأثيرها الصين ويطال الاقتصاد العالمي بسبب تعطل سلاسل التوريد.

موسم جفاف استثنائي

 ضربت موجة الجفاف الشديد هذا الصيف نصف مساحة الصين تقريباً، من ارتفاع شديد في موجات الحرارة وقلة هبوط الأمطار، وأدى ذلك إلى جفاف نهر يانغتزي وهو من أكثر الممرات المائية في العالم ازدحاماً بالنقل النهري، كذلك اضطرت الصين إلى إغلاق كثير من الممرات المائية التي تستخدم للشحن البحري للسلع والبضائع. وتعرضت أحواض تخزين المياه في سيشوان للجفاف مما أدى إلى توقف إنتاج الطاقة الهيدروليكية، وتسهم منطقة سيشوان بما بين أربعة وخمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وتعد موقعاً رئيساً لإنتاج الليثيوم ومكونات المنتجات التكنولوجية والسيارات، ومن شأن إجراءات تقنين استهلاك الطاقة في المنطقة إلى زيادة مشكلات سلاسل التوريد للصناعات في الصين وحول العالم.

موجة الحر

وضربت موجة الحرارة الشديدة الحزام الزراعي في الصين كذلك، ما جعل إنتاج المحاصيل هذا الموسم عرضة للتراجع الشديد، وتظهر آثار الحرارة والجفاف أكثر في إنتاج محاصيل الزراعات كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الأرز وفول الصويا. ومما يزيد المشكلة تعقيداً أن أنظمة الري الحالية في الصين لا يمكنها التكيف مع موارد مائية منخفضة.

حسب أحدث أرقام مكتب الإحصاء الوطني فإن محصول الحبوب من الزراعة الصينية يشكل نسبة 70 في المئة من الاستهلاك الصيني السنوي للحبوب، طبقاً لأرقام خريف العام الماضي 2021، وفي حال تراجع إنتاج المحاصيل هذا الصيف سترتفع أسعار الغذاء أكثر وينخفض الطلب الاستهلاكي المحلي.

وعلى الرغم من أن بعض العواصف الممطرة بدأت الآن في الصين، إلا أنها على الرغم من تعويضها بعض النقص في المياه تهدد بمخاطر فيضانات تعطل الصناعة وترفع من دعاوى التأمين بما يضغط أكثر على ذلك القطاع المالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 تدفع موجة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة هذا الصيف الصين إلى تسريع تطوير البنية التحتية لشبكات الطاقة لديها كي لا تضطر إلى تقنين الاستهلاك بخاصة في المناطق الصناعية، ومن بين المبادرات التي اعتمدتها الصين لمواجهة تأثيرات موجات الطقس غير العادية تلك مد خطوط نقل الكهرباء ما بين شرق وغرب البلاد وتطوير طاقة التخزين وتحسين الشبكات الإقليمية، إضافة إلى خطة طموحة لتطوير مصادر طاقة متجددة.

وهذا البند الأخير يمثل تحدياً كبيراً للصين، بخاصة أنها تبدو غير قادرة على الالتزام بأهداف خفض الانبعاثات ضمن سياسة مكافحة التغيرات المناخية، فنتيجة زيادة الطلب على الطاقة والظروف المناخية القاسية، اضطرت الصين إلى زيادة الاعتماد على الفحم في توليد الطاقة.

وما زالت أسعار الفحم في الصين عالية جداً، ويتوقع أن تزداد مع دخول فصل الشتاء والحاجة لمزيد من الطاقة للتدفئة، ورفعت الصين في العامين الأخيرين طاقتها الإنتاجية من الفحم الحراري المحلي لتقترب من الاكتفاء الذاتي، وفي الأشهر السبعة الأولى من هذا العام 2022، ارتفع إنتاج الفحم في الصين بنسبة 11.5 في المئة إضافية، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.

ويبدو أن مستهدف خفض الاعتماد على مصادر الطاقة المسببة لانبعاثات الكربون تراجع في أولوية الحكومة الصينية مقابل تأمين الطاقة اللازمة للصناعة والاستهلاك المنزلي. كانت الصين تعهدت، ضمن اتفاقات المناخ الدولية، بخفض الاعتمادعلى الوقود الأحفوري بنسبة 20 في المئة من استهلاكها للطاقة بحلول عام 2025.

لكن نقص إمدادات الطاقة من المصادر المتجددة التي عطلتها ظروف الطقس المعاكسة، مثل إنتاج الطاقة الهيدروليكية التي تمثل نحو 20 في المئة من استهلاك الطاقة في الصين، جعلها تلجأ إلى مزيد من إنتاج الطاقة باستخدام الفحم، ومعروف أن الفحم أكثر تلويثاً للبيئة، إذ تزيد انبعاثات الكربون منه على حرق النفط والغاز في محطات الطاقة.