ندد حلف شمال الأطلسي (ناتو) اليوم الخميس بالهجوم الإلكتروني الضخم الذي استهدف ألبانيا ونسبته واشنطن وتيرانا إلى إيران، متعهّدًا بتعزيز التعاون مع الدول الأعضاء في الحلف في مواجهة هذه الأفعال التي ترمي إلى "زعزعة الاستقرار".
وقالت الدول الأعضاء في الحلف "نحن متضامنون مع ألبانيا بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت بناها التحتية" الإلكترونية.
وأضافت "ندين بشدة هذه الأفعال الخبيثة التي تهدف إلى زعزعة استقرار حليف وعرقلة الحياة اليومية لمواطنيه"، واعدةً بمساعدة ألبانيا في الاستعداد لهجمات مماثلة محتملة في المستقبل.
وقطعت ألبانيا، الأربعاء السابع من سبتمبر (أيلول)، علاقاتها الدبلوماسية مع إيران متهمة إياها بهجمات إلكترونية كبيرة ضدها، وفق ما أعلن رئيس الوزراء الألباني أيدي راما في بيان.
وقال رئيس وزراء الدولة الصغيرة الواقعة في البلقان إن تيرانا "قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران بمفعول فوري"، مشيراً إلى هجوم إلكتروني وقع في الـ 15 من يوليو (تموز) ضد مؤسسات حكومية، مضيفاً أن "تحقيقاً معمقاً قدم لنا دليلاً لا لبس فيه على أن الهجمات دبرتها ورعتها طهران".
مغادرة الدبلوماسيين
وأعلن راما أن بلاده أمرت بمغادرة الدبلوماسيين وموظفي السفارة الإيرانيين في غضون 24 ساعة، مؤكداً أن "رد الفعل الصارم هذا يتناسب تماماً مع خطورة وجسامة الهجوم الإلكتروني الذي هدد بشل الخدمات العامة ومحو الأنظمة الرقمية واختراق سجلات الدولة وسرقة المراسلات الإلكترونية الحكومية على الإنترنت، وإثارة الفوضى والانفلات الأمني في البلاد".
وفي وقت مبكر من صباح الخميس، أحرق دبلوماسيون إيرانيون وثائق قبل ساعات من مغادرتهم ألبانيا. ورأى شاهد من "رويترز" رجلاً داخل السفارة يلقي أوراقاً في برميل صدئ، بينما أضاء اللهب جدران السفارة المكونة من ثلاثة طوابق.
وبدت الأجواء هادئة صباح الخميس خارج السفارة الواقعة على بعد 200 متر فقط من مكتب رئيس الوزراء الألباني. وشوهدت سيارة من نوع "أودي" سوداء تحمل لوحات دبلوماسية ونوافذها معتمة وهي تدخل وتخرج بينما كان ضابط شرطة يحرس المدخل.
لا أساس لها
ووصفت إيران اتهامات ألبانيا بأنها "لا أساس لها"، وقال بيان رسمي إيراني، "وزارة الخارجية تعتبر أن قرار هذا البلد قطع علاقاته الدبلوماسية معنا استناداً إلى اتهامات لا أساس لها هو خطوة غير مدروسة ويفتقر إلى بعد النظر في العلاقات الدولية".
وتشهد العلاقات بين البلدين توتراً منذ عام 2014، عندما استقبلت ألبانيا، بطلب من واشنطن والأمم المتحدة، نحو ثلاثة آلاف عضو من منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، والذين استقروا في مخيم بالقرب من دوريس، الميناء الرئيس في البلاد.
عملاء إيرانيون
وسبق أن أعلنت ألبانيا أنها أحبطت عدداً من الهجمات التي خطط لها عملاء إيرانيون ضد المنظمة المعارضة.
وقال راما، إن "التحقيق المفصل قدم لنا دليلاً دامغاً على أن الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له بلادنا جرى بتدبير ورعاية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من خلال الاستعانة بأربع مجموعات نفذت الهجوم".
هجوم إلكتروني
في هذا الوقت، أعلن البيت الأبيض أن واشنطن ستتخذ "تدابير إضافية لمحاسبة إيران" رداً على هجوم إلكتروني استهدف ألبانيا، الدولة الحليفة للولايات المتحدة ضمن حلف شمال الأطلسي.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريين واتسون في بيان، إن "الولايات المتحدة تدين بشدة الهجوم الإلكتروني الإيراني ضد حليفتنا في الناتو، ألبانيا"، وأكدت أنه بعد تحقيق استمر أسابيع في ألبانيا خلص الأميركيون إلى أن "الحكومة الإيرانية قادت هذا الهجوم غير المسؤول، وأنها كانت المسؤولة عن عمليات قرصنة وتسريب بيانات تلت ذلك"، واعتبرت أن الهجوم "يشكل سابقة مقلقة"، مضيفة أن "سلوك إيران ينتهك القواعد التي تحكم سلوك دولة مسؤولة في الفضاء الإلكتروني في زمن السلم".
البند الخامس
ولاحقاً قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن "الحلفاء في إطار الناتو سيتخذون قراراتهم السيادية بشأن كيفية الردّ على هذه الهجمات الإلكترونية، بما في ذلك احتمال تفعيل البند الخامس" من معاهدة حلف شمال الأطلسي، وأضافت "هناك إجراءات متعددة قبل اللجوء" إلى هذا البند الذي يفرض على دول الحلف الأطلسي مجتمعة أن تردّ على أي هجوم يستهدف إحداها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت شركة "مانديانت" الأميركية لأمن الإنترنت التي أشارت إلى الهجوم عبر منشور على مدونة في وقت سابق هذا الشهر، إن المجموعة التي تربطها صلات بإيران شنت هجوماً معقداً استخدمت فيه برنامجاً خبيثاً لمحو البيانات ضد المعارضين الإيرانيين.
وقال نائب رئيس قسم الاستخبارات في "مانديانت" جون هولتكويست في بيان عبر البريد الإلكتروني، "ربما يكون هذا أقوى رد علني على هجوم إلكتروني شاهدناه على الإطلاق، وفي حين أننا رأينا مجموعة من التداعيات الدبلوماسية الأخرى في السابق فإنها لم تكن شديدة أو واسعة النطاق مثل هذا الإجراء".
الجبل الأسود
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من اتهام الجبل الأسود، العضو في حلف شمال الأطلسي، مجموعة إجرامية تدعى "كوبا رانسوم وير" بشن هجوم رقمي على البنية التحتية لحكومتها وصفه مسؤولون هناك بأنه غير مسبوق.
وأضاف هولتكويست إنه "على الرغم من أن الحادثتين قد تكونان غير مرتبطتين ببعضها، فإن الاضطرابات المتكررة في البنية التحتية الحكومية تمثل اتجاهاً ينذر بالخطر".
وسبق أن أعلنت ألبانيا أنها أحبطت عدداً من الهجمات التي خطط لها عملاء إيرانيون ضد المنظمة المعارضة.