هبط الجنيه المصري إلى مستوى قياسي مقابل الريال السعودي الإثنين الماضي، الـ 12 من سبتمبر (أيلول)، بعد أن سجل سعر البيع على شاشات البنك المركزي المصري 5.16 جنيه، في وقت وصل سعر الشراء إلى 5.13 جنيه.
وكان سعر صرف الريال السعودي تخطى حاجز الخمسة جنيهات مصرية للمرة الأولى في تاريخ العملتين في الـ 14 من يونيو (حزيران) 2022.
وهبط سعر صرف الجنيه المصري مقابل الريال في البنوك التابعة للدولة "الأهلي المصري" و"بنك مصر والقاهرة" عند 5.13 جنيه للشراء و5.15 للبيع.
بينما سجل سعر صرف الريال السعودي مقابل نظيره المصري 4.15 جنيه مطلع شهر يناير (كانون الثاني) 2022، ثم بدأت وتيرة الارتفاع على فترات متقاربة، وقفز خمسة قروش كاملة مع اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية مسجلاً 4.20 جنيه في الأول من مارس (آذار) الماضي.
أكبر قفزة في 2020
وكانت القفزة الأكبر بين العملتين المصرية والسعودية لمصلحة الأخيرة بمقدار 66 قرشاً في اليوم الأول لقرار البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ما يعادل الواحد في المئة صباح يوم الـ 21 من مارس الماضي، وهو القرار الذي أعقبته الحكومة المصرية بخفض قيمة عملتها بما لا يقل عن 18 في المئة، وفي يوم الـ 22 من الشهر ذاته قفزت العملة السعودية بمقدار ثمانية قروش أخرى لتصل إلى ذروتها آنذاك مسجلة 4.96 جنيه مقابل كل ريال سعودي.
وبعد 60 يوماً من الشد والجذب بين العملتين صعوداً وهبوطاً فك الريال السعودي الموقف لمصلحته ليسجل أعلى مستو له أمام نظيره المصري في الـ 14 من يونيو الماضي، ثم كسر هذا الرقم الأعلى مسجلاً مساء الإثنين الماضي المستوى التاريخي الأعلى عند 5.16 جنيه مقابل كل ريال.
وحلق الدولار الأميركي أمس الثلاثاء، وارتفع المؤشر الذي يقيس قيمة العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات، من بينها اليورو، 1.5 في المئة إلى 109.85، في أكبر مكسب يومي له بالنقطة المئوية منذ مارس 2020.
وعلى رغم ذلك لا يزال دون أعلى مستوى خلال 20 عاماً عند 110.79 سجله الأسبوع الماضي، وتحول المؤشر إلى الصعود بعد نشر بيانات التضخم التي أظهرت ارتفاعاً أكبر من المتوقع في التضخم بالولايات المتحدة، مما يعني أن مجلس الاحتياط الاتحادي (المركزي الأميركي) قد يعلن زيادة كبيرة في أسعار الفائدة، وفقاً لما نقلته وكالة "رويترز".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لتقرير لوزارة العمل الأميركية فقد سجلت أسعار المستهلكين ارتفاعاً مفاجئاً في أغسطس (آب)، كما ارتفع التضخم الأساس وسط ارتفاع كلف الإيجار والرعاية الصحية، وسجل مؤشر أسعار المستهلكين الرئيس على أساس سنوي عن شهر أغسطس ارتفاعاً بنسبة 8.3 في المئة.
ويتوقع خبراء "داو جونز" أن يتباطأ ارتفاع التضخم ويسجل 8.1 في المئة، بينما يرجح خبراء "كريدي سويس" أن يرتفع بـ 7.9 في المئة تراجعاً من الارتفاع بـ 8.5 في المئة في القراءة السابقة عن شهر يوليو (تموز).
واعتبر محللون في حديثهم إلى "اندبندنت عربية" أن الحراك بين العملة المصرية والسعودية منذ مارس الماضي طبيعي في ظل خفض القاهرة قيمة عملتها في مقابل العملة الأميركية في وقت لا تزال الرياض مرتبطة بالدولار، لكنهم أكدوا أن هذا التراجع قد يكون على المدى البعيد في مصلحة الاقتصاد المصري بزيادة الاستثمارات السعودية في مصر.
الربط بين الريال والدولار وفك الارتباط مع الجنيه
وأرجع المتخصص في شؤون المصارف هشام إبراهيم تحركات الريال السعودي أمام الجنيه المصري هذا العام إلى قرار البنك المركزي المصري خفض العملة المحلية أمام الدولار الأميركي بأكثر من 25 في المئة منذ مارس 2022.
وأوضح أنه "في المقابل العلاقة بين الدولار الأميركي والريال السعودي ثابتة نظراً لتثبيت السعودية سعر صرف عملتها مقابل العملة الخضراء، ولذلك فكل خفض في العملة المصرية سيصب في جانب العملة السعودية بشكل مباشر".
من جانبه، قال المحاضر بالجامعة الأميركية في القاهرة هاني جنينة إن "معظم عملات دول الشرق الأوسط تقيم عملتها بسلة من العملات الكبرى عالمياً"، موضحاً أن "سلة مؤشرات الجنيه المصري تضم الدولار الأميركي والجنيه الاسترليني والين الياباني والعملة الأوروبية الموحدة اليورو واليوان الصيني".
وأكد جنينة أن "نظام سلة العملات هو أن يقوم البنك المركزي في أية دولة مثل مصر بتحديد معدل سعر الصرف قياسياً إلى مجموعة من عملات منتقاة وفقاً لقوتها عالمياً وكثافة التجارة البينية بين الدولة والدول صاحبة هذه العملات"، مشيراً إلى أن "البنك المركزي يحدد أوزاناً نسبية لكل عملة، والقاهرة والرياض يعملان وفق نظام سلة العملات، وبالتالي فعند ارتفاع مؤشر الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري سينعكس ذلك على سعر صرف الجنيه مقابل الريال السعودي".
في الأثناء، يترقب مجتمع المال والأعمال الاجتماع السادس للجنة السياسة النقدية المنبثقة من البنك المركزي المصري يوم الـ 22 من سبتمبر الحالي لبحث موقف أسعار الفائدة من جديد بعد رفعها بمقدار 300 نقطة أساس، أي ما يعادل الثلاثة في المئة، خلال اجتماعين متتالين، الأول في جلسة أطلق عليها استثنائية في الـ 21 من مارس 2022، ثم التالي في الـ 19 من مايو (أيار)، قبل أن يثبت أسعار الفائدة خلال اجتماعيين متتاليين أيضاً، الأول في الـ 23 من يونيو ثم في الـ 18 من أغسطس الماضي، لتصل مستويات أسعار الفائدة قبل انعقاد الاجتماع السادس عند 11.25 و12.25 و11.75 في المئة على التوالي.
وكان أول اجتماعات لجنة السياسة النقدية لهذا العام في شهر فبراير (شباط) 2022 وانتهى بتثبيت الأسعار قبل اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية بثلاثة أسابيع تقريباً.
رب ضارة نافعة
بدوره رأى رئيس الاتحاد المصري للمستثمرين محرم هلال أن هبوط قيمة العملة المصرية في مقابل الريال السعودي أو عملات لدول خليجية أو عالمية له جوانب إيجابية أخرى، مضيفاً أن "انخفاض قيمة العملة المحلية يفتح الباب أمام المستثمرين العرب والأجانب لضخ مزيد من الاستثمارات الأجنبية على أرض مصر".
وأوضح أن "دخول المستثمر إلى القاهرة لضخ استثمارات يكون قطعاً بالدولار الأميركي، لكن كلفة التشغيل والعمالة والأجور والرواتب والضرائب وكلفة النقل وغيرها تكون أقل من دول أخرى في المنطقة"، مؤكداً أن "تراجع قيمة الجنيه أمام الريال جيد ومفيد على المدى البعيد للاقتصاد المصري، خصوصاً مع توافد الاستثمارات السعودية والخليجية بداية من العام الحالي".
وفي الـ 21 من يونيو الماضي وقعت القاهرة والرياض 14 اتفاقاً ومذكرة تفاهم على هامش زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر ضمن جولة في عدد من دول المنطقة شملت الأردن وتركيا آنذاك.
ووفقاً لبيانات رسمية صادرة من القاهرة والرياض فقد أثمرت الزيارة عن توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم بين البلدين بلغت نحو 14 اتفاقاً، سواء بين الحكومة المصرية ونظيرتها السعودية، أو بين القطاع الخاص في الدولتين بقيمة تصل إلى 7.7 مليار دولار أميركي.
وفي يونيو الماضي أظهرت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع حجم وقيمة التبادل التجاري بين القاهرة والرياض ليصل إلى 9.1 مليار دولار في 2021، بزيادة وصلت إلى 62 في المئة مقارنة بعام الجائحة، وبلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 5.6 مليار دولار.
وصدرت القاهرة إلى الرياض في 2021 سلعاً قيمتها 2.2 مليار دولار في مقابل 1.9 مليار دولار في العام السابق، بنسبة ارتفاع قدرها 17 في المئة، فيما صدرت الرياض إلى القاهرة بضائع وسلعاً بقيمة 6.9 مليار دولار العام الماضي في مقابل 3.7 مليار دولار في عام الجائحة بنسبة ارتفاع بلغت 84 في المئة تقريباً.