فكرتها ونصها صنعا من أجل إشراك ذوي "طيف التوحد" بعد إقامة لقاءات معهم ودراسة إمكانات كل شخص منهم. هكذا ولدت "مسرحية" أولى من نوعها في الرياض كان أفراد مجتمع "التوحد" بين أبطالها.
وأظهرت الدراسات أن ذوي اضطراب طيف التوحد لديهم الإرادة لمشاركة محيطهم، لكنهم يواجهون صعوبة في التواصل والتركيز، مما يؤدي إلى فقد هذه الإرادة والانعزال على الرغم من أنهم قد لا يتمكنون من إجراء محادثة ثنائية الاتجاه حول الموضوع ذاته في حين يتمتع عدد منهم بمواهب موسيقية أو قدرات متقدمة في مجال ما.
ربما يكون هذا ما حفز هيئة المسرح والفنون الأدائية التابعة لوزارة الثقافة في السعودية على تنظيم عرض مسرحي كوميدي بعنوان "صالة 4" ممتد على ثلاثة أيام من 16 إلى 18 سبتمبر (أيلول) 2022 بمشاركة نخبة من الممثلين داعمين لطاقم التمثيل الذي هو في الأساس من ذوي طيف التوحد وذلك في سياق دعم الإنتاج المسرحي لمصلحة جمعية أسر التوحد الخيرية.
وذكرت الأمين العام للجمعية أريج المعلم أنه "للمرة الأولى على مستوى السعودية تطلق مسرحية أبطالها من هذه الشريحة وخطوتنا المقبلة هي تنظيم فعالية للفريق خارج السعودية لإبراز مواهب أعضائه".
الفن وسيلة دمج
تكمن أهمية الفن في نظر القائمين على التجربة في قدرته على فتح آفاق واعدة لدمج أرباب التوحد في المجتمع، نظراً إلى ما يتميز به المصابون بهذا المرض من قدرة على التعبير بأساليب غير لفظية عبر الموسيقى أو الدراما والفنون البصرية أو الرقص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المسرحية التي دارت أحداثها في محطة قطار متجه إلى المستقبل بشخصيات فكاهية وأدبية من التاريخ العربي والعالمي المعاصر تحت عنوان "صالة 4"، يذكر مخرج المسرحية راشد الورثان أن العمل "صنع من أجل إشراك ذوي طيف التوحد، فقبل تصميمه جرى اللقاء بهم والتعرف على إمكاناتهم، ثم بعد ذلك أعد النص على النحو الذي خرج إلى النور"، منوهاً إلى المحاذير التي يجب أخذها في الاعتبار من ناحية العبارات المختارة والجمل، كما ارتبطت فكرة المسرحية بالمجتمع الذي "يأخذ كل أطيافه معه إلى المستقبل في رحلة لا ينبغي أن يتخلف عنها أحد".
ليس إعاقة بل قدرة مختلفة
يملك ذوو اضطراب طيف التوحد مواهب بحاجة للتبني والعمل عليها وإبرازها للمجتمع، وفقاً للمتخصصة في حقلهم أريج المعلم التي اعتبرت أن "الفكرة من خلال هذه الشراكة المجتمعية التي ظهرت في المسرحية أن تكون نموذجاً واعياً للعمل غير الربحي" لافتة إلى القبول الذي وجدته الفكرة بوجه عام، مما أدى إلى نفاذ تذاكر المسرحية في اليوم الثالث من الإعلان عنها، في وقت قياسي.
والتوحد في تقدير الناشطة السعودية ليس إعاقة، فهو بوصفها "قدرة مختلفة تجعل من كل طفل مصاب بالتوحد شخصاً فريداً، له قدرات ونقاط قوة وحاجات فريدة، كما يمكن للأطفال المصابين بالتوحد أن يزدهروا في بيئة إبداعية غير مقيدة، بيئة تسمح لهم بالتفكير في الصور بطريقة التدفق الحر".
إلى ذلك أعرب الممثلون المشاركون في العرض المسرحي عن حفاوتهم بالتجربة التي أكدوا أنها غير مسبوقة بالنسبة إليهم، فقال الممثل عصام البريمان الذي مثل دور قائد الرحلة "سعيد أنهم خاضوا معي تجربة فنية وتجربة إنسانية سأبقى فخوراً بها".