حذّر رئيس جهاز الخدمة المدنية البريطانية سابقاً، من أن رئاسة بوريس جونسون للحكومة المقبلة قد توفر "الفرصة لكارثة"، فيما تواجه بريطانيا "أخطر" وضع عاشته منذ عقود، وذلك بسبب بريكست.
يُذكر ان هذا الحكم اللاذع جاء رداً على تعهد جونسون، وهو وزير الخارجية السابق والمرشح الأوفر حظاً لزعامة حزب المحافظين، بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول عيد القديسين (هالاوين) المصادف 31 أكتوبر(تشرين الأول) المقبل، باتفاق أو من دون اتفاق، وهو تعهد يجعل مصير البلاد "رهينة تماماً بيد الحظ"، على حدّ قول اللورد كرسليك.
راى كبير موظفي بريطانيا السابق إن بوريس جونسون إذ يقيد نفسه، بشكل قاطع، بتنفيذ بريكست في31 أكتوبر، فهو قد صار كـ "ساحر مُسلٍّ للمشاهدين" ارتدى السترة المخصصة لتقييد المجانين، واقفل الباب وراءه، ثم فتَحَ صنبور الماء".
وأضاف اللورد كرسليك، أن ملف بريكست "شلّ تماما" كلا من البرلمان والحكومة، ما تسبب في ظهور واحدة من أكثر الفترات المعاصرة تشرذما، إذ تواجه بريطانيا "أخطر" وضع عاشته خلال حياته المهنية الطويلة.
يُشار إلى أن الموظف الكبير السابق وجّه انتقاداته هذه بعدما أثار جونسون صخبا إعلاميا واسعاً يوم الثلاثاء الماضي بإصراره على أن الخروج من الاتحاد الاوروبي لابد منه كمسألة "حياة أو موت"، مستبعداً بشكل قطعي أي تمديد إضافي لمهلة تنفيذ بريكست إلى ما بعد عيد القديسين (هالاوين) المقبل، وهو التاريخ المنصوص عنه في الاتفاق الأخير بين الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي.
في هذا السياق، اعتبر جونسون إن التعديلات الطفيفة على اتفاق رئيسة الوزراء تيريزا ماي غير كافية، مؤكداً أن حكومته ستنفذ "اتفاقية خروج جديدة" على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي قال مرارا وتكراراً إن إعادة مفاوضات مع بريطانيا بشأن الاتفاق المبرم مع ماي، غير واردة على إطلاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى ذلك، قال رئيس جهاز الخدمة المدنية السابق في "محاضرة تشامبرلين" التي ألقاها الثلاثاء الماضي، إن ملف بريكست هو الذي أطاح عملياً ماي التي يعتبر جونسون أوفر المرشحين حظاً بخلافتها في 23 يوليو (تموز) الحالي. ورأى أن "بوريس وضَع في قلب حملته الالتزام بخروجنا من الاتحاد الأوروبي يوم 31 أكتوبر، باتفاق أو من دون اتفاق، وهذا تعهد يجعل مصير البلاد رهينة بيد الحظ".
وأضاف اللورد كرسليك " كان من الواضح في البرلمان نفسه، وبشكل مُحق في رأي أنا، أن غالبية النواب لن يؤيدوا الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. إنه مبدأ سليم دائما في السياسة، ألا تدخل غرفة إذا لم تكن تعرف أنك قادر على الخروج منها". وتابع "بوريس جونسون لم يدخل فقط الغرفة بل ارتدى السترة المخصصة لتقييد المجانين أيضا، وأقفل الباب ثم فتح صنبور الماء".
ومضى اللورد كرسليك الذي تعاون مع جونسون بشأن ملف سياسة الإسكان، وذلك حين كان هذا الأخير محافظ لندن، موضحاً "لا أتذكر أنه قرأ أيا من المذكرات التي أعددتها، بل كان يفهم هذه القضايا بسرعة وكان شخصاً يرتاح المرء للعمل معه".
وأضاف الموظف الرفيع المستوى سابقاً "مع ذلك، أتذكر جملة قالها بوريس على سبيل المزاح، بعد واحدة من الحوادث التي آذى نفسه فيها : تذكّر فقط أنه بعد كل كارثة تأتي فرصة ما... ثم توقف قليلا وأضاف : أو في حالتي، فرصة لكارثة أخرى...". واردف اللورد كرسليك " بوريس كرئيس وزراء لن يكون سوى فرصة أخرى لكارثة".
وحذّر أيضا من أنه إضافة إلى ما تشهده المملكة المتحدة من "ميلودراما يومية" تتصل بملف بريكست، وبالتسابق على زعامة حزب المحافظين، فإنها تواجه "عقدا من الاضطراب" نتج من العولمة، والتغيرات الديمغرافية، والتغير التكنولوجي والتغير المناخي.
وفي هذا الصدد قال اللورد كرسليك إن قضايا " عميقة الجذور"، بنيها الضعف البنيوي في الاقتصاد وانعدام المساواة بين المناطق المختلفة في المملكة المتحدة، ستعرقل قدرة بريطانيا على الرد على "العناصر المسببة للإضطراب" الأربعة المذكورة آنفاً.
ودعا اللورد كرسلَيك الذي كان يتحدث في خطاب ألقاه في " برج بريتش تيليكوم " بوسط لندن، إلى إصلاح دستوري لنظام التصويت في المملكة المتحدة، إذ انتقد نظام "الأغلبية البسيطة" المتبع حاليا ، معتبراً أنه يشجع على "المقاربة العشائرية في السياسة".
وفي الوقت الذي يجادل الموظف الكبير سابقاً أن ثمة "حاجة لاشكّ فيها" إلى مجلس اللوردات، وهو عضو فيه منذ أربع سنوات، فإنه حضّ على اتخاذ قرار حول ما إذا كان يجب انتخاب أعضاء هذا المجلس، أو تعيينهم " أو ربما تطبيق مزيج من هذين الخيارين".
واعتبر اللورد كرلَيسك موضحا "عند ذلك نستطيع إجراء تغييرات أساسية نحن بحاجة إليها .. بالنسبة إلي، النموذج السائد في بلدان أوروبية أخرى بوجود مجلس تشريعي آخر يضم نوابا اختيروا من المناطق هو نموذج قوي.. وربما نستطيع الاستفادة من فرصة ترميم مبنى مجلس العموم بأخذه خارج لندن".
وخلُص اللورد كرسليك في خطابه إلى القول "ليس هناك شك بأن هذه البلاد تعيش أزمة عميقة، وأن هناك حاجة لتغيير جوهري".
وأضاف رئيس جهاز الخدمة المدنية السابق أن "البلاد هي حقا في وضع عصيب. نحن بحاجة إلى تغيير جذري كي يكون لنا أمل بالرد على القوى المسببة للإضطراب التي سنواجهها في العقد المقبل. وكي نجعل اقتصادنا أكثر عدلا وإنتاجية وتوازنا، ونصيغ دستور مناسب لتحقيق أهدافنا".
وختم اللورد كرسليك خطابه معترفاً أن "قلقي الأساسي حيال حكومتنا المقبلة، سواء كانت عمالية أو محافظة أو ائتلافية، لايكمن في أنها ستكون راديكالية أكثر مما ينبغي بل في أنها لن تكون راديكالية بما فيه الكفاية".
© The Independent