يشعر المستثمرون بالفزع من أن الزيادات الشديدة في أسعار الفائدة الفيدرالية يمكن أن تلحق الضرر بالاقتصاد الأميركي، وهناك مجال واحد يثير القلق المتزايد وهو قطاع الإسكان، حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري، مما قد يدفع الناس إلى التفكير كثيراً قبل شراء منزل. وحتى الآن تتراجع المبيعات بينما تظل الأسعار ثابتة، لكن بعض الاقتصاديين يحذرون من أن استمرار رفع أسعار الفائدة التاريخي من قبل الاحتياطي الفيدرالي قد يؤدي إلى انهيار سوق الإسكان، مما يؤكد المهمة الصعبة التي تنتظر البنك المركزي الأميركي خلال الفترة المقبلة. ما يحدث، وفقاً لتقرير مؤشر أسعار المستهلك، فقد ارتفعت تكاليف الإسكان بنسبة 0.7 في المئة خلال شهر أغسطس (آب)، وارتفعت بنسبة 6.2 في المئة على أساس سنوي، وهي أكبر زيادة منذ عام 1991، وكانت تلك الزيادة مسؤولة إلى حد كبير عن وتيرة التضخم الأعلى من المتوقع في أغسطس الماضي.
وإلى جانب سوق العمل الضيق، فإن هذه الأسعار المرتفعة تعطي بنك الاحتياطي الفيدرالي سبباً لمواصلة العمل بجد في اجتماع السياسة الأسبوع المقبل وما بعده، وفق ما ذكره مارفن لو، كبير المحللين في "ستيت ستريت"، وأشار إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى أن يرى تكاليف الإسكان تخفف بنحو نصف نقطة مئوية للوصول إلى هدف التضخم النهائي، لكن لن تكون المهمة سهلة ويمكن أن تظل أسعار المساكن مرتفعة ومستمرة في الارتفاع حتى عندما يعمل بنك الاحتياطي الفيدرالي على مواجهتها.
المركزي الأميركي
يرى جوزيف بروسولاس، كبير الاقتصاديين في "آر أس أم يو أس"، أن أسعار المساكن هي "نوع التضخم الثابت الذي لن يخف في أي وقت قريب، لهذا السبب سيحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى إظهار العزم من خلال زيادة معدل السياسة بمقدار 75 نقطة أساس في اجتماعه خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، على الرغم من الانخفاضات المشجعة في النقل والطاقة". في ما يتعلق بالمخاطر، يلاحظ بعض الاقتصاديين أن الضعف في سوق الإسكان بدأ في الظهور، وقد تراجعت مبيعات المنازل في يوليو (تموز) الماضي للشهر السادس على التوالي، كما تراجعت بدايات الإسكان وهي مقياس لبناء المنازل الجديدة في ذلك الشهر، حيث ظلت تكلفة مواد البناء مرتفعة وتم تسعير المشترين المحتملين من السوق.
لكن هل ينبغي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يواصل ارتفاعاته التاريخية لأسعار الفائدة؟ يجب على البنك المركزي الأميركي أن يسير بخطى حذرة، فقد سبق وأن تباطأ الإسكان وشهد تسع حالات ركود من أصل 12 حالة ركود سابقة، ولم ينس المستثمرون أزمة الإسكان الكارثية في السوق الأميركية خلال عام 2008.
وعلى الرغم من وجود بعض الأسباب التي تشير إلى أن تقرير مؤشر أسعار المستهلكين عن تأخر الإسكان هو ما يحدث بالفعل في السوق، وأن أسعار المساكن قد تكون في طريقها بالفعل إلى الانخفاض، لكن السوق مازالت بعيدة بشكل نسبي من الانهيار، ومع ذلك، سيواجه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قراراً صعباً خلال الأشهر المقبلة، فهل يستخدمون مرونة سوق الإسكان باعتبارها تفويضاً للمضي قدماً في رفع أسعار الفائدة بشكل مكثف والمخاطرة بالانهيار؟
صدمة أكبر من فاتورة التدفئة خلال الشتاء المقبل
لكن في الوقت نفسه، يجب على الأميركيين الاستعداد لصدمة فاتورة التدفئة هذا الشتاء، فأسعار الغاز تتراجع في الولايات المتحدة، لكن الشتاء قادم ويحذر الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون" (إحدى أكبر شركات الطاقة في العالم) من أن تراجع أسعار الطاقة في الوقت الحالي، قد يتم تعويضها قريباً بفواتير التدفئة المرتفعة في الشتاء التي تسبب مزيداً من الألم للأسر الأميركية.
وقال مايك ويرث رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون"، إن "هناك بالتأكيد خطراً من أن ترتفع التكاليف" بالنسبة إلى المستهلكين الأميركيين، ولا يتوقع ويرث ارتفاعاً في الحجم الذي شوهد في أوروبا، حيث ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير نظراً لأن صادرات روسيا أصبحت محدودة، وحذر من أن الأسعار في الولايات المتحدة قد تكون "أعلى بكثير" هذا الشتاء. ولا تزال أسعار النفط مرتفعة بأكثر من 15 في المئة حتى الآن هذا العام، وقد ساعد ذلك في تعزيز المبيعات والأرباح وأسعار أسهم شركات مثل "شيفرون"، وارتفعت أسهم منتج النفط بنسبة 36 في المئة منذ بداية العام، بينما انخفض مؤشر "ستاندار آند بورز 500" الأوسع بنسبة 17.5 في المئة منذ بداية العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعترف ويرث بأن شركته تحقق أرباحاً كبيرة بينما يكافح الأميركيون، وقال "أدرك أن ارتفاع أسعار الطاقة صعب على المستهلكين، ولهذا تحدثنا عن زيادة الإنتاج ومحاولة زيادة المعروض للأسواق في أعمال السلع... أنت تمر بهذه الدورات... قبل عامين، كنا نخسر مليارات الدولارات والآن نحقق أرباحاً كبيرة".
المستثمرون يواصلون الاحتفاظ بالسيولة
في مزيد من الكآبة والكآبة في "وول ستريت"، يبيع مديرو الصناديق المتشائمون الأسهم ويفضلون السيولة، وفقاً لمسح أجراه "بنك أوف أميركا" نُشر. وكتب مايكل هارتنت ، كبير محللي الاستثمار في "بنك أوف أميركا"، في التقرير الذي شمل 212 مدير صندوق مع أكثر من نصف تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة في سبتمبر "إن تصور المستثمرين لتوقعات الاقتصاد العالمي لا يزال قاتماً في سبتمبر". فقد توقع حوالى 72 في المئة من المستطلعين ضعف الاقتصاد في الأشهر الـ 12 المقبلة، بزيادة خمس نقاط مئوية عن توقعات أغسطس الماضي. وارتفعت حصة المستثمرين الذين يقولون إن الركود على الأرجح في سبتمبر إلى 68 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ مايو (أيار) 2020. وأظهر الاستطلاع أنه من غير المستغرب أن تستعد "وول ستريت" لتراجع أرباح الشركات واستمرار انهيار الأسهم، وقفزت المستويات النقدية التي يحتفظ بها المستثمرون من 5.7 في المئة خلال الشهر الماضي إلى 6.1 في المئة، وهو أعلى مستوى لها منذ هجمات الـ11 من سبتمبر عام 2001.