في مؤشر على مدى التوتر الذي يحيط بعلاقة القاهرة بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبد الحميد الدبيبة، انسحب وفد مصر برئاسة وزير الخارجية سامح شكري اليوم الثلاثاء السادس من سبتمبر (أيلول) من الجلسة الافتتاحية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، احتجاجاً على ترؤس وزيرة خارجية ليبيا نجلاء المنقوش لدورة الجامعة الـ158.
وغادر وفد القاهرة، بحسب ما أكدت مصادر مصرية رفيعة المستوى لـ"اندبندنت عربية" قبيل إلقاء المنقوش كلمتها، في رسالة "تشير إلى تحفظ مصر على تولي الرئاسة ممثل حكومة منتهية ولايتها"، موضحة أن قرار "الانسحاب من الجلسة كانت قد اتخذته القاهرة قبل أيام".
وبدأ اجتماع وزراء الخارجية العرب الاعتيادي اليوم بكلمة لوزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب لاستعراض ما قدمته الجامعة خلال فترة رئاسة لبنان للدورة الـ157، وذلك قبل أن يسلم رئاسة الجامعة لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش.
وقبيل الاجتماع، عقد وزراء الخارجية العرب بحضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط اجتماعاً تشاورياً لبحث أبرز الملفات العربية المشتركة، إذ تضمن جدول أعمال الدورة الـ158 عدداً من البنود الرئيسة تناولت قضايا العمل العربي المشترك السياسية والأمنية والقانونية والاجتماعية والمالية والإدارية، وجاءت كذلك الأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا على رأس القضايا المطروحة إضافة إلى القضية الفلسطينية، فضلاً عن بحث "التدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون الداخلية للدول العربية"، بحسب جدول الاجتماع.
ضرورة إجراء الانتخابات
من جهتها، قالت وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش إنه يجب السعي إلى إجراء الانتخابات النيابية في بلادها، وذلك فيما لا يزال التوتر يهيمن على الموقف بين حكومة طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة وحكومة باشاغا في سرت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعت المنقوش أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة إلى تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات التي تعذر إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما طالبت البرلمان الليبي بـ"التعاون" في سبيل الوصول إلى هذا الاستحقاق، ودعت أيضاً إلى عقد اللقاء التشاوري المقبل على مستوى وزراء الخارجية في العاصمة الليبية طرابلس.
وترأست المنقوش الدورة الـ158 لمجلس جامعة الدول العربية على الرغم من معارضة الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا لهذه الخطوة، وأمس دعت حكومة باشاغا الجامعة العربية إلى عدم تولي حكومة الدبيبة رئاسة دورة مجلس للجامعة على المستوى الوزاري، معتبرة في بيان نشرته عبر "فيسبوك" أن الجامعة "تخالف بهذا الإجراء دورها في التضامن الكامل مع ليبيا في أزمتها".
خطر "إشعال الصراع"
في الأثناء، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن هناك "توجهاً للابتعاد أكثر عن منطق التسوية ومزيد من الانقسام" في ليبيا، موضحاً أن الأمر يهدد بـ"إشعال الصراع"، وذكر أبو الغيط في كلمته أن الحل السياسي الخيار الوحيد الممكن لتحقيق الاستقرار في جميع الأزمات بالمنطقة العربية.
ومنذ مارس (آذار) الماضي، تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان، واحدة مقرها في طرابلس يقودها عبد الحميد الدبيبة، وأخرى بقيادة فتحي باشاغا يدعمها المشير خليفة حفتر في شرق البلاد.
وبالنظر إلى انتهاء ولاية حكومة الدبيبة في يونيو (حزيران) وفقاً لخريطة الطريق، عين البرلمان باشاغا رئيساً للوزراء في فبراير (شباط)، ومع ذلك فإن الدبيبة يصر على تسليم السلطة لحكومة تأتي عبر الانتخابات.
كان مقرراً أن تشهد ليبيا انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تتويجاً لعملية سلام رعتها الأمم المتحدة بعد أعمال عنف في 2020، إلا أنه وحتى اليوم يبدو أن لا اتفاق سياسياً متيناً يلوح في الأفق لإجراء الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية بعد 11 عاماً على سقوط نظام معمر القذافي، الأمر الذي يزيد من احتمالية اندلاع نزاعات.
وكانت مصر التي دعمت من قبل جانب المشير حفتر رحبت بقرارات البرلمان الليبي في فبراير (شباط) وعلى رأسها تولي باشاغا الحكومة، مؤكدة في بيان أن "مجلس النواب الليبي هو الجهة التشريعية المنتخبة والمعبرة عن الشعب الليبي الشقيق، والمنوط به سن القوانين ومنح الشرعية للسلطة التنفيذية وممارسة دوره الرقابي عليها".