اقتحم مودع غاضب مصرفاً في شرق لبنان للمطالبة بتحويل مبلغ لابنه المقيم في أوكرانيا، ضمن حلقة جديدة من حوادث مماثلة يقدم عليها مودعون يطالبون بأموالهم في بلد يرزح تحت أزمة اقتصادية خانقة.
وهذه الحادثة هي واحدة من ثلاث عمليات اقتحام الثلاثاء، الرابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وتعقب سبعة حوادث مماثلة الشهر الماضي دفعت بالمصارف إلى إغلاق فروعها لأسبوع قبل أن تعيد فتح أبوابها جزئياً وسط إجراءات أمنية مشددة، مستعينةً بمجموعات خاصة لحراسة فروعها إضافة إلى قوى الأمن الداخلي. وباتت غالبية المصارف تستقبل الزبائن بناءً على مواعيد مسبقة.
واقتحم المودع علي ديب الساحلي، صباح الثلاثاء، فرع مصرف "بي أل سي" في مدينة شتورة في منطقة البقاع (شرق البلاد)، وبحوزته سلاح، مطالباً بالحصول على وديعته التي تفوق قيمتها 24 ألف دولار، وفق ما أعلنت جمعية "صرخة المودعين"، وهي مبادرة مدنية تعنى بحقوق المودعين وتواكب تحركاتهم.
واستطاعت العناصر الأمنية توقيف المودع داخل المصرف، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الوطنية الرسمية.
تكلفة دراسة ابنه
وقال حسن مغنية من الجمعية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الساحلي، وهو متقاعد من قوى الأمن الداخلي وفي الخمسينيات من عمره، "سبق له أن توجه إلى المصرف لمرات عدة من أجل تحويل مبلغ مالي قدره 4430 دولاراً بدل سكن وتعليم لابنه الذي يتابع دراسته في أوكرانيا". وأضاف "رفض المصرف منحه المبلغ، فأقدم على اقتحام المصرف، واحتجز رهائن داخله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الساحلي أن ابنه طُرد من مسكنه لعدم سداد بدل الإيجار، ما اضطره إلى عرض كليته للبيع لتأمين المبلغ المطلوب. وأكد رفضه الخروج من المصرف قبل حصوله على كامل وديعته.
وتفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيوداً مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئاً فشيئاً، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم أو تحويلها إلى الخارج، خصوصاً تلك المودعة بالدولار الأميركي. وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها.
وينظم أهالي الطلاب في الخارج تظاهرات دورية للمطالبة بالسماح لهم بتحويل مبالغ لأبنائهم.
حوادث أخرى
وفي مدينة صور جنوباً، اقتحم المودع علي حسن حدرج فرع "بنك بيبلوس"، وفق ما أفادت جمعية "صرخة المودعين". وفي وقت لاحق، أفادت وسائل إعلام محلية بأنه تسلّم مبلغ 352 مليون ليرة من وديعته، ثم سلّم نفسه للقوى الأمنية.
وفي طرابلس شمالاً، اقتحم عدد من موظفي شركة كهرباء قاديشا مصرف "أف أن بي"، احتجاجاً على عدم تسلمهم رواتبهم ورفضاً لقرار المصرف فرض ثلاثة في المئة عمولة على كل راتب، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية الرسمية للإعلام.
وشهدت قاعات الانتظار في المصارف منذ بدء الأزمة المالية إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين تعليمات إداراتهم.
وتحولت مودعة اقتحمت مصرفاً الشهر الماضي، سعياً لدفع تكاليف علاج أختها المريضة بالسرطان، إلى "بطلة" بحسب ما وصفها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بعد تداول صورة تظهر فيها وهي تحمل مسدساً بينما تقف على مكتب أحد موظفي المصرف.
وتُعتبر الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان الأسوأ في تاريخه، وبات أكثر من 80 في المئة من سكان لبنان تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو 30 في المئة.