في صيف عام 2020 عندما بدأت أيديولوجية مؤامرة غامضة تسمى "كيو أنون" QAnon في الظهور، قال الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب إنه لم يسمع بالحركة أبداً إلا أن مؤيديها [بحسب ترمب] كانوا وطنيين ويجب الثناء عليهم لدعمهم إدارته.
ووفقاً لما قاله ترمب في إحاطة صحافية في البيت الأبيض في أغسطس (آب) من ذلك العام: "لقد سمعت أنهم أشخاص يحبون بلدنا". وأضاف: "لا أعرف حقاً أي شيء عن الأمر ما عدا أنه من المفترض أنهم يحبونني".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يبد أن الرئيس غير وجهة نظره حينما أوضح أحد المراسلين مدى غرابة مزاعم هذه الحركة وإدعاءها بأن عصبة من الديمقراطيين عبدة الشيطان والمتحرشين بالأطفال هم الذين يسيطرون على "الدولة العميقة" ولا يمكن لأحد أن يلحق بهم الهزيمة سوى السيد ترمب.
رد ترمب حينها قائلاً: "لم أسمع بذلك، ولكن هل من المفترض أن يكون ذلك أمراً سيئاً أم حسناً؟". متابعاً: "إذا كان بإمكاني المساعدة في إنقاذ العالم من المشكلات فأنا على استعداد للقيام بذلك".
وبعد عامين يبدو أن الرئيس السابق قد تبنى كلياً آراء "كيو أنون" تزامناً مع تحضير نفسه لاحتمال خوض السباق الرئاسي في عام 2024. ففي صورة نشرها لنفسه هذا الأسبوع على منصته "تروث سوشال" Truth Social [الحقيقة] ظهر ترمب وهو مرتدياً شعار "كيو أنون" جنباً إلى جنب مع عبارات غامضة شائعة لدى الحركة مثل "WWG 1 WGA" [اختصاراً لشعار "where we go one، we go all" الذي يعني: أينما يذهب أحدنا، يذهب جميعنا] و"العاصفة قادمة"، إشارة إلى اعتقاد الحركة بأن السيد ترمب سيعود إلى السلطة ويحاكم أعداءه علناً بتهمة الخيانة.
من الواضح أن أتباع الوهم الجمعي قد التقطوا رسالة السيد ترمب بوضوح، كما أنه يبدو أن أنصار منصة "تروث سوشال" يحبون إعادة "نشر الحقائق". كتب أحدهم: "الرب آت بالعاصفة، دونالد ترمب يحشد القوات".
وفي منتديات أخرى للحركة كتب مستخدم آخر: "يبدو الأمر وكأن ترمب يحاول إخبارنا بشيء".
وفي وقت سابق من هذا الشهر اختتم الرئيس السابق جولة في بنسلفانيا بأغنية للحركة بعنوان "WWG 1 WGA" التي تعني "أينما يذهب أحدنا، يذهب جميعنا".
في أغسطس الماضي أعاد الرئيس السابق نشر ما يسمى رسائل "قطرات كيو" Q drops من المؤامرات المفترضة لجواسيس الحكومة على منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي.
تحركات ترمب الأخيرة تشير إلى تصعيده الواضح في احتضانه العلني للحركة التي كان أتباعها من بين أولئك الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، وكذلك الذين شاركوا في حوادث عنف أخرى في جميع أنحاء البلاد.
ويظهر تحليل قامت به وكالة "أسوشيتد برس" AP لسلوك الرئيس السابق على وسائل التواصل الاجتماعي أن أكثر من ثلث الحسابات التي روج لها على شبكة "تروث" الاجتماعية يبدو أنها تعود لأنصار حركة "كيو أنون".
وقد اتصلت "اندبندنت" بالسيد ترمب للتعليق على الموضوع.
هذه كانت آخر التطورات في مسيرة مغازلة الرئيس السابق الطويلة مع الحركة التي تدعم طموحاته السياسية. وحين كان ترمب في البيت الأبيض، دافع مسؤولو إدارته عن هذه العلاقة. ففي عام 2020 وبحسب السكرتير الصحافي للبيت الأبيض آنذاك، كايلي ماكناني: "[ترمب] يعتقد أن أنصاره أشخاص جيدون يعملون بجد ويحبون هذا البلد"، مضيفاً أن [الرئيس] ليس ممن يرون أنهم "حفنة من اليائسين" [القول لهيلاري كلينتون في انتخابات 2016].
وفي اجتماع لكبار الجمهوريين في العام نفسه، أذهل السيد ترمب الحاضرين بقوله إن مؤيدي كيو أنون -الذين يريد البعض منهم من السيد ترمب إعدام كبار الديمقراطيين- أناس "يؤمنون أساساً بالحكم الرشيد"، وفقاً لما ذكرته "واشنطن بوست".
مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI كان قد حذر في عدة مناسبات من أن حركة "كيو أنون" تمثل تهديداً عنيفاً للسلامة العامة، لكن ذلك لم يمنع السيد ترمب من دعم السياسيين المتعاطفين مع الحركة مثل عضو الكونغرس عن ولاية جورجيا مارغوري تايلور غرين.
كما أصبح مسؤولون سابقون في إدارة ترمب مثل مستشار الأمن القومي السابق المخلوع مايكل فلين من أتباع حركة "كيو أنون".
© The Independent