من المرتقب أن يشهد "مركز كينيدي للفضاء" التابع لـ"ناسا" والكائن على ساحل فلوريدا أول عملية إطلاق إلى القمر منذ 1973 ينفذها صاروخ فضائي ضخم، وذلك مع استعداد إدارة الطيران والفضاء الأميركية لإطلاق بعثة "أرتيميس" Artemis I في هذا الشهر.
مع هذه الرحلة التجريبية غير المأهولة للصاروخ ذي "نظام الإطلاق الفضائي" (أو اختصاراً "اِس اِل اِس" SLS) التابع لـ"ناسا" ومركبة "أوريون" الفضائية، تأمل الوكالة في أن تحمل "أرتيميس 1"، التي تعتبر أول اختبار كامل لأجهزة "ناسا"، رواد فضاء إلى سطح القمر مجدداً بحلول عام 2025، وتدفع مرة أخرى نحو عقد من العمليات القمرية التي ستكون بمثابة أرض تختبر قدرة ونجاعة تكنولوجيات ترمي في نهاية المطاف إلى زيارة الكوكب الأحمر المريخ.
في السطور التالية، تجد كل ما تهمك معرفته حول عملية الإطلاق المقبلة للصاروخ وبرنامج "ناسا" الجديد إلى القمر المقرر للقرن الحادي والعشرين.
متى موعد إطلاق "أرتيميس 1" وكيف يمكنك مشاهدته؟
كان من المقرر إطلاق "أرتيميس 1" من مجمع الإطلاق "بي 39" في "مركز كينيدي للفضاء"، وذلك في موعد لا يتجاوز الساعة الثامنة و33 دقيقة صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة في 29 أغسطس. وكان سيُبث الإطلاق على الهواء مباشرة على "تلفزيون ناسا" والموقع الإلكتروني لوكالة الفضاء، علاوة على تطبيق "ناسا" الرقمي.
وبعد أن ألغي الإطلاق، حددت "ناسا" نافذتي إطلاق في الثاني والخامس من سبتمبر (أيلول).
ما هو "أرتيميس"؟
إنه برنامج بعثات فضائية إلى القمر للقرن الحادي والعشرين تابع لوكالة "ناسا"، سينطوي على تطور في رحلات الفضاء القمرية غير المأهولة ثم المأهولة، التي تكللت في أول هبوط بشري شهده سطح القمر منذ ما يربو على 50 عاماً. وتخطط وكالة الفضاء بعد ذلك لإرسال بعثات مأهولة إلى سطح الكوكب مرة واحدة في السنة لبقية العقد، وبناء محطة فضائية في مدار حول القمر وقاعدة في القطب الجنوبي للكوكب حيث سيخوض رواد الفضاء اختبارات للتقنيات والمهارات المطلوبة لتحقيق هدف "ناسا" الطويل المدى، ألا وهو مهمة مأهولة إلى المريخ في أوائل أربعينيات القرن الواحد والعشرين.
في المرحلة التالية بعد "أرتيميس 1"، ستضم "أرتيميس 2" طاقماً من رواد الفضاء يخوضون رحلة إلى القمر في ربيع 2024 من دون الهبوط على سطحه. أما بعثة "أرتيميس 3"، المقررة في وقت ما من عام 2025، فستحمل أول رواد فضاء، من بينهم أول امرأة وشخص ملون يطأ سطح ذلك العالم الفضائي منذ 1972.
ما هو "نظام الإطلاق الفضائي" (SLS)؟
يعتبر "نظام الإطلاق الفضائي" (أو "اِس اِل اِس SLS) التابع لـ"ناسا" أكبر صاروخ منذ إطلاق صاروخ "ساتورن 5" ("زحل 5" Saturn V) الذي استخدم في "برنامج أبولو".
في شكله الحالي المعروف باسم "بلوك 1"، يتكون "اِس اِل اِس" من مركز معزز مملوء بالهيدروجين السائل والأكسجين مع اثنين من معززات صواريخ صلبة مثبتة على جانبيه تذكرنا بـ"مكوك الفضاء"، وهي قادرة تماماً على إنتاج 8.8 مليون رطل من قوة الدفع، أي أكثر بحوالى 15 في المئة من قوة دفع صاروخ "ساتورن 5"- عند إطلاقه في 29 أغسطس، سيكون "اِس اِل اِس" أقوى صاروخ من أي وقت مضى يشهد الفضاء إطلاقه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع المركبة الفضائية "أوريون" Orion حتى أعلى رأسها، يبلغ ارتفاع "اِس اِل اِس" 322 قدماً (98.1456 متر)، وفي مقدورها أن ترفع أكثر من 90 طناً إلى مدار أرضي منخفض. جنباً إلى جنب مع المرحلة العليا من "بلوك 1 اِس اِل اِس"، والمعروفة باسم "مرحلة الدفع المبردة المؤقتة" (ICPS)، يسع نظام الإطلاق إيصال 27 طناً من الحمولة إلى القمر.
ماذا عن "أوريون"؟
"أوريون" مركبة فضائية ابتكرتها الشركة الأميركية "لوكهيد مارتن" واختارتها "ناسا" لتحمل رواد الفضاء إلى القمر في برنامج "أرتيميس" الفضائي. تشبه في نواح كثيرة منها كبسولة "أبولو" الفضائية التي تعود إلى ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، ولكنها أكثر اتساعاً منها بعض الشيء- تسع أربعة رواد فضاء فيما تسع "أبولو" ثلاثة رواد، فضلاً عن أنها تقوم على تقنيات الكمبيوتر والملاحة الحديثة.
شأن كبسولة "أبولو"، تحمل "أوريون" درعاً حرارية لإبطاء نفسها من طريق الاحتكاك عند دخول الغلاف الجوي للأرض مرة أخرى، وستستخدم المظلات لإبطاء نفسها قبل أن تهبط في المحيط الهادئ.
ما هي مهمة "أرتيميس 1"؟
"أرتيميس 1" أول رحلة تجريبية لـ"اِس اِل اِس" و"أوريون"، وتشكل اختباراً بالغ الأهمية للتأكد من أن سلامة عمل كافة أنظمة الصواريخ والمركبات الفضائية في الفضاء قبل صعود البشر إلى "أرتيميس 2" في 2023.
تمتد مهمة "أرتيميس 1" 42 يوماً، وتتضمن إطلاق نظام "اِس اِل اِس" مركبة "أوريون" نحو القمر. بعد تحليق سيأخذ المركبة الفضائية على بعد 62 ميلاً (100 كيلومتر) فقط من سطح القمر، تدخل "أوريون" في مدار واسع حول القمر طوال ستة أيام من أجل جمع بيانات البعثة. ستحمل المركبة الفضائية أيضاً ثلاث عارضات أزياء للمساعدة في جمع بيانات حول كيفية تأثير الرحلة على أجسام رواد الفضاء وصحتهم في مهمتي "أرتيميس 2" و"أرتيميس 3".
أما الجزء الأكثر أهمية في المهمة فيأتي في نهايتها، عندما تدخل "أوريون" الغلاف الجوي للأرض مجدداً بسرعة تساوي 32 ضعف سرعة الصوت، وتضع درعها الحرارية محل اختبار للمرة الأولى. إنها الأولوية رقم واحد في البعثة، وفق مسؤولي "ناسا".
خلال مؤتمر صحافي عقده في 3 أغسطس (آب)، قال مدير "ناسا" بيل نيلسون إن "أوريون" تحمل درعاً حرارية استئصالية (يتكون من طبقة من الراتينج البلاستيكي، يتم تسخين سطحها الخارجي إلى غاز ثم تنقل الحرارة بعيداً عن طريق الحمل)، والطريقة الوحيدة لاختبارها إخراجها هناك والسماح لها بالدخول بسرعة 32 ماخ". "ستعود "أوريون" إلى الأرض بشكل أسرع وأكثر سخونة من أي مركبة فضائية سابقة".
بعد استنزاف السرعة على شكل حرارة، تهبط "أوريون" محمولة بواسطة مظلاتها في مياه المحيط الهادئ قبالة سواحل باها كاليفورنيا بسرعة 20 ميلاً في الساعة.
© The Independent