رسمت الملكة إليزابيت الثانية في ذاكرة الجزائريين صوراً إنسانية كفيلة بأن تكسبها قلوبهم وتوثق العلاقة بين ملكة القصر البريطاني وشعب يحتفظ بأجمل الذكريات لمن وقف إلى جانبه في السراء والضراء.
في أرشيف زيارات الملكة إلى بلدان العالم، زيارة واحدة إلى الجزائر جرت في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 1980 واتخذت طابعاً إنسانياً وسياحياً في الوقت ذاته.
توثق صور نادرة لموقع "Getty images" زيارة رسمية للملكة إليزابيت إلى الجزائر تنقلت فيها عن طريق اليخت الملكي "بريتانيا" برفقة زوجها الراحل الأمير فيليب والوزير دوغلاس هيرد، إلى بلدية تنس التابعة لولاية الشلف، أياماً بعد أكبر زلزال في تاريخ الجزائر ضرب مدينة "الأصنام" التي تسمى الشلف حالياً لتقديم واجب العزاء والتضامن مع أهالي الضحايا.
وتعرضت "الأصنام" في 10 أكتوبر 1980 عند الساعة 13:25 ظهراً لهزة أرضية عنيفة بلغ مقدارها 7.3 درجة على مقياس "ريختر"، دمرت 80 في المئة من المدينة وخلفت 2633 قتيلاً.
حينها تفقدت الملكة إليزابيت الثانية وزوجها الأمير فيليب المتضررين من الزلزال في مستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة وكان يرافقها في الزيارة الرسمية الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد.
الصديقة الوفية
كما انتقلت الملكة الراحلة خلال زيارتها للجزائر إلى موقع الآثار الرومانية بولاية تيبازة وتجولت عبر معالمها التاريخية، وتيبازة هي مدينة جزائرية تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط وتبعد من مدينة الجزائر العاصمة 75 كيلومتراً غرباً وأسسها الفينيقيون كإحدى مستعمراتهم التجارية وكانت لها مكانة مرموقة لديهم.
وعلى أثر وفاة الملكة الأم، قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إن الجزائر تفقد برحيل الملكة إليزابيث واحداً من أصدقائها الأوفياء في كل الظروف والمراحل التي مرت بها، وأبرز الرئيس في رسالة تعزية إلى الملك البريطاني تشارلز دور الفقيدة في الارتقاء بعلاقات الصداقة بين البلدين، مؤكداً للملك الجديد "وقوف الشعب الجزائري إلى جانبكم في هذه المحنة التي ألمت بالعائلة الملكية الفاضلة وبالشعب البريطاني الصديق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وورد في الرسالة "تلقينا ببالغ الحزن وعميق الأسى نبأ وفاة جلالة ملكة بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية إليزابيث الثانية وإنه لا يسعني إلا أن أتقدم باسم الشعب الجزائري وحكومته وأصالة عن نفسي إلى الأسرة الحاكمة الفاضلة والشعب البريطاني بأصدق عبارات التعازي وأخلص مشاعر التضامن والمواساة".
وأضاف تبون "إنه لمصاب جلل رحيل إحدى ركائز المملكة البريطانية المتحدة وحكمائها المخضرمين الذين نذروا حياتهم لخدمة بلدهم. ونحن اليوم نستحضر إسهاماتها الخالدة ومبادراتها الرائدة لضمان السلام والاستقرار والتقدم في درب التطور والرخاء للشعب البريطاني، مسايرة بكل حكمة وبصيرة التغيرات والتحولات التي شهدتها الساحة الدولية بكل أبعادها، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية طيلة السنوات السبعين لحكمها".
وتابع الرئيس تبون "إذ تعتز الجزائر بالعلاقات المميزة التي تجمعها بمملكة بريطانيا المتحدة فإننا نؤكد دور الفقيدة في الارتقاء بالعلاقات الثنائية تجسيداً لعلاقات الصداقة بين شعبينا ولتطلعاتهما المشتركة نحو مزيد من التقدم والازدهار".
علاقات ممتدة
وأعربت السفارة البريطانية عن امتنانها لرسالة التعزية التي أرسلها تبون نيابة عنه وعن الشعب الجزائري إلى الملك تشارلز الثالث لتعزيته في وفاة الملكة إليزابيث الثانية.
وقالت السفيرة شارون ووردل في تغريدة عبر حسابها على "تويتر"، "امتناني العميق لرئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون والشعب الجزائري على رسائل التعزية وأكرر الالتزام المشترك بقوة علاقتنا الثنائية".
وكانت الملكة إليزابيث الثانية من الشخصيات التي تقدم التهاني للشعب الجزائري في المناسبات التاريخية، ففي رسالة لها في الفاتح من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019 هنأت الملكة الجزائر لمناسبة ذكرى اندلاع ثورة التحرير وقالت السفارة البريطانية في العاصمة على صفحتها الرسمية بموقع "تويتر" حينها، "لمناسبة الاحتفال باليوم الوطني، أرسلت جلالة الملكة إليزابيت رسالة تتقدم فيها بالتهاني مع أطيب تمنياتها بالسعادة والازدهار للشعب الجزائري في العام المقبل".