سقط الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي مجدداً إلى مستوى تاريخي وقياسي، الثلاثاء 27 سبتمبر (أيلول)، بعدما هوى على شاشات البنك المركزي إلى 19.54 جنيه مقابل كل دولار لسعر البيع بينما وصل سعر الشراء إلى 19.46 جنيه مقابل كل جنيه بزيادة ثلاثة قروش عن أسعار الصرف، أمس الإثنين.
وفي البنوك التابعة للدولة والأخرى التابعة للقطاع الخاص كان التراجع أيضاً سيد الموقف، إذ سجل سعر صرف الجنيه المصري 19.52 جنيه مقابل كل دولار لسعر البيع في حين سجل سعر الشراء 19.46 جنيه لكل دولار، بينما وصل سعر البيع في بنك مصر المملوك للحكومة المصرية إلى 19.52 جنيه مقابل كل دولار في وقت سجل سعر الشراء 19.46 جنيه، وبالمستويات ذاتها بالنسبة إلى بنك القاهرة التابع للحكومة المصرية.
على مستوى البنوك العاملة في القطاع الخاص في البلاد سجل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في البنك التجاري الدولي (أكبر ذراع مصرفية بالقطاع الخاص) 19.54 جنيه مقابل كل دولار لسعر البيع في حين وصل سعر الشراء إلى 19.48 جنيه، بينما سجل سعر بيع الجنيه في بنك الإسكندرية 19.55 جنيه مقابل كل دولار، فيما سجل سعر الشراء 19.49 جنيه وزحف سعر الدولار الأميركي إلى 19.54 جنيه ببنك البركة وسجل سعر الشراء 19.44 جنيه.
وكان الهبوط التاريخي الأكبر للجنيه المصري مقابل العملة الخضراء في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2016 عندما سجل الدولار 19.51 جنيه بعد قرار تحرير سعر صرف العملة المحلية (التعويم) في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
خفض تدريجي
محللون قالوا لـ"اندبندنت عربية" إن تحركات الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري طبيعية في ظل خفض تدريجي للعملة المحلية للوصول إلى قيمة عادلة حقيقية للعملة الوطنية في الأسواق العالمية على وقع مفاوضات القاهرة مع صندوق النقد الدولي.
وأوضحت المتخصصة في أسواق المال رانيا يعقوب أن "البنك المركزي المصري يواصل خفضه للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، خصوصاً الدولار الأميركي بشكل تدريجي متفق عليه مع صندوق النقد الدولي"، معربة عن اعتقادها بأن "المفاوضات الدائرة بين القاهرة ومسؤولي الصندوق انتهت إلى ضرورة الخفض التدريجي للعملة بعيداً من الخفض المفاجئ كأحد مطالب الصندوق في بداية المفاوضات" وتابعت أن "الخفض التدريجي أفضل على أية حال حتى لا تندفع أسعار السلع والخدمات الأساسية إلى أعلى من دون ترويض".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته وصف المتخصص في شؤون المصارف ماجد فهمي، ما يحدث بين العملتين المصرية والأميركية بفك الارتباط تدريجاً، قائلاً إنه "من الواضح أن المفاوضات بين القاهرة وصندوق النقد أشرفت على النهاية والإعلان عن الاتفاق على القرض وقيمته بات قريباً" موضحاً أن "كل أسبوع تتحرك العملة الخضراء مقابل الجنيه بمقدار ثلاثة أو أربعة قروش وهذا يعني أنه مع نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) سيصل سعر صرف الدولار مقابل الجنيه إلى حدود 21.50 جنيه مقابل كل دولار تقريباً وهو السعر التي تعتبره أسواق الصرف العالمية سعراً حقيقياً وعادلاً نوعاً ما".
في تلك الأثناء تواصل القاهرة مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي بدأت منذ خمسة أشهر للحصول على تمويل جديد لا تقل قيمته عن 5 مليارات دولار لدعم الخزانة العامة للدولة والبنك المركزي بهدف تلبية مطالب الأسواق المحلية والمستوردين من خارج البلاد بالدولار الأميركي في ظل شح العملة الأجنبية حالياً.
القيمة العادلة للجنيه
وترى بنوك الاستثمار العالمية أن مفاوضات القاهرة مع صندوق النقد تدفعها إلى خفض عملتها المحلية، إذ قال بنك "غولدمان ساكس" في تقرير سابق في شهر أغسطس (اب) الماضي إن "العملة المصرية مبالغ فيها بنسبة لا تقل عن 10 في المئة" وأشار إلى أنه "لا سبيل سوى انخفاض الجنيه المصري"، وأكدت وكالة "بلومبيرغ" توقعات "غولدمان ساكس" إذ أوردت في وقت سابق أن "الضغوط تتزايد على القاهرة مع مفاوضات القرض وتدني العملة الأجنبية وعلى رغم انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي بأكثر من 15 في المئة إلا أن القاهرة في حاجة لخفض جديد لا يقل عن 23 في المئة لدعم الاقتصاد المصري وتقليص فجوة التمويل وجذب الاستثمارات الأجنبية".
وفي الأسبوع الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي أعلن البنك المركزي المصري عن تراجع جديد في رصيد الاحتياطي الأجنبي من العملات الأجنبية، إذ سجل في نهاية أغسطس نحو 33.141 مليار دولار متدنياً 0.07 في المئة عن رصيده في نهاية يوليو (تموز) عندما وصل إلى 33.143 مليار دولار.
من جهتها قالت المتخصصة في أسواق المال رضوى السويفي إن "متوسط القيمة العادلة للعملة المصرية هو 21 جنيهاً مقابل الدولار" متوقعة أن تصل القيمة بين العملتين إلى هذا المستوى قبل نهاية العام الحالي 2022" وفسرت ذلك بحجم الطلب الكبير المتراكم على العملة الصعبة في السوق مع تأزم موقف مصادر تمويل الخزانة المصرية من العملات الأجنبية.
وتتلقى الخزانة العملات الأجنبية، خصوصاً الدولار من خلال خمسة روافد رئيسة هي الإيرادات المحققة من قناة السويس المصرية وإيرادات السياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج والصادرات وأخيراً الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تشهد تراجعاً في الأعوام الأخيرة إذ أشار تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في منتصف يونيو (حزيران) 2022 إلى أن "قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر شهدت تراجعاً بنسبة 12 في المئة عام 2021، على رغم احتلال القاهرة المركز الثاني كأكبر متلق للاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا" ووفقاً للتقرير استفادت مصر من استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 5.12 مليار دولار العام الماضي بانخفاض من 5.9 مليار دولار عام 2020 لتخالف الاتجاه العالمي الذي شهد تعافي التدفقات الوافدة بنسبة 64 في المئة مقارنة بالتباطؤ الناجم عن الجائحة العالمية عام 2020.